13 سبتمبر 2025
تسجيلكثرت القنوات الفضائية إلى الدرجة التى لا يستطيع أى إنسان عادى أن يكون على قدر من الإلمام بأسماء نصف أو حتى ربع تلك القنوات .. ويتبارى رجال المال والأعمال فى إمتلاك قناة أو أكثر لتكون سيفه البتار الذى يستغله فى التواجد على الساحتين الإجتماعية والسياسية .. وأيضا المالية والإقتصادية .. وهذا هو الأهم .. فضلا عن أنهم – أى رجال الأعمال – يروجون لأعمالهم عبر تلك الفضائيات .. ولا بأس من محاربة الأعداء وتصفية الحسابات المهنية والشخصية . ومن أجل تحقيق هذه الأهداف فإن أى رجل أعمال من هؤلاء لابد أن يرتدى مسوح الرهبان – مع إعتذارنا للرهبان بالقطع – فهو يختار عددا من المذيعين ومقدمى البرامج ويغدق عليهم المال ويطلقهم فى الفضاء الشاسع لتحقيق أهدافه .. وهؤلاء بدورهم يستغلون الفرصة ويبثون كل ما يروق لهم أو بالأحرى لصاحب القناة مستغلين حاجة الناس – كل الناس ولا أستثنى أحدا – إلى قضاء الوقت وهم ينظرون إلى شئ ما مثل الشاشة الصغيرة أثناء أكلهم وجلوسهم للتسامر أو السهر بعد الفراغ من أعمالهم .. وأحيانا أثناء تأدية أعمالهم أو حتى القراءة . وأعتقد أن كل ما جاء فى السطور السابقة معروف لكافة الناس .. ولكننى سأتناول الأمر من زاوية الخطر على أطفالنا وهو الأمر الذى درجنا عليه فى مقالاتنا الأخيرة . ومن المعروف كما أجمع على ذلك كل علماء التربية وعلم النفس أن الأطفال يميلون إلى التقليد بالفطرة .. ومن البديهى أن يقلد الأطفال أبويهم ثم تتسع الدائرة قليلا لتشمل المحيط الذى يعيش فيه الطفل ومن أهمها ذلك الجهاز الموجود فى أكثر من غرفة والمفتوح معظم الوقت أو على الدوام تقريبا وما يبثه من برامج منها الحسن ومنها الردئ .. والطفل دائما هو أكثر من يستقبل وأكثر من يتأثر بحكم تكوينه الفطرى كما أسلفنا .. وسأضرب للقارئ الكريم مثالا واحدا يكفى للتدليل على ما أود أن أطرحه وهى تلك البرامج التى تحظى بأعلى نسبة مشاهدة ويتابعها معظم الصغار تقريبا وعدد كبير من المشاهدين الكبار وخاصة من ليس لديهم ثقافة عالية أو من لم يحصلوا على قدر مناسب من التعليم وأقصد بذلك ما تعود الناس إطلاق إسم " برامج المقالب " على هذه البرامج التى كانت فى البداية لطيفة وخفيفة الظل عندما بدأها الفنان الراحل فؤاد المهندس الذى كان أول من قدمها بغرض رسم الإبتسامة على الوجوه وتخفيف أعباء الحياة .. وكعادتنا عندما ينجح أحدهم يسارع الكثيرون إلى تقليده .. ومع الطفرة التكنولوجية التى شهدتها البشرية فى السنوات الأخيرة ظهرت برامج كثيرة تعتمد على إدخال البسمة والضحك من خلال الإستمتاع بآلام الآخرين وتدبير المكائد لهم والسخرية من الخوف الذى يصيبهم دون الأخذ فى الإعتبار إحتمال إصابتهم بأحد الأمراض الناتجة عن فزعهم أو تعريض حياتهم للخطر وذلك كما جاء فى جريدة الأهرام القاهرية وتناولته الدكتورة منى عبد الواحد إستشارى الإرشاد النفسى فى جامعة القاهرة وهى فى نفس الوقت كاتبة معروفة لقصص الأطفال .. والتى تضيف أن تلك البرامج تنمى السلوك العدوانى لدى الطفل نتيجة المفاهيم الخاطئة التى يكتسبها منها وذلك بالتعبير عن غضبه بالصراخ والضرب وقد يكون ذلك بالعبارات المسيئة لمن حوله وهذا من المرجح أن يؤثر ذلك على أخلاقياته فى المستقبل . وقد يقول البعض أن طفل اليوم يعرف أن ما يشاهده على شاشة التلفزيون عبارة عن تمثيل ولا يمت إلى الواقع الحقيقى بصلة .. وأنا أتفق مع هذا الرأى إلا أننى أجزم بأن ما يشاهده – حتى لو كان على يقين بأنه تمثيل – يترك أثرا كبيرا حيث أن هناك الكثير الذى يترسب فى أعماق نفسه وفى أغلب الحالات يتأثر به أثناء نومه . وهنا نود أن نشير إلى مسئولية الأسرة فى إختيار البرامج التى من المفضل أن يشاهدها الأبناء والتى تعمل على تعزيز القيم التربوية والأخلاقيات الكريمة مثل الصدق والأمانة .. كما ننوه بأن يكون ذلك عن طريق الإقناع أى بدون ضغط معنوى على الطفل وأفضل وسيلة لتحقيق هذا هو المشاركة فى المشاهدة والمناقشة فى محتوى ما تم إختياره .. كما يجب أن يتأكد الأبوان بطرق غير مباشرة مما يشاهده الأطفال فى غيابهم عن المنزل أو عدم وجودهم فى المحيط المتواجد فيه التلفزيون . وأخيرا فإن المسئولية الرقابية للأسرة على الأطفال تمتد لتشمل الإنترنت والكمبيوتر وما بداخله من برامج وأيضا الهاتف الجوال بكل ما يحويه من برامج .. ولكن لذلك تناول آخر سنكتب عنه لاحقا فى مقال قادم .. فإلى الملتقى بحول الله .