11 سبتمبر 2025

تسجيل

حمد رئيس أم زعيم؟

24 أكتوبر 2011

عندما حمل ثوار ليبيا علم قطر وصورة الشيخ حمد بعد إعلان تحرير ليبيا، وحمل أهالي دارفور يوم أمس الأول علم قطر وصور أميرها، وعندما حملها قبلهم أهل لبنان وغزة ومن قال " إن أول القطر قطر" ومن صدح ب "شكرا قطر" لاح لخاطري موضوع قديم جديد في حب قطر وأميرها. نحن رغم أننا ولدنا بعد وفاة الزعيم عبدالناصر إلا أننا تشربنا حب عبدالناصر من ابائنا وكأنه ماثل بيننا أولئك الذين علمونا أن الزعيم ليس أي قائد وانه شخص لا يموت ولا ينتهي اسمه بانتهاء كرسي الحكم. فأحببنا عبدالناصر منذ نعومة أظفارنا بل ما زلت اذكر كيف تقوم الدنيا ولا تقعد عند ذكره واحتدام النقاش بين والدي وبين بعض اخواننا واصدقائنا المصريين المناهضين له رغم جهلي وقتها ما هيّة النقاش الدائر وضرورات تجاوز الهِنَاتَ أمام الأعمال العظيمة... وباختلاف الظروف هذا هو حمد. فإذا كانت الدول اليوم قد أحدثت فيها الشعوب ثورات غيرت مفهوم صياغة الشعوب، فان حمد بن خليفة احدث ثورة في رتم الحكام العرب ربما فوق استيعاب البعض، تلك الثورة الحاكمية التي أعطت للزعامة ما قصدته اللغة العربية العميقة من مدلول كلمة "زعيم" والفرق بينها وبين كلمة رئيس. "زعيم" ليس اختراعنا، فلو حللنا الخطابات الإعلامية المتعددة في الصحافة الدولية لوجدنا أن كثيرا من الصحف تضع صفة الزعيم على الشيخ حمد كونه زعيما عربيا وعالميا قدم الكثير ليس للوطن العربي فحسب بل للعالم حين ان عددا من الصحف التي تخامرها حاجة في النفوس فقط تضعه "رئيسا" حافا ضمن سياق عواطف الاتهامات الانحيازية ضد قطر. لم اكتب لأنني قطرية بل يحتم الإنصاف علينا أن نكتب عمن يستحق ذلك من حكامنا كما نكتب في غيرهم حتى لو كانت لدينا ملاحظات أو أبدينا انتقادات داخلية في الصحافة حول قطر أو نقدا في تناول إعلام الجزيرة لقطر وقضاياها والتي لا اعتقد انه يضيق بها صدر قطر أو صدر زعيمها لان سماع رأي الشعوب سمة من سمات الزعامة. ورغم تواضع أمير قطر إلا انه وكما قال المتنبي "يسهر القوم جراه ويختصم " وهذا احد معايير الزعامة إذ انه قدم وما زال يقدم نماذج فريدة في القيادة ليس أدل على ذلك وقوفه خلف إمامة مصطفى عبدالجليل لصلاة المغرب أثناء زيارة الأخير الرسمية الأولى لدولة قطر بعد رفع العلم الليبي والنشيد الوطني في رمضان فضلا عن زياراته المتعددة لمواقع الوساطة والدعم الدبلوماسي والسياسي ومواقع الأزمات والصراعات التي ساهمت قطر في حلها أو رأب صدعها أو تحقيق اتفاقيات سلمها حتى لو انتزع البعض مؤخرا اللائحات التي وضعوها بإرادتهم لتقول "شكرا قطر" من طرق المساندة فالتاريخ خير شاهد. يقول العرب إن "سيد القوم خادمهم" وربما لفت انتباهنا تسخير حمد نفسه لخدمة قضايا أمته العربية والإسلامية وبل والإنسانية على حد سواء، الأمر الذي لم يجعل لتضخم المُلك في قطر مكانا ولم يسمح بمواصفات تحول قطر إلى ما لا يخطر على قلب بشر من تسميات بارانوية أشبعتنا بها الأنظمة العربية قولا دون فعل،، بل جاء إسباغ صفتين هما: عظمة قطر وزعامة قائدها من الخارج، والفضل ما شهد به الغير. بل ولم يجعل مسمى الزعيم رغم — أحقيته في ذلك — لقبا يسبق اسمه تسطره دواوين الحكومة القطرية التي تواضعت من تواضع من يقوم عليها فامتنعت، بل جاءت الزعامة عَلَما عليه نقشته على صفحات التاريخ أفعال الرجال وهناك فرق دقيق بين اللقب والصفة والعَلَمْ في اللغة، وفرق بين من يقول "أنا زعيم"... ومن يُوسّمه الناس لقب الزعيم، للدرجة انه أعادني في قراءاتي إلى المعاجم لأتفحص الفروق اللغوية بين الزعيم والرئيس فوجدت أبا هلال العسكري يقول: ان الزعامة تفيد القوة على الشيء، ومنه قوله تعالى " وأنا به زعيم " أي أنا قادر على أداء ذلك،أما الرئيس فهو لا يتعدى كونه هو سيد القوم وصاحب الأمر فيهم". ليست الزعامة عمامة تُتَقَلّدُ أو بشتا يُتمَسّحُ به فالزعامة رسالة لا ينفك صاحبها عن حملها وحمل أمانتها تخلد اسمه في التاريخ وتنقش حبه في قلوب البشر. وإذا عرجنا من الزعيم إلى قطر الدولة لوجدنا أن بعض الدول أو الأفراد حانقون عليها بذريعة صغرها الجغرافي وليست هي المرة الأولى في الإعلام التي نسمع فيها عن التندر بحجم قطر الجغرافي في أي موقف عظيم تتصدره، أذكر قبل حلول عهد الربيع العربي أثناء الجولة التنافسية بين قطر وعدد من الدول وفي التصفية النهائية للمونديال 2022 بينها وبين اكبر البقع الجغرافية "أمريكا" تناقل الإعلام الأمريكي: ماذا؟ بنبرة استنكارية حتى هتف احدهم ماذا تقولون: دولة بحجم كونتيكت في أميركا تفوز باحتضان كأس العالم أمام أمريكا. أو كما صرح احدهم مؤخرا متندرا في موقف سياسي بقوله "إن قطر لا تبلغ ربع حجم حي من احياء مدينة شبرا،.. قطر لا يمكن أن تحل محل.... الخ" وفي السياسة يتندر البعض بقطر ساخرين من استخدامها للجزيرة فيما اسموه فقط "تلميعا لنفوذها في العالم " هذا رغم قناعاتهم كشعوب من انتفاع المغبونين من وجود قناة ومنبر لأصواتهم المكتومة في عالم الانفتاح الإعلامي والثورة التكنولوجية التي جعلت دور الجزيرة واجباً لا نافلة ً، وجعلت في الجانب الآخر نموذج الجزيرة عدوا للحكام مثله مثل الفيسبوك والتويتر ولكن بأصابع اتهام لموقع الجزيرة القناة فقط كونها في قطر، دون أصابع تلوح لمسقط رأس تويتر والفيس بوك هذا رغم علمهم محاذير تلك الوسائل الاجتماعية ورغم أن وزارة الدفاع الأمريكية بداية ظهور الفيس بوك حذرت الجنود الأمريكيين من تداول حسابات الموقع عبر أجهزة "البنتاغون " أو تبادل المعلومات الاجتماعية عبر الجنود وموظفيه، وهذا يفسر أمرا بالغ الأهمية لعرب نظرية المؤامرة ضد أهلهم في أمور دولية هَرِمَ الإعلام العربي ومحللي السياسات فيه عن أن يستوعبوها وتفرغوا فقط لقطر، وبالعامية: "حطوا حيلهم بينهم" وأخيرا لن نزيد في قطر ونحن نحتفي فخرا بكوننا قطريين وبرفع علمنا في كل بقعة وفي كل محفل فخرا صنعه عهد حمد الذي جعلنا كقطريين هامات يشار لها بالبنان دوليا، فشهادتنا مجروحة لكن يكفي أن عددا كبيرا من المفكرين والكتاب "حتى المعارضين" أشادوا بمواقف قطر وحب أميرها وموقعه بين قلوب العرب قبل قلب شعبه، وهناك من صاغ قطر شعرا في الصحافة كما جاء في الكويت الشقيق: سبحان من سوّى الاسم مشْتق من غيمة هوى قطْرات… من دولة قطَر! تكتب سطر يا فاهمين المرحلة يا جاهلين المرحلة — وتخفي سطر. تكتب لنا، الـ باجر لنا: "يـ عيالنا ببيت الخطر" تبقى الـ قطَر… غيمة "ربيعي العربي" لمّا يمّر… لمّا أمّر… كل الشوارع فارغة وينزل مطر… ينزل على راسي مطر أرفع مظلاّت الهوى وتبْقى على راسي… قطر. وأخيرا....... الخيل والليل والبيداء تعرفه والسيف والرمح والقرطاس والقلم ولأن المثل الشعبي يقول "ما كلْ من يرْكَبْ الخِيلْ خَيَّالْ" فليْس َكُلُّ رئيس ٍ زعيماً.... كاتبة وإعلامية قطرية Twitter: @medad_alqalam medad_alqalam @ yahoo.com