11 سبتمبر 2025
تسجيلبعد انطلاق قناة الريان الفضائية، والتي قدمت الكثير من الوجوه الجديدة من مذيعين ومقدمي البرامج من القطريين، تحركت مشاعر تلفزيون قطر، وزادت الرغبة في أن ينافس ويتفوق، ودب النشاط فيه مرة أخرى، وقام المسؤولون فيه بعملية تجديد دماء بعدد لا بأس به من المذيعين والمذيعات الجدد الذين أثبتوا جدارتهم وكفاءتهم، وخرجوا إلى الساحة الإعلامية بشكل مشرف من خلال الشاشة الصغيرة، ودخلوا جميع البيوت في قطر وخارجها. ولقيت هذه الخطوة إشادة كبيرة، وأكدت، وبما لا يدع مجالا للشك، أن أرض قطر ولادة للمواهب، في رد واضح وصريح على كلام البعض من المسؤولين بعدم وجود قطري ملائم لمثل هذه المهام الإعلامية، أو أن القطري المتخصص عملة نادرة. وفي هذا المقام لا ننسى العديد من المذيعين العرب الذين ظهروا على شاشات القنوات القطرية، وأصبحوا جزءًا من بيوتنا ومجتمعنا، وأضحت وجوههم مألوفة لدى العامة، ومنهم من أصبح من مشاهير العصر "فاشنيستا"… وهنا أقصد القطري وغير القطري. الأسبوع الماضي نشر الأستاذ الإعلامي الكبير سعد محمد الرميحي في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي"الانستغرام" مقطعاً من برنامجه السابق المعروف بالمائدة المستديرة، يسترجع فيه إحدى محطات مشواره الزاخر، ويذكرنا بالجيل المخضرم الذي كان يتابع البرنامج الحواري المميز الذي كان يستضيف المسؤولين ويطرح عليهم الأسئلة التي تهم الشارع القطري بجرأة وحرفية، وينتزع الأجوبة والاعترافات من الضيف بشكل احترافي ومدروس. وفي أيامنا الحالية، أغلب البرامج الحوارية، "حتى لا نعمم"!، يتشابه فيها كلام المسؤولين، فتجدهم جميعهم قد أنجزوا الخطط والمشاريع الموكلة إليهم في الوقت المحدد أو قبله، كما أن جميعهم يتبعون أعلى المعايير وأن جميع الخدمات ممتازة، وجميع القرارات والإستراتيجيات تتوافق مع رؤية قطر الوطنية ٢٠٣٠، حتى ولو لم يكونوا على دراية تامة بالرؤية وركائزها وأهدافها. وهنا يأتي العتب على المذيع المحاور، المسالم مع ضيفه، وأسير الأسئلة المعدة مسبقاً على الورقة التي أمامه، في وقت يتطلب من هذا المذيع أن يكون محاوراً محارباً، يطرح أسئلة الشارع بشفافية، ويناقش المشاكل والتحديات التي تواجه المسؤول وتعيق عمله، ويسأله عن الحلول، ويستنبط السؤال تلو الآخر من إجابات المسؤول نفسه، عوضاً عن الأسئلة الروتينية المملة التي لا تفيد المشاهد ولا تضيف للضيف المسؤول دوراً سوى التطبيل والتلميع، ما يؤدي إلى خداع الناس وإيهامهم بأن الأمور طيبة وبأننا نعيش في مدينة فاضلة دون أخطاء أو مشاكل. المراد من كل ذلك هو التأكيد بأنه ليس عيبا أن في الدولة مشاكل أو أن بعض الأجهزة تعاني من قصور، أو أن بيروقراطية مسؤول تسببت في خلل إداري أو غيره يستوجب نقاشه لتقويمه. دور المحاور الفذ هو أن يدرس الشخصية أو الضيف مسبقا، ويطلع ويتابع مع فريق الإعداد عمل هذا الضيف، لكي يناقشه فيه ويحصل منه على إجابات وافية تكون في مستوى مانشيتات الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي. قد لا نبالغ إذا قلنا إن المحاور بمواصفات المذيع المحارب هو إعداد جيد للمسؤول في الوقت الذي نقترب فيه من أول مجلس شورى منتخب في الدولة. فالأسئلة الصريحة والواقعية المباشرة هي خير إعداد للمسؤول لما قد يواجهه مستقبلًا أمام أعضاء مجلس منتخب، لا يجاملون، ولا يرضون بأجوبة كلها "الأمور طيبة". وفي الختام ما نقول إلا، نفتقدك يا بومحمد. والله من وراء القصد @mohdaalansari