19 سبتمبر 2025
تسجيلهل كل من يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي جدير بأن يكون مؤثراً أو مغرداً؟، فأنا أعجب لمن يغرد منتقداً في كل مرة ويذم كل شيء حوله، وله نظرة سوداوية معتمة تجاه كل شيء جديد في المجتمع، وكأنه بهذا يصنع له اسماً وسمعة، ويعتقد بأن الجمهور يحتاج لمن ينتقد ويستصغر أي جهود مبذولة لحل أي مشكلة، وأنه بهذا سوف يكون معروفاً وصريحاً ويجمع له متابعين أكثر وشريحة منهم أكبر ويتناسى أن هؤلاء يرغبون في شخص يحمل أسلوباً بسيطاً ومنمقاً لا يبالغ بالمديح ولا ينتقص بالذم من فكرته التي تتمحور حول قضية أو مشروع أو ظاهرة يهتم لها الجمهور فلا يحتاجون لمن يطمس الحقائق أو يغطي الشمس بغربال أو لمن يكشف هذه الحقائق ويضيف لها بهاراته الخاصة التي تحولها إلى عجائب يرفض العقل تصديقها. ولذا بُلينا للأسف كمجتمعات خليجية وعربية بمثل هؤلاء الذين قد لا يمثلون أغلبية لكنهم في الأول والأخير فئة كبيرة موجودة تلدهم الأزمات والظواهر والمتغيرات السياسية والاجتماعية وتقتلهم اللامبالاة التي يقابلهم بها المجتمع الذي يعي أن لهم غايات من وراء الانتقاد الهادم أو التطبيل الفارغ. أتابع منذ فترة حسابات لمغردين في تويتر، وأرى كيف تطور الأسلوب من تغريدات كانت تأخذ شكل العقلانية في البداية حتى وصلوا لمرحلة التطبيل المبالغ به جدا، فرغم وجود ما يستحق الانتقاد وطرح المشاكل بأسلوب يبحث عن الحل الجذري لها تجد أصحاب هذه الحسابات تبرر وتلمع وكأننا معهم لا نعيش على نفس الكوكب، وهو أمر يثير التقزز فعلا لأنهم بهذا يحتقرون متابعيهم ويستصغرون عقولهم الذين يميزون بها بين الصالح والطالح ويدركون من يستحق المدح والشكر ومن ينال الانتقاد المقترن بحلول للوصول إلى ما يمكن أن يحقق صفة الكمال للمشكلة، ولهذا فقد هؤلاء شعبيتهم وتنحوا جانبا في حين بقي العقلانيون من المغردين يسيرون بهدوء وثقة حتى وإن لم ينجحوا في كسب المزيد من المتابعين لكن بقيت أفكارهم واضحة ونهجهم ثابت ومبدأهم واحد لا يحيدون عنه قيد أنملة ولم يكن السعي وراء كسب المزيد من المتابعين هدفا لهم لتصبح وسيلتهم بهذه الدونية التي تبناها البعض من الذين بدأوا مشوارهم كمغردين لهم أسماؤهم وانتهوا لفئة إما تطبل لكل شيء ولأي شيء أو تنتقد لمجرد الانتقاد في كل شيء. والمصيبة أن لهذه الفئة جمهوراً لا يستهان به وهو من نفس شاكلتهم يعيشون الجو نفسه ويعقبون على بعضهم البعض بالعبارات نفسها، لكنها فئة باتت مفضوحة غير جديرة بأن يثق بها أي متابع أو تصديق ما تغرد به رغم ثقتها العالية بنفسها وبمصداقية ما تغرد به، وأنها تأخذ كل هذا مصدرا للاسترزاق سواء باستئجار أو شراء متابعين لها من الداخل والخارج أو بثقة المعلنين بهم وهذا بطبيعة الحال يمثل لهم مدخولا جيدا إذا ما تمت دراسته على تطبيق الانستغرام أو تطبيق السناب شات على سبيل المثال لا الحصر، لذا لا تصدقوا كل اسم قد يلمع من وراء شاشة تلفاز أو عبر أثير إذاعة أو من خلال الصحف إذا ما انتهج نهج التطبيل الدائم أو الذم المستمر دون إمساك العصا من المنتصف من النقطة الواقعة بين المدح والذم، فمجتمعاتنا كما تحتوي على السلبيات فإن الإيجابيات تنتظر هي الأخرى لأن تواجه جميع المتشائمين بخيرها والعكس أيضا موجود وهذه طبيعة كل مجتمع يزخر بالضدين ليعرف أين مواطن التقصير فيسدها ونقاط الكمال فيحافظ على قوتها ويعزز منها، لكن أن نقابل كل هذا بالمبالغة في الانتقاد أو الثناء فإن هذا يهدم المجتمع ويخلخل أركانه بفضل هؤلاء الذين يجب أن يكون المتابع ذكيا قبل أن يصفق لهم أو يتجاهلهم. [email protected] @ebtesam777