10 سبتمبر 2025

تسجيل

كلمة صاحب السمو في دافوس رسائل مهمة للضمير العالمي

24 مايو 2022

تكتسب مشاركة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في منتدى دافوس أهمية خاصة في ظل التحديات التي يمر بها العالم اليوم، إذ لم يفق العالم من الآثار الكارثية لأزمة جائحة كورونا ليستقبل الأزمة الأوكرانية لتشكل تحديا جديدا يمس الاقتصاد العالمي في مدخلات الطاقة وواردات الغذاء ويفاقم من التحديات الأمنية التي تقلق العالم. ويمثل منتدى دافوس منصة عالمية رفيعة المستوى تضم 1000 من قادة كبرى الشركات العالمية ذات التأثير القوي على الاقتصاد العالمي والقادة السياسيين وزعماء الدول لمناقشة تطورات القضايا العالمية واقتراح الحلول لها ورسم خطط اقتصادية مبتكرة تسهم في تطور الاقتصاد العالمي. وجاءت كلمة حضرة صاحب السمو في هذا المنتدى العالمي معبرة عن هذه التحديات، حيث أكد سموه أن الدورة الحالية لمنتدى الاقتصاد العالمي ذات أهمية استثنائية لأنها تعقد في خضم تحديات اقتصادية واضطرابات جيوسياسية، وقبل أن نأمل في الازدهار الاقتصادي، يجب علينا أولًا مراجعة وإصلاح وتعزيز إطار عملنا من أجل السلام. ونحن بحاجة إلى إرسال رسالة تعيد الطمأنينة للناس في جميع أنحاء العالم، مفادها أنه: فقط من خلال الوحدة يمكننا التغلب على الصراع الذي يقسمنا. ويتابع سموه القول: أستطيع أن أقول لكم إنه بعد سنوات من التمهيد للسلام، من خلال الوساطة، لا يمكننا أبدًا أن نفقد الأمل، ويجب ألا نتخلى عن محاولة الجمع بين الأطراف، طالما أننا نعتقد أن جهودنا يمكن أن تساعد ولو في إنقاذ حياة واحدة، فإن محاولاتنا للتوسط تستحق ذلك العناء. ويرى سمو الأمير أنه لأجل تطبيق ذلك لابد أن تستند جهودنا الموحدة إلى المبادئ المتفق عليها مسبقًا في ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي، والاحترام المتبادل لسيادة بعضنا البعض. وقد عبرت هذه الكلمات عن خلاصة الأوضاع التي يمر بها العالم والتحديات الحقيقية التي تواجه شعوب العالم وقضايا منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص. تهميش الأمم المتحدة وحذر صاحب السمو مما شهدته المنظمة الدولية خلال السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أنه في العقود الأخيرة، شهدنا تهميش دور الأمم المتحدة، وانتهاك سيادة حكم القانون في العلاقات الدولية، وانهيار الاحترام الأساسي لاستقلال بعضنا البعض، وقد أدى ذلك إلى كمّ هائل من العنف والعدوان والمعايير المزدوجة، كما أن حل النزاعات من خلال العدوان آخذ في الازدياد، حيث وصل إلى واحدة من أسوأ ذرواته في الحرب الدائرة هنا في أوروبا. ولم يكتفِ سمو الأمير بتحديد أسباب الأزمات، بل قدم المقترحات التي تسهم في الحد منها، قائلا: نحن على اتصال مع جميع الأطراف المعنية بالأزمة الأوكرانية، وأنا على استعداد للمساهمة في كل جهد دولي وإقليمي لإيجاد حل سلمي فوري للصراع بين روسيا الاتحادية وأوكرانيا. وجدد سموه موقف قطر الثابت برفض التدخلات الخارجية، مشيرا إلى أن دولة قطر ترفض بحزم الاعتداء على سيادة الدول، كما ترفض أي عمل من شأنه أن يشكل انتهاكًا للقانون الدولي، مضيفاً: نقف متضامنين مع ملايين اللاجئين الأبرياء الذين هم ضحايا الحرب الأوروبية، كما نقف متضامنين مع ضحايا جميع الحروب الأخرى الدائرة الآن، ومع الضحايا من كل عرق وجنس ودين. والمطلوب منا هو أن نساعدهم جميعًا. أزمات يعاني منها العالم ولفت سموه النظر إلى الأزمات الأخرى التي يعاني منها العالم حين أشار إلى قضية مهمة وهي ضرورة النظر إلى جميع المشكلات الدولية بنفس المنظار، حيث قال سموه: في ظل التركيز الدقيق لإيجاد حل دبلوماسي للأزمة الأوكرانية، فإني آمل أن نولي نفس القدر من الاهتمام والجهد لحل جميع النزاعات المنسية أو المهملة، لأن الناس جميعًا يستحقون السلام والأمن والكرامة، ودلل سموه على ذلك بالقضية الفلسطينية، حيث بين أن "المثال الأكثر وضوحًا في هذا الصدد يتمثل في فلسطين، التي ظلت جرحًا مفتوحًا منذ إنشاء الأمم المتحدة، لقد ظلت هذه العائلات ترزح تحت الاحتلال منذ عقود، بينما لا يلوح أي مخرج في الأفق، لقد استمر تصعيد العدوان الاستيطاني غير القانوني بلا هوادة، ونفس الأمر ينطبق على الاعتداءات المستمرة ضد الشعب الفلسطيني. وما زلت أدعو الله أن يستيقظ العالم ليعي المظالم والعنف ثم يتخذ موقفًا إزاءه". شيرين أبوعاقلة وقتل الصحفيين وتحدث سموه عن اغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة، وقال: قبل أسبوعين تم قتل شيرين أبوعاقلة في فلسطين، وهي صحفية فلسطينية أمريكية مسيحية، وتم حرمانها من جنازة تصون كرامة الموتى، كانت شيرين تغطي معاناة الفلسطينيين لعقود، ولقد تفطرت قلوبنا لمقتلها، إن مقتلها لا يقل رعبًا عن الصحفيين السبعة الذين قتلوا في أوكرانيا في مارس من هذه السنة، والثمانية عشر صحفيًّا الذين قتلوا في فلسطين منذ عام 2000، وكذلك العدد الكبير من الصحفيين الآخرين الذين قتلوا وهم يؤدون مهامهم في العراق، وليبيا، وسوريا واليمن. ازدواجية المعايير وعبر سمو الأمير عن موقف الملايين تجاه الازدواجية في المعايير عندما قال: "في القرن الحادي والعشرين، لا ينبغي أن نتسامح مع هذا الكم من العدوان، كما يجب ألا نقبل العالم الذي تطرح فيه الحكومات معايير مزدوجة حول قيمة الإنسان على أساس الانتماء الإقليمي أو العرقي أو الديني، إننا نعتبر أن قيمة حياة كل فرد أوروبي غالية، ويجب أن يكون شأنها شأن حياة أي فرد في منطقتنا". ولفت سموه إلى أن الشرق الأوسط ظل لسنوات يعاني من التمييز ووصف هذه الظاهرة بأنها تنطلق إلى حد كبير من أشخاص لا يعرفوننا، وفي بعض الحالات، يرفضون محاولة التعرف علينا. سرعة البرق وأشار إلى أن استضافة قطر لكأس العالم للمرة الأولى في الشرق الأوسط، في آخر هذا العام ونحن نعمل بكل جهد حتى يتيح هذا الحدث الرياضي الكبير لمنطقتنا بأكملها فرصة لاستضافة العالم. ولفت سموه النظر إلى أنه وحتى اليوم، لا يزال هناك أناس ليس بوسعهم قبول فكرة استضافة دولة عربية إسلامية لبطولة مثل كأس العالم لكرة القدم، لقد شنَّ هؤلاء الأفراد، بمن فيهم كثيرون في مواقع نفوذ، هجمات بوتيرة لم يسبق لها مثيل، عندما استضافت دول أخرى في قارات مختلفة من العالم حدثًا رياضيًّا ضخمًا، على الرغم من حقيقة وجود مشاكل وتحديات خاصة تواجه كل دولة من تلك الدول، إنّ قطر شأنها كشأن كل بلد من بلدانكم، ليست مثالية، إنها تحاول باستمرار إدخال تحسينات، وهي تزخر بالأمل في مستقبل أكثر إشراقًا. ووجه سموه رسالة مهمة مفادها أننا في غاية الفخر بسبب التطوير والإصلاح والتقدم الذي أحرزناه، وأنا ممتن للأضواء التي سلطها كأس العالم، والتي ألهمتنا القيام بإجراء هذه التغييرات بسرعة البرق. وأؤكد لجميع المستمعين أن هذه النسخة من كأس العالم ستكون نسخة خاصة. ونعتقد أن الرياضة أداة للتغيير الإيجابي، وتعزيز التسامح والاحترام. أمريكا والصين وقد أجاب سمو الأمير عن العديد من التساؤلات التي تؤرق العالم اليوم في مجالات السياسة والاقتصاد والأمن وشرح مواقف دولة قطر تجاه تلك التحديات ومن ذلك قدرة قطر على موازنة علاقاتها بالصين والولايات المتحدة الأمريكية، وأسباب نجاحها في تسوية العديد من النزاعات حول العالم ليعود الاستقرار والسلام والحوار محل الحرب والاقتتال. وقد أجاب سمو الأمير، حفظه الله، عن تلك الأسئلة وعن سؤال للبروفيسور كلاوس شواب، الرئيس التنفيذي لمنتدى الاقتصاد العالمي، حول الكيفية التي توازن بها دولة قطر علاقاتها مع كل من الصين والولايات المتحدة الأمريكية، حيث أجاب سموه: إن دولة قطر لديها علاقات مميزة وإستراتيجية مع أمريكا، مشيرًا إلى أن تصنيف فخامة الرئيس الأمريكي جو بايدن لدولة قطر كحليف رئيسي من خارج الناتو هو إقرار بأهمية دور قطر في الشرق الأوسط والعالم، كما قال سموه: إن علاقات قطر مع الصين علاقات قوية أيضًا، خاصة في الجوانب الاقتصادية، مشيرًا إلى لقائه الأخير مع فخامة الرئيس شي جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية خلال مشاركة سموه في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، بدعوة من فخامة الرئيس الصيني، مما يؤكد جهود دولة قطر في تيسير السلام. سياسة قطر الخارجية لقد جاءت كلمة سمو الأمير في دافوس معبرة عن مواقف قطر تجاه الكثير من التحديات الدولية الراهنة، مما يشير إلى أن سياسة الدولة الخارجية مستندة على رؤى إستراتيجية تهتم بالتعاون الدولي وتقوم على مواقف أخلاقية وتقدير للقانون الدولي والشرعية الدولية والاهتمام بقضايا الشعوب. وكشف منتدى دافوس أن قطر لها نشاطات مميزة على مختلف المستويات، مثل دعم التعليم، وخلق فرص العمل، ومكافحة الإرهاب. وتلك هي المقومات التي تعتمد عليها الدبلوماسية الدولية، وأولوياتها الرئيسية وسجلها الحافل بالمصداقية والتوفيق بين الدول وتحقيق أهداف الدولة الرامية إلى تيسير محادثات السلام وتزويد السوق بالطاقة، والمحافظة على نهجها القائم على إيجاد حلول سلمية لمختلف النزاعات. لقد عانت منطقة الشرق الأوسط بسبب تغييب الرؤى والإهمال من قبل المنظمات الدولية مما أعطى مساحة واسعة لانتشار آراء غير منصفة لقضايا وشعوب المنطقة، لذلك تمثل مشاركة صاحب السمو في منتدى دافوس خطوة مهمة وإستراتيجية ساهمت بقدر كبير في تعريف قادة العالم المشاركين في المنتدى بالوقوف على قضايا المنطقة العادلة بما يحفظ الحقوق ويحمي من المعايير المزدوجة والعدوان وعدم الإنصاف. رئيس التحرير [email protected]