31 أكتوبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); من المعروف أن دول مجلس التعاون الخليجي وعلى مدار العقود الأربعة الماضية شهدت إقبالا متزايدا على جلب الأيدي العاملة الأجنبية سعيا لسد الفجوة بين العرض والطلب في أسواق العمل مع القيام بجهود متواصلة لضمان حقوقهم وحمايتهم.ومنذ إعلان « فيلادلفيا» عام 2008 أو ما يسمى إعلان العدالة الاجتماعية بشأن عولمة عادلة تم الترويج للكثير من حقوق العمالة الوافدة مع التمسك بإصرار على تسميتها بالعمالة المهاجرة وباعتبار أن «العمل ليس سلعة» أي أنه لا يجوز اعتباره مجرد عنصر آخر من عناصر الإنتاج بمعزل عن بعده الإنساني. وفي حين أن دول المجلس لا تختلف على أن قياس مردود تنقل العمالة عبر الحدود يجب ألا يقتصر على المردود الاقتصادي بل يجب أن يأخذ في الاعتبار الجوانب الإنسانية والاجتماعية، إلا أنها بذات الوقت لا تقبل بفكرة توطين هذه العمالة واعتبارها جزءا من النسيج الاجتماعي والاقتصادي الطبيعي للمجتمعات والاقتصادات الخليجية. وسبق لمسؤولين خليجيين أن صرحوا أن دول المجلس تتجه لعدم السماح بالتجديد للعمالة الوافدة التي أمضت ست سنوات، ويأتي هذا التوجه على خلفية توقيع دول مجلس التعاون على اتفاقات دولية تحكم هذا الأمر، من بينها اتفاق دولي تقر الدول الموقعة عليه بأنه في حال بقاء العامل الوافد لفترة تصل بين 5 و6 سنوات يتحول لعامل مهاجر، ولا يحق للدولة التي يعمل بها إجباره على المغادرة، كما أن له الحقوق السياسية الممنوحة للمواطن ذاته، وهو الأمر الذي لا تريده دول المجلس. في الوقت نفسه تؤكد دول المجلس على أن إصدار القوانين والسياسات الضابطة لدخول وإقامة الأجانب هو شأن سيادي للحكومات الوطنية، كما أن تغيير ظروف ومعطيات الهجرة عبر الحدود في العقود الأخيرة أدى إلى ظهور نماذج مستحدثة لهذه الظاهرة الدولية ومن أهمها برامج الانتقال والإقامة المؤقتة بدول الاستقبال لشغل فرص عمل محددة دون أن تتحول لعمالة مهاجرة.إن دول المجلس لا تنكر الدور الهام الذي تقوم به العمالة الوافدة من خلال مشاركتها في عملية البناء والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في دول مجلس التعاون ومساهمتها في سد النقص الكلي في العمالة الوطنية التي تحتاجها التنمية المتسارعة، إلا أنه في المقابل من الواضح أن هناك آثارا سلبية خلفتها العمالة الأجنبية التي لم تكن تخضع لخطط مدروسة ومعايير واضحة ومحددة لاستقطابها أدى لاستقرارها في هذه الدول لسنوات طويلة مما خلق العديد من الآثار السلبية على اقتصادات ومجتمعات دول المجلس.وارتفع حجم العمالة الأجنبية إلى أكثر من 20 مليون عامل عام 2015 يشكلون في المتوسط ثلاثة أرباع القوى العاملة في دول المجلس، كما بلغت تحويلاتهم أكثر من 100 مليار دولار أمريكي.كما تؤدي تلك الهيمنة أيضا إلى زيادة الضغط على السلع والخدمات والأجور حيث تحصل العمالة الوافدة وأسرهم على خدمات التعليم والصحة واستخدام المرافق العامة دون مقابل أو بمقابل رمزي واستفادتهم من الدعم المقدم من دول المجلس لكثير من الخدمات مما يحد من قدرة دول المجلس على توفير المزيد من فرص العمل للمواطنين والخريجين الداخلين لسوق العمل، كما يولد اختناقات في عرض الخدمات الصحية والسكن وغيرها.كما برز في الآونة الأخيرة تأثير سلبي آخر هو تزايد الضغوطات الدولية والدول المصدرة للعمالة والهيئات العمالية الدولية على دول المجلس وتوجيه اتهاماتها بانتهاك حقوق العمال وممارسة التمييز وضرورة تحسين أوضاعها والسماح بتجنيس بعضها، وهو ما أوقع دول المجلس أمام تحديات خطيرة تهدد بفتح باب للتدخل الدولي ليس في قضايا التنمية الخليجية فحسب، بل وفي تركيبة مجتمعاتها السكانية والثقافية والاجتماعية. ولربما تطال التركيبة السياسية أيضا.ومع الإقرار بأهمية تحديد فترة زمنية لبقاء العامل الأجنبي في البلدان الخليجية منعـا لتوطينه مستقبلا، والإصرار على تعريف العمالة الأجنبية بأنها مؤقتة وليست مهاجرة، يرى خبراء أن تنظيم أسواق العمل الخليجية وإعادة هيكلتها يتطلب إجراءات أوسع من مجرد هذا الإجراء، حيث يتوجب كذلك مراجعة النظم الخاصة بالكفيل والإقامة والتنقل بين الوظائف. وفي الوقت نفسه يجب فتح أسواق العمل أمام العمالة الخليجية ومعاملتها المعاملة المحلية من حيث الرواتب والمزايا وتشريعات العمل والضمان الاجتماعي وغيره بما سهم في توطينها في دول المجلس ويسهم في تجسيد أهم مقومات السوق الخليجية المشتركة.كما تفرض تلك التحديات والتهديدات المتزايدة أن تقوم دول المجلس بوضع برامج تعاونية واضحة تشتمل على الإجراءات العملية للحد من تدفق العمالة الوافدة من خلال إحلال العمالة الوطنية بصورة تدريجية من جهة ومراقبة سقوف وفترة بقاء العمالة الأجنبية في بلدانها من جهة أخرى.