14 سبتمبر 2025
تسجيلدعيت بالأمس للمشاركة في برنامج تلفزيوني ألماني "مع الحدث" ومحور ذلك البرنامج "دور دولة قطر والمملكة العربية السعودية في الربيع العربي" شارك في ذلك البرنامج الدكتور ماركس باحث ألماني متخصص في شؤون الشرق الأوسط والأستاذ سمير عيطة من باريس. كان هدف البرنامج في تقديري، إلى جانب أمور أخرى، إلقاء الضوء على ما يجري في البحرين بين المعارضة والنظام السياسي البحريني، وكذلك ما يجري في المنطقة الشرقية "القطيف" في المملكة العربية السعودية ولماذا تقمع الحركتان في البحرين والسعودية بينما تندفع السعودية وقطر نحو التركيز على ما يجري في سورية اليوم دون الاهتمام بما يجري في كل من السعودية والبحرين. قيل في ذلك البرنامج والذي مدته أقل من ثلاثين دقيقة الكثير من القول. قيل إن المال القطري والسعودي اليوم يستعان به لإنقاذ المجتمع الغربي الرأسمالي من سلسلة الأزمات المالية الراهنة وأن لكل من دولة قطر والسعودية نفوذا قويا في العالم اليوم، وأنها تسخر تلك القوة لفرض نفوذها في المنطقة. كانت مداخلتي "أنني أتمنى أن يكون لدولنا العربية مجتمعة أو فرادى تأثير على المجتمعات الغربية بفعل المال أو المكانة الجغرافية والروحية، لكني لا أرى أي تأثير على المجتمع الدولي وإلا كان الأحرى بنا أن نستخدم ذلك النفوذ المالي وغيره لردع إسرائيل والتي لن يكون لمنطقة الشرق الأوسط استقرار طالما أنها تنكر الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني في العودة إلى أراضيه التي هجّر منها عن طرق القوة من عام 1948، 1967 وإلى تاريخ اليوم. فيما يتعلق بما يجري في القطيف بالمملكة السعودية فالرأي عندي أن الإخوة في القطيف والمنطقة الشرقية عموما شارك مثقفوها والناشطون هناك مع جميع النشطاء والمطالبين بالإصلاح والموقعين على خطاب المطالب الإصلاحية في جميع مناطق المملكة وعقدوا مؤتمرا لهم في جدة وبموافقة الملك عبد الله آل سعود وأصبح هناك مؤسسة رسمية "الحوار الوطني" وقال رموز النظام في المملكة نحن مع الإصلاح وبصرف النظر عن نتائج تلك الحوارات العلنية والمنظمة إلا أن النظام السياسي قبل بالحوارات الإصلاحية لكن دون عنف. وهبت رياح الربيع العربي في بعض الأقطار العربية ودبت روح المطالبة بالإصلاح في محافظة القطيف بمفردها وتخللها بعض العنف المتبادل ويوعز الكثير من المراقبين والنشطاء في المملكة أن هناك يدا أجنبية تحرك بعض الأفراد في القطيف وما جاورها من قرى غالبيتهم من إخواننا أتباع المذهب الجعفري، ولما كانت هذه الحركة صادرة من القطيف وبمعزل عن بقية مناطق المملكة فقد عارضها الكثير من النشطاء في المملكة لأنها أخذت منحى مذهبيا وهنا يكمن الخطر ويصدّق الكثير من المراقبين القول بالتدخل الأجنبي عن طريق التحريض الإعلامي والتمويل غير المباشر. هذه الأحداث في كل من البحرين والقطيف لم تتجاهلها وسائل الإعلام القطرية على وجه التحديد وخاصة محطة الجزيرة كما يزعم البعض، وكانت تتصدر نشرات الأخبار الرئيسية في تلفزيون الجزيرة سواء حدثت تلك الأحداث في البحرين أو القطيف. لابد من الاعتراف بأن تلك الأحداث لم تلق الاهتمام الكامل من كل وسائل الإعلام العربي بما يجب أن يكون، لكنها كانت تتصدر نشرات الأخبار الرئيسية. طرح في البرنامج أن قطر ليست دولة ديمقراطية وكذلك السعودية فليس في الدولتين أحزاب سياسية ولا برلمان منتخب فكيف يجوز لهاتين الدولتين أن تدافعا عن الديمقراطية في سورية مثلا. كان رأيي أنه صحيح أنه لا توجد برلمانات منتخبة ولا أحزاب سياسية وهذا في نظري قصور سياسي يحتاج إلى معالجة، إلا أن الديمقراطية ليست فقط أحزابا وانتخابات وبرلمانات، وهنا أسأل هل النظام القائم في بغداد اليوم نظام ديمقراطي بمدلوله العلمي علما أن هناك انتخابات وبرلمانا وتعددية حزبية يزيد تعدادها عن ثلاثين حزبا، وهل نظام علي عبد الله صالح أو حسني مبارك نظامان ديمقراطيان حسب معاييركم؟ في الخليج عموما يوجد رضا عام عن النظم السياسية القائمة ولا أقول رضا مطلق لكن هناك قبول لدى الأغلبية بالأوضاع القائمة ولا يمنع من المطالبة بحقوق المواطنة والتي تتمثل في العدالة والمساواة وحرية الرأي. أشار الأستاذ سمير من باريس بأنه حضر مؤتمرا في المغرب وطرح سؤالا للمؤتمرين ومن بينهم خليجيون عن من هو العدو لهذه الأمة؟ وقال كانت إجابة عرب الخليج أن العدو هو إيران ولم يذكروا إسرائيل كعدو. ويقيني بأن هناك ظلما لأهل الخليج في هذا المقام فإسرائيل بالنسبة لأهل الخليج هي العدو رقم واحد ولكن وطبقا للممارسة فلا يمنع أن يكون هناك عدو آخر لا يقل خطرا عن إسرائيل يحتل أجزاء من أرض الخليج العربي بقوة السلاح ويشكك في شرعية بعض دولة ويحرض على إسقاط بعض أنظمته لصالح ذلك الطرف. أما التدخل القطري السعودي في الشأن السوري فلم يتم إلا بعد أشهر من قيام الثورة الشعبية السورية المطالبة بالكرامة والحرية والمساواة، ولعلمي فإنه جرت اتصالات بين النظام السياسي القطري وبشار الأسد وقدمت له النصح الصادق بأن الاستجابة لمطالب الشعب ضرورة وطنية وقومية وأنه لا مخرج من الأزمة إلا بالاستجابة لتلك المطالب المشروعة، فامتنع النظام السوري على قبول النصح وهنا كان على قطر وغيرها من الدول العربية نصرة الشعب السوري في تحقيق مطالبه والدفاع عن نفسه بكل الوسائل طالما النظام في دمشق استعان بقوى أجنبية مثل الروس والصينيين والإيرانيين وغيرهم فهل يترك الشعب العربي السوري بمفرده دون عون من أشقائه العرب لمواجهة هذا الظلم؟ أذكّر بأن المعارضة العراقية لصدام حسين رحمه الله لم ينصرها أي دولة عربية فالتقفتها إيران والصهاينة والأمريكان وحاق بالعراق ما نراه اليوم، كذلك المقاومة العراقية للاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق عام 2003 لم يعنها أي دولة عربية فضعفت وتراجع دورها رغم إنجازاتها البطولية ضد الاحتلال للعراق وما برحت المقاومة العراقية تحارب بإمكانياتها الذاتية المتواضعة ضد الاحتلالين الأمريكي والإيراني دون نصير. آخر القول: والله اخترنا أن ناصرنا المقاومة ضد أنظمة الفساد والطغيان أدانونا، وإن سكتنا شككوا في نوايانا فهل من سبيل؟