31 أكتوبر 2025
تسجيلفي يوم ما حضرت دورة تدريبية في الإدارة المتقدمة عقدت في إحدى دول الخليج، كان المحاضر بروفيسور يدعى «ماك» وهو أمريكي الجنسية، ولم تكن تفصلنا عن انتخابات الرئاسة الأمريكية حينها سوى أيام معدودة، سألته عن رأيه في المرشحين لكرسي الرئاسة الأمريكية، فأخبرني بأنه مقاطع للانتخابات الرئاسية منذ سنين، فسألته عن سبب المقاطعة فقال: «لقد لاحظت أن الذي يصل إلى كرسي الرئاسة غالبًا ما يكون الأكثر شهرة وليس الأفضل، واستخدم مصطلح “The most Popular “، وأردف قائلًا: هناك فرق كبير بين أن تكون الأفضل من حيث إمكانية تبني برنامج انتخابي واقعي وامتلاك القدرة على تنفيذ وعودك الانتخابية، وأن تكون الأكثر شهرة بغض النظر عن مؤهلاتك وخبراتك وبرنامجك الانتخابي، لذا تجد أن بعض أصحاب المال ومشاهير السوشيال ميديا والرياضيين والفنانين وغيرهم من المشاهير هم الأكثر حظًا بالفوز في الحملات الانتخابية من المفكرين وأساتذة الجامعات والرؤساء التنفيذيين وغيرهم ممن يطلق عليهم مصطلح «التكنوقراطيين» أي أصحاب الخبرات، والشواهد على ذلك كثيرة» انتهى كلامه. قد نتفق أو نختلف بعض الشيء مع تلك النتيجة التي توصل إليها البروفيسور «ماك» ولكن، هل المشكلة في المرشح غير الكفء أم في الناخب؟ بلاشك أن المجتمعات الإنسانية متباينة في معتقداتها وعاداتها ووعيها أيضًا، فما هو مهم للناخب الأمريكي ليس بالضرورة أن يكون مهما للناخب في مجتمع آخر، وما هو طبيعي في مجتمع ما قد لا يكون مقبولًا في مجتمعات أخرى، لذا لا نستطيع إذا ما فاز «المرشح الضعيف» أن نلقي باللوم على وعي المجتمع، لأن ذلك مدعاة للتقاعس من باب صعوبة تغييره، في المقابل لا يمكن حرمان أي شخص وإن كان غير كفء من حقه في الترشح. في مقال الأربعاء الماضي والذي كان عنوانه «من سبق لبق والانتخابات التركية»، كانت هناك رسالة واضحة للناخب تؤكد على أهمية اختيار المرشح بوعي تام، وبما سيترتب عليه ذلك الاختيار من تداعيات مستقبلية، فضلًا عن أنها شهادة سنسأل عنها يومًا ما، لذا سأتوجه برسالتي للمرشح الذي يرى في نفسه الكفاءة في أي موضع كان، بأن عليه أن يبني حملته الانتخابية على أساس الوعي التام بحالة الناخب وتطلعاته وطريقة تفكيره، وعدم تجاهل ثقافة المجتمع وعاداته وتقاليده ومعتقداته. إنه من الخطأ أن ننظر أو نتعامل مع أي مجتمع بشري ككتلة واحدة متجانسة، فالمفكرون والفلاسفة وأصحاب الرأي لا يشكلون أكثر من 1% من أي مجتمع، ومن المفترض ألا نقلق من اختيارات هؤلاء، لذا يجب ألا يكون خطاب المرشح نخبويًا أو مثاليًا أكثر مما ينبغي، بل يجب أن يكون بسيطًا متواضعًا بغير خلل ولا تكلف، ولنا في الانتخابات التركية خير مثال على ما سبق ذكره. لم تنته فصول سباق الرئاسة التركية بعد، فنحن على موعد مع الجولة الثانية من الانتخابات التركية التي ضرب فيها الناخب التركي أروع المثل في الوعي بالمسؤولية ونسبة المشاركة التي نتمنى أن تنتقل عدواها إلى الوطن العربي، وأيًا كانت النتيجة أعتقد كما يعتقد الكثيرون بأنها لن توصل المرشح الضعيف الى الرئاسة.