13 سبتمبر 2025

تسجيل

الحنان الدولي

24 أكتوبر 2022

أفادت وزارة الصحة الأوكرانية وبيانات منظمة الصحة العالمية بأن نحو 10 ملايين شخص سيحتاجون إلى دعم نفسي بسبب الصدمة الناجمة عن الحرب الروسية- الأوكرانية، وأشارت السيدة دينيس براون، المنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في أوكرانيا، إن مواطني أوكرانيا "واقعون تحت ضغط هائل"، موضحةً أن "ذلك يشمل النساء والفتيات اللاتي يعانين من العنف الجنسي وأشكال أخرى من العنف القائم على النوع الاجتماعي، أو سماع الأطفال صفارات الإنذار يوميًا، أو العائلات التي انفصلت عن بعضها البعض أو الأشخاص الذين يحاولون البقاء على قيد الحياة كل يوم". نُطالب بالمساواة في توزيع الحنان الدولي، وتعاطف السيدة براون معنا في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق، وبمفعول رجعي لحنان السيدة بروان على مدار 60 عامًا خلت. لعلّ حنيّة السيدة براون تُعوّضنا عن ذكرياتنا في الملاجئ الرطبة القابعة تحت الأرض بطوابق، وتمحي الصورة التي رأينا فيها أمهاتنا تُنظّف أرضيات الملاجئ ورعبهنّ من قلق انتشار أي عدوى نتيجة اقتسامنا مع الجرذان والجراثيم والقطط المنسية تلك الملاجئ؛ وتعويضنا كأطفال أيضًا عن الليالي المرعبة التي حاولنا فيها استجداء الأمان في حمامات المنازل، فدورات المياه كانت بالنسبة إلينا الغرف المكان الأكثر أمنًا من القصف فوق رؤوسنا. نطالب السيدة براون وأقرانها بعلاجنا نفسيًا من أصوات الطائرات الإسرائيلية وهي تُحلّق لترصد وتقصف المدنيين، وتساؤلاتنا حينها إذا كان الصاروخ التالي سينسفنا أشلاء أو سيسقط في بيت جيراننا؟ السيدة براون وغيرها من المنسقات الأفاضل ممن يقمن بعملهنّ في كلّ الدول، نحن أطفال ضاعت طفولتنا في مسلسل الحرب المرعب، ولا نتمنى لطفل أن يعيش ما عشناه وما زلنا نعيشه في فلسطين وسوريا ولبنان والعراق واليمن والصومال. وإذا كان الأمر بيدنا، لوقفنا خطًا أماميًا للدفاع عن كلّ أطفال العالم، لأننا نُدرك تمامًا لحظات الخوف والقلق وانتظار لحظات الموت، والنظر إلى ملامح أمهاتنا وآبائنا التي شاخت قبل أوانها، والبحث فيها عن لحظة أمان. لكنّ أصوات أطفالنا ما زالت غير مسموعة لأن أصوات القنابل والسلاح أعلى من أصواتهم، ألسنا من يعتنق مبدأ "خلي السلاح صاحي"؟ السلاح موجود في المخازن منذ عقود، ولله الحمد لا يُستخدم في عدد من دولنا إلا في مدافع رمضان، أو لإطلاق الرصاص ابتهاجًا بالنصر على العدّو. العدو الذي قتلنا بالمواد العنقودية التي نهشت رئة البلاد بالسرطان. السيدة براون.. نحنُ لم نحصِ عدد أطفالنا من ضحايا العنف النفسي لأننا كنا مشغولين بإحصاء عدد الجثث. نعم الصحة النفسية لأطفال أوكرانيا أولوية، ولكن دعونا نتشافى من ماضينا، وحاضرنا، فنحن نحاول عبثًا نزع إرهاب العنصرية من نفوس أطفالنا وأنتم مصرّون على نشرها بين أطفال العالم.