11 سبتمبر 2025
تسجيلحاليا بت على ثقة من قاعدة واحدة وهي أن دولة قطر باتت الوسيط المفضل لكل دول العالم للخروج من العثرات الدبلوماسية والمطبات السياسية والاتفاقيات شبه الملغاة والنزاعات الطويلة وصولا للأزمات المتفاقمة فالمباحثات التي تجريها اليوم الدوحة لإحياء الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية مرورا بأوروبا المنشغلة حاليا بوقف الحرب الروسية الأوكرانية تدل على أن قطر تلعب اليوم دورا لم تسبقها له أي دولة في المنطقة لا سيما وأنها ترعى ملفات سياسية شائكة توقفت من النقطة التي شك الجميع بأنها يمكن أن تمضي قدما وهذا يظهر من المداولات المشتركة التي يجريها سعادة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني مع نظيره سعادة الدكتور حسين أمير عبداللهيان وزير الخارجية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتي تسعى لتقريب وجهات النظر بين طهران وواشنطن نظرا لطبيعة العلاقة المزدهرة بين قطر والولايات المتحدة من جهة وبين قطر وإيران من جهة أخرى ولعل هذا هو ما جعل الطرفين يميلان لهذه الوساطة التي لا تمثل ساحة دبلوماسية جديدة على دولة قطر التي خاضت حرب وساطات كثيرة كان أبرزها ملف أفغانستان العويص الذي ظل يراوح نفسه لسنوات عديدة قبل أن تتمكن الدوحة من جمع الطرفين على أراضيها وتنهي نزاعا وحربا امتدت لما يقارب عشرين عاما وانتهت بانسحاب كامل للقوات الأمريكية وعودة حركة طالبان للحكم، لذا ترى واشنطن أن قطر يمكنها فعلا أن تحمل ملف الوساطة في الأزمة الإيرانية الأمريكية بكل نزاهة وحيادية، كما ترى طهران أنه نظرا لإيمان قطر بمبدأ حسن الجوار الذي تصر عليه على خلاف باقي دول المنطقة التي لا يزال بعضها يرى إيران جارة غير مرغوب بها وأنها بالفعل تمثل تهديدا مباشرا على المنطقة وشعوبها لذا فإن أسهم الدوحة تبدو مرتفعة لدى جانب الإيرانيين الذين يثقون بأن الدوحة لا يمكنها إلا أن تمثل الوسيط النزيه والناجح والذي يمكنه أن ينهي هذا الملف برضا الطرفين ودون تغليب رأي على آخر وبشكل يحفظ لهذا الاتفاق بنوده المتفق عليها سابقا خصوصا أن طهران تبدو الخاسر الأكبر للأسف من فشل هذا الاتفاق لأنها قد تكون عرضة لعقوبات أمريكية أكبر من الذي تعانيه اليوم وهو أمر لن يعود على إيران حكومة وشعبا بأي جدوى رغم مكابرة الطرفين، وعليه فإن قطر رأت أن الحرب الكلامية المتبادلة بين الطرفين لا يمكن أن تعكس بالإيجاب للمنطقة بأسرها لذا رأت أنه يمكن أن تكون وسيطا هادئا يطّلع على مطالب واشنطن ورأي طهران لخلق حلول وسط يمكنها من نزع فتيل التوتر في المنطقة. ولذا فقطر بحاجة لتعاون الجميع لدعم مساعيها الداعية لإبطاء مسار الهرولة نحو استخدام القوة التي قد تتخذ أشكالا لا يُحمد عقباها إذا ما ضاعفت خطواتها وبحاجة أكبر لتعاون كل من طهران وواشنطن لإنجاح هذه الوساطة التي لن تعود بصدى نجاحها إلى قطر فقط وإنما يمكن أن تنقذ المنطقة بكاملها من بقعة الحرب الآسنة التي تنتظر سببا صغيرا لتثور وتعلو أمواجها ونحن في النهاية نثق بأن إحياء ملف الاتفاق النووي يمكنه فعلا أن يعود بالفائدة للجميع وليس لجهة دون أخرى وهذا ما يجب أن يثق به جميع من يجاور إيران من بعيد أو قريب.