11 سبتمبر 2025

تسجيل

الخرسعة.. بين المحطة والمدرسة

23 أكتوبر 2022

حتى وقت قريب لم تكن قرية الخرسعة معروفة سوى أنها بلدة هادئة تقع على بعد حوالي 80 كم غرب الدوحة، يسكنها عدد قليل من المواطنين ونصف منازلها تستعمل للتخييم في الإجازات والمواسم، وفي عام 1908، وثق الباحث البريطاني ج. ج. لوريمر قرية الخرسعة في دليله الجغرافي للخليج العربي، مشيراً إليها أنها أرض تخييم، وكانت بها حينها 18 بئراً من المياة العذبة. هذه الروضة الهادئة كانت على قوائم محركات البحث بعد أن شهدت يوم الثلاثاء الماضي الموافق 18 أكتوبر حدثين مهمين لا يقل أحدهما عن الآخر، حيث قام صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله، بافتتاح محطة الخرسعة للطاقة الشمسية وبعدها زار سموه مدرسة الخرسعة الابتدائية الإعدادية حيث قضى سموه بعض الوقت في أنحاء المدرسة، وزار بعض الفصول الدراسية والتقى عدداً من الطلاب والهيئة الإدارية والتدريسية. لن أتحدث كثيراً عن المحطة رغم أهميتها في حاضر ومستقبل البلاد في إنتاج طاقة كهربائية عبر مصدر مستدام وهو الشمس، وهناك في الخرسعة توجد 1,8 مليون لوحة شمسية ممتدة على مساحة 10 كيلو مربع تعمل على تحويل ضوء الشمس إلى كهرباء بدون انبعاثات كربونية في مساهمة جادة من الدولة لتقليل آثار التغير المناخي. وبعد أن قام سمو الأمير بافتتاح المحطة الاستراتيجية المهمة، كانت هناك زيارة لا تقل في أهميتها عن ذلك المشروع، لقد كانت زيارة لجيل المستقبل الذي هو المستهدف الأول ورأس مال الدولة وصندوقها الاستثماري البشري الحقيقي. لم يكن هناك ترتيب مسبق، كانت زيارة عفوية من والد لأبنائه الطلاب ولإخوانه المعلمين والإداريين، قدم خلالها سموه دعماً لامحدوداً للعملية التعليمية برمتها، وكان، حفظه الله، تلقائياً في زيارته ولم يتردد في نصح طالب بأن يربط حذاءه جيداً حتى لا يصاب أثناء ممارسة الرياضة، وحضر سموه إحدى الحصص الدراسية، وقام بالتصفيق لطالب أجاب إجابة صحيحة، وتشجيع آخر أحرز هدفاً، كما أن استماعه لشرح عدد من المعلمين أثناء الحصة الدراسية كان رسالة احترام وتقدير لدور المعلم والتعليم وحافزا كبيرا للمعلم الذي علي يديه يكون بناء جيل المستقبل الذي تراهن عليه البلاد في استمرار تقدمها، ومن يقدر دور المعلم هو قائد له بصيرة تجعل من هذا التقدير طاقة كبيرة ودفعة معنوية ورسالة واضحة بأن التعليم بأركانه (الطالب والمعلم والمدرسة) هم محط اهتمام يعول عليها كثيراً في إنشاء وتخريج جيل صالح متعلم خلوق يستطيع مواجهة التحديات والاستفادة من الفرص وأن يكون مصدراً للإنتاج لا عبئاً على الدولة. بالتأكيد، إن باقي المدارس تغبط مدرسة الخرسعة بمعلميها وإدارييها وطلابها، ولكن هم يعلمون تماماً أنها زيارة لهم جميعاً، وهي تقدير وتحفيز لكل معلم وإداري وطالب وطالبة. الرسالة واضحة والهدف محدد: التعليم له الأولوية ولا يقل شأنا عن أي مشروع استراتيجي تقيمه الدولة وترعاه حتى يصبح علامة تميز مستمرة لبلد لا يقبل إلا أن يكون في مصاف الدول المتقدمة. ختاما،، أقتبس مقولة للكاتب جلال عامر يصف فيها أهمية التعليم قائلًا: "الزراعة تسد الجوع، والصناعة توفر الاحتياجات. لكن التعليم يزرع ويصنع وطناً". رئيس التحرير