13 سبتمبر 2025

تسجيل

جامعة من في قلبه مرض!

24 يونيو 2020

حينما عرفت أن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان قد تقدم بطلب لعقد اجتماع عربي طارئ بشأن ليبيا – وليس اليمن أيضا – وعقد بالأمس، قلت في نفسي وماذا سيقولون أو يقدمون؟!، لكن حين رفض وزير الخارجية الليبي الدكتور عبد الهادي إبراهيم الحويج هذه الدعوة، وذلك خلال الاتصال الهاتفي مع نظيره السعودي بدعوى أنه لا طائل من هذا الاجتماع أو في تحقيق أمر يذكر في بنود جدول أعماله، تأكدت فعلا أن ما ظننته صحيح، حالي كحال أي مواطن عربي بات مفتقدا الثقة بما تسمى بالجامعة العربية، التي تجتمع لأغراض شخصية لدولة كبرى أو تحالف دول، أو تتجاهل ما يستدعي اجتماعها رغم مرارته وعظمه!. وفي الاجتماع العربي الذي عقد في القاهرة بمقر الجامعة، قال مندوب ليبيا السفير صالح الشماخي إن بعض الدول العربية تكيل بمكيالين تجاه أزمة بلاده مما يجعلها تفكر بجدوى الاستمرار تحت مظلتها، ففي الوقت الذي دعت في هذا الاجتماع إلى منع التدخلات الأجنبية بالأراضي الليبية وعنت بهذا تركيا، فهو يبارك إعلان الرئيس المصري أن يدخل بقواته إلى عمق الأرض الليبية تحت عذر حماية أمنه القومي من الجهة الحدودية الغربية، وتجاهل أن ليبيا برئاسة حكومة الوفاق الوطني الشرعي عربيا ودوليا هي من استعانت بخدمات تركيا التي من مصلحتها حماية حدودها أيضا في شرق البحر المتوسط، ولذا فإن الشماخي علق على إعلان السيسي في مبادرة سمتها مصر والمناصرون لها بأنها مبادرة سلام نحو هذا البلد المتأزم، وقال بأن من يقدم مبادرة سلام عليه أن يكون على مسافة واحدة من الجميع، ويعني أن مصر التي تنوي إقحام أنفها الكبير في ليبيا ليست على توافق مع "الوفاق الوطني" التي تحكمها، ويعلم الجميع أنها من أولى الدول التي تدعم اللواء المتقاعد والمتمرد حفتر، كما أن دخولها لن يكون إلا لتعزيز نظام دفاعاته وهجماته على العاصمة طرابلس واستهداف قوات الوفاق، واعتبر الشماخي صراحة أن موقف الجامعة الحالي هو نتيجة تدخلات وضغوط دول داعمة للعدوان على طرابلس، وأبدى استغرابه العميق لسرعة الاستجابة لعقد اجتماع عاجل، في حين لم يتم تلبية طلب ليبيا الدولة المعنية بالأزمة في شرح حيثيات ما تعانيه من عدوان حفتر المدعوم من قبل مدرعات وقوات الإمارات بالدرجة الأولى ودول أخرى تعرف نفسها جيدا مثل مصر والسعودية والبحرين والسودان والأردن. وأوضح الشماخي أن إسطوانة تركيا يجب أن تتوقف من حيث بدأت، حيث قال إن تركيا لم تدخل عنوة كما ستفعل مصر بناء على إعلان السيسي الأخير، وإنما جاءت بقواتها بناء على اتفاقيتين تم توقيعهما في مايو الماضي بين الحكومة الرسمية التركية وبين حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، وتنص إحداهما على أن تساعد أنقرة نظيرتها الليبية في دحر قوات حفتر والقضاء عليها، بينما تفرض الأخرى على البلدين ترسيم حدودهما البحرية في المتوسط بصورة مرضية للطرفين، وعليه فقد خرج مبعوث ليبيا من هذا الاجتماع بنفس الموقف الذي سبق عقده والذي يؤكد أيضا رفض بلاده لأن يكون اجتماعا عاجلا على مستوى وزراء الخارجية العرب، لأنه يعلم جيدا أن القاعة التي جمعت العرب ما كانت لتؤلف قلوبهم على مسعى واحد أو مصلحة واحدة، بل حضرها من كان في قلوبهم مرض، ولا شك أن الشماخي مثله مثل باقي العرب الشرفاء أو من ظل منهم يعي جيدا كم قلب مريض كان يتحدث لما في مصلحته ومصلحة حزبه من التحالفات العربية المصغرة داخل المنظومة العربية الكبيرة، فلا أمل يرجى من جامعة تجاهلت حصار قطر وتجويع شعب ونية غزو بلد والإطاحة بحكمه، وتناست مأساة اليمن من قتل وتشريد واحتلال وسرقة أرض وشعب وحكومة شرعية مرهونة في الرياض، وحين طبلت قرعت طبولاً لحرب السيسي والإساءة لتركيا المسلمة، ما أكثر الجبناء بين العرب!.