20 سبتمبر 2025

تسجيل

تداعيات سقوط الصنم الثالث

24 أغسطس 2011

سقوط طرابلس بأيدي الثوار يصب في اتجاه تحرير سوريا الحمد لله بنعمته تتم الصالحات.. يشاء الله ليلة كتابة هذا المقال أن يكنس نظاما ديكتاتوريا مستبدا آخر ورأس هرمه وأعوانه. . يقبض على من يقبض منهم، ويولّي من يولي منهم الدبر هزيمة وصَغَارا، أخبار نزلت على قلوب أهل ليبيا والشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم بردا وسلاما، بعدما استيأسوا نظرا لطول المدة التي مرت عليهم في ليبيا واليمن وسوريا قياسا بما حصل في تونس ومصر.. أخبار أعادت لهم ذكريات البطولة ونشوة الانتصار التي شهدها رمضان المبارك على مرّ الدهور، بدءا من غزوة بدر الكبرى وفتح مكة ومرورا بحرب أكتوبر 1973. لم يكن في ذلك أدنى غرابة أو شك فسنن الله ماضية في خلقه في تعقب الجبابرة المتكبرين والانتقام منهم لأن الظلم مرتعه وخيم، ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب... لقد فصحتهم الصور الكثيرة في عهد الإعلام الجديد والاتصال المباشر، وما خفي أعظم بكثير في فترات امتدت لعقود خلت، ارتكبت فيها المجازر وحملات الإذلال، وما يزال ترتكب حتى الآن دون حياء هنا وهناك ، حتى صدق فيهم قول رسولنا الكريم " إن لم تستح فاصنع ما شئت ". أما من حيث التوقيت فهذا الشهر الكريم هو شهر الجهاد ضد الظلم وشهر الصبر والمصابرة والرباط والمرابطة والانتصارات، وفيه ليال وأوقات مستجابة الدعاء لاسيَّما في العشر الأواخر، فلا عجب أن يكرم الله عباده في هذا الموسم العظيم واللحظات المباركة ويجعل عيدهم القادم عيدين: عيد الفطر وعيد النصر على طاغية ليبيا. في الأسبوع الماضي أعجبني أن يطلق أهلنا في سوريا على جمعتهم "بشائر الانتصار"، وهو تعبير عن تفاؤل مطلوب وثقة بوعد الله الأكيد، مهما تخلى الأقربون والأبعدون عنهم، فكان أن كحل الله أعينهم بانتصار إخوان لهم في كفاح الظالمين، يتقاسمون معهم الهمّ المشترك، وإن شاء الله تتواصل البشارات وتتوالى. إن هذا النصر المفرح سيكون لهم انعكاسات مؤثرة في زمن التغيير العربي التي تهبّ رياحه العابرة للدول والأقطار بقوة وبخاصة على سوريا واليمن لأكثر من سبب: ـ سيحيا الأمل من جديد في نفوسهم التواقة للحرية واسترداد حقوقها المسلوبة بعد أن مضى على آخر تغيير قرابة ستة شهور، وبعد أن ظنت الأنظمة المستبدة بأن بإمكانها وقف دوران عجلة التغيير نحو الأمام، موهمة نفسها وبطانتها السيئة بأن بإمكانها سحق الانتفاضات التي تطالبها بالرحيل، بحكم أنها استفادت من أخطاء من سبقها لجهة فشله في وأد الثورات، بالقوة أو العنف أو الدهاء والحيلة، وليس بالحوار والتغيير الجادين والصادقين. وسيكون انعكاس ذلك مزيدا من ثقة الأحرار المنتفضين بحراكهم، وإسهاما قويا في تعزيز صمودهم، وزيادة وتوسعا في زخم احتجاجاتهم، وكسبا لأنصار جدد إلى صفوفهم، وهم يرون قلاع الباطل تتهاوى أمام أعينهم بين غمضة عين وانتباهتها وبسرعة البرق بفضل الله. هزيمة مضافة من شأنها أن تفتّ من عضد رؤوس هذه الأنظمة التي تنتظر على الدور، مع تدحرج رأس نظام كان يواجه ظروفا مشابهة، رغم طول المدة التي كابر فيها، وتهديداته بعدم الاستسلام والقتال حتى آخر رمق. ـ ستجعل أعوان هذه الأنظمة من عسكريين ومدنيين يراجعون حساباتهم في الدول الأخرى التي تشهد احتجاجات مماثلة ألف مرة قبل المراهنة على خيار خاسر طال الزمن أم قصر، وذلك بعد الهزيمة المدوية والمفاجئة والسريعة لكتائب القذافي، مما أسقط طرابلس بشكل غير متوقع ودون مقاومة تذكر، وتسليم مجاميع منها أنفسها للثوار بمن فيهم محمد ابن القذافي، وفرار مجاميع أخرى. وسيفتح هذا الأمر الباب واسعا أمام انشقاقات متوقعة عن الأنظمة الحاكمة والانفضاض عنها نجاة بأنفس أصحابها من نتيجة مماثلة قد يتعرضون لها ولو بعد حين، وقفزا من قارب متهالك قبل فوات الأوان، ومواجهة محاكم دولهم والمحاكم الدولية. ـ تركيز الاهتمام الدولي بصورة أكبر على النظم الديكتاتورية المتداعية ( المتبقية )، مما يشكل ضغطا سياسيا عالميا أقوى باتجاه ضرورة رحيلها، إذ إن وجود أكثر من بؤرة في آن واحد من شأنه أن يشتت جهودها، ويجعلها تتردد تجاه ممارسة هذه الضغوط على كل المحاور أو تتباطأ تجاه بعضها على الأقل والعكس صحيح. لكن هل يتعظ الظالمون إن أحدهم لا يمكنه أن يؤمن حتى يروا العذاب الأليم كما كان حال كل الفراعنة.. ولكن هيهات هيهات.. " الآن ". لقد أعجبتني عبارة لأحد أصدقائي وضعها في صفحته على الفيسبوك: "حدثان مهمان وقعا مساء الأحد، خطاب الرئيس السوري وسقوط طرابلس بأيدي الثوار، والحدثان يصبان في اتجاه تحرير سوريا ".. العبارة ذكية وتلخص ما جاء في المقال، فليس ثمة من يتعظ بغيره، وسقوط طاغية مقدمة لسقوط آخرين، طالما تشابهت الظروف..هذه هي سنة الله، ولكن المكابرة والعناد والغرور والتجبر اللغة الوحيدة التي يتعامل بها الديكتاتوريون الجبابرة، ولا يعرفون غيرها، ولا يتقون سواها، حتى يقضي الله فيها أمرا كان مفعولا، ولن تجد لسنته تبديلا أو تحويلا.. "ويسألونك متى هو..قل عسى أن يكون قريبا" فيقصم الظالمين ويشفي صدور قوم مؤمنين.