14 سبتمبر 2025

تسجيل

حرية تعبير.. أم أجندات ومآرب؟

24 سبتمبر 2012

"تبت يدا أبي لهب وتب".. في أي زمان ومكان.. هو ومن تسول له نفسه من اي جنس او جنسية أو فئة. نغضب.. نعم نغضب.. ويحق لنا ان نغضب، لأنه يسوءنا جميعا محاولة عدد من المرجفين النيل من نبي الإسلام نزهه الله وشرفه أو غيره من الأنبياء. فمن الطبيعي ان يحتدم غضب المسلمين على ما وصف انه فيلم — وهو هراء تراجعت مواصفاته حتى الفنية والأدبية — وان كنا ضد إعطائه اكبر من حجمه لأنه شهره، أو اي عنف في رد الفعل حتى لا تنقلب الساحة من استنكار الظالم الى إدانة المظلوم. استنكر علماء المسلمين الفيلم واعترضت الكنيسة "المجمع المقدس" في القاهرة على الإساءة لرسول الإسلام. هذا حين علّل آخرون دوليون بغير براءة: إنه من باب حرية التعبير، واختلافات تفسيرها بين الشرق والغرب أو المسلمين وغيرهم.. وهذه أضحوكة. إنهم يريدون حريتهم لا حريتنا بمعايير مزدوجة، فهناك فئات مغرضة تعمل وفق أهداف وأجندات موقوتة لا للتطاول على النبي فحسب بل لتشويه الاسلام وصورته، مختصرة مآرب الطريق السياسي والدولي والشخصي ولعبته القذرة، وربما تحت أذرع أكبر.. هم أدواتها. عجبت من تباريها من الزج بالتشهير بالأنبياء والأديان في قضية حرية التعبير، وكأنها ام الحريات وعين الواقع السياسي الحالي المنتن. ومن تجربتي الخاصة في العمل بالحريات الإعلامية، عشت فترة عمل مع فئة جعلت الزّج بهذا الموضوع دينها وديدنها، لا من باب ذرائع الحريات الإعلامية المعروفة والمطلوبة، بل وفق اجندة ممنهجة ضربت بنظام عمل الجهة عرض الحائط، رغم تسطيرها محاذيره في نظامه الأساسي، فلم تتخذ تلك الفئة النشر الإعلامي لتلك الأخبار مِن وعَن مزدري الإسلام في الموقع طريقها فحسب، بل حرصت على ان تسيّر لها خطوطا مع الجهات الدولية في شبكات او جماعات ضغط او رسائل مباشرة، للسعي لإيجاد قانون يجعل التطاول على الأديان والأنبياء جزءاً من حرية التعبير.. هذا وشهدتُ كيف كرّس اولئك انفسهم ضد الإسلام لا غير، حين أرادوا استقدام صحفيين الى قطر حتى من جنسيات دول اسلامية وللأسف ممن "تطاول وازدرى" رسول الله بحجة إيوائهم في مأوى الصحفيين المنتهكين فرفضنا، وحين نشر في شاشة "الموقع الإكتروني المحتكر" — مواد إعلامية منقولة تمجد كل ساقط ولاقط ممن يزدري الإسلام بحجة ان حريته منتهكة، وتنسب له بطولة ليست ساحتها، في وقت لم تكن لي كقطرية يد في موقع في مركز قطري.. تحكّمت فيه فئة خارجية تديره من منشأ دولتها الأمّ وبسيرفر (خادم انترنت) خاص "مضيف" من دولتها، وبرقم سري لكل شيء فيه، أيها القارئ، ولك ان تتخيل أنه حتى بريدي الخاص بالعمل تم رفضهم اعطائي أحقية تغيير كلمة السرّ فيه!! لو تعلمون بذريعة انه من سيرفر بلد آخر وأمره مختلف، فليس امامي الا رقم "غير سري واحد وعام" هم من أنشأه فقط، ومرادهم معلوم لدي حتماً. يسعدني وبكل فخر ان اقولها وللمرة الأولى علناً في وسائل الإعلام: حرصت جاهدة لا على الوقوف في وجه المهاترات القائمة على الاسلام ونبيه في عقر المركز فحسب، بل حتى على نقض رسائل مندسّة وجهتها هذه الفئة الى مكتب الأمم المتحدة في "جنيف"، بهدف دحض توصيات منظمة المؤتمر الإسلامي المهمة حول تجريم الإساءة للأديان بذريعة حرية التعبير، وحوربت يومها حرباً شعواء على المستوى المهني والإعلامي، ولكن لا ضير من ذلك ما دام الهدف أسمى وأغلى. وهربت الفئة من المكتب واستقلّت لها مبنى آخر معزولا، عملت فيه خفية تحضيرا لمناسبة اعلامية كبرى، فكانت الطامة الكبرى بحضور شرذمة الدنمارك. والبقية تعلمونها جميعاً. وللزمن ولمقارعة الحجّة بالحجّة، علمتنا مدارس الغرب المتناقضة بين النظرية والتطبيق: أن حرية التعبير لا تعني أبداً إهانة الأديان أو تشويهها أو إشاعة الكراهية أوبث الفرقة أو الطائفية او العداوات،كما أن حرية النقد لا تعني حرية التجريح والطعن والتشهير، وهذا ما أكدت عليه كل المواثيق الدولية نصا، بإضافة هذا الاحتراز إلى جانب حق التعبير في كل مادة نصت عليها. أسوق على ذلك ما نادى به الإعــلان العـالمي لحقـوق الإنسان في المادة 19منه، أن: "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية". وما نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في "المادة 19 على أن: 1. لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة. 2. لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين، دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها". ولكن انظر لهذه الفقرة في المادة نفسها: 3. تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسؤوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود، ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون، وأن تكون ضرورية: (أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم. (ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة". كما أسوق على ذلك نص المادة 20 منه على أنه: 1. تحظر بالقانون أية دعاية للحرب. 2. تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف".. إن نصوص هذا الحق والواجب واضحة، وجدلية المغرضين في أخذ الحق دون النظر إلى الواجبات والمسؤوليات والقيود الخاصة بها غير مطروحة بتاتاً، إذ إن الحقوق تقابلها واجبات، والانتقائية في تطبيق الاتفاقيات الدولية غير مقبولة على الإطلاق، وإلا تحولت إلى شريعة الغاب، وهذا ما يفسره لنا بند "2" من المادة (20) لأنها بديهياً ستسبب العداوة والعنف على قاعدة "الفعل ورد الفعل" على اي فئة او طائفة أو ديانة.. الغضب حق كما أسلفنا ولكن أعمال العنف التي تشكلت في عدد من الدول العربية والإسلامية لا تخدم الإسلام في شيء ولن تخدم سوى الفئة المغرضة، لأنها ستحول المظلوم الى ظالم، وستقلب الساحة من عدائية المرجفين الى تسليط الضوء على رد الفعل العنيف، على أنه ارهاب مهما كانوا هم أساس من اوقد جذوة النار وشراراتها.. يجب ان تتوحد جهود المسلمين لإنتاج وإخراج أفلام عالمية — وسمعنا خبراً بذلك — وحبذا على حذو مستوى وعالمية أداء هوليود، وما ينزع له "معهد الدوحة للأفلام السينمائية" ومهرجان ترابيكا، فضلاً عن إنتاج وتوزيع الأفلام الوثائقية عنه "ص" وعن الرسالة بمختلف اللغات سيما — العبرية — وفي كل الوسائل والوسائط الإلكترونية. كما يجب التحرك على المستوى الشعبي والدبلوماسي بإرسال الناشطين رسائل عامة للأمم المتحدة على البريد الإلكتروني، وتقديم مطالب مماثلة في دولهم لممثليهم في الجمعية العمومية لها، المنعقدة في هذه الفترة سبتمبر 2012 للسعي والتعجيل باستصدار قانون دولي يجرم الإساءة للأنبياء وازدراء الأديان. فالأمر ليس صعبا ما دامت أرضية احترازات حق حرية التعبير وقاعدتها في الاتفاقيات الدولية موجودة أصلاً. وصدق الله العظيم: " إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ". (الحج ـ 39)