28 أكتوبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لو انطلقنا إلى زاوية بعيدة ننظر من خلالها للكثير من الخطوات والإجراءات التي تتخذها حكومات دول مجلس التعاون في مثل هذه الفترة تحت عنوان عريض، وهو ترشيد النفقات الحكومية سواء من خلال هيكلة الدعم الحكومي المقدم للمواد الغذائية أو الطاقة وفرض رسوم غير مباشرة على الأجانب كالتأمين الصحي الإجباري وغيرها لوجدنا أن جميع هذه الخطوات تقريبا يمكن أن تتحول في نهاية المطاف إلى تكلفة سوف تحمل على سعر المنتج النهائي الذي سوف يبتاعه المستهلك سواء خدمة أو منتجا معروضا في السوق. ونستذكر هنا دراسة قام بها أحد المكاتب الاستشارية لصالح غرفة تجارة وصناعة البحرين قبل عدة سنوات عندما أعلنت الحكومة عن فرض رسوم عالية على العمالة الأجنبية في البحرين بغية مساواة كلفتهم بكلفة العامل البحريني، وبالتالي دفع القطاع الخاص لتوظيف البحرينيين، نقول ما خرجت به تلك الدراسة من نتائج هي أن أكثر من 80% من القطاعات التي يعمل بها العامل الأجنبي سوف تكون قادرة على التكيف مع هذه الرسوم من خلال تحويلها إلى تكلفة تحمل على سعر المنتج النهائي الذي يتحمله المستهلك الأخير، وهذا بالفعل ما حدث حيث إن القطاع الخاص لا يزال يفضل العامل الأجنبي على البحريني بالرغم من زيادة التكلفة. لذلك، نحن أمام قنوات شتى وعديدة سوف تصب من خلالها إجراءات ترشيد النفقات على كاهل المستهلك الأخير في المجتمعات الخليجية، وهو ما يتوجب الانتباه له والعمل على التخفيف من آثاره ومضاره الاجتماعية، خصوصا أن هناك اتجاها قويا للمبالغة من قبل مقدمي الخدمات والمنتجات في تقييم آثار تلك الإجراءات على أسعار هذه الخدمات والمنتجات. وتظهر التجارب السابقة، وفقا لجاي نايدو رئيس بنك التنمية في الجنوب الإفريقي أن أزمة أسعار الغذاء التي شهدها العالم في نهاية العقد الماضي كان سببها إلى حد كبير الجشع والمضاربات وليس نقص الغذاء. وأضاف أن أفضل السبل التعامل مع الأزمة المباشرة هو تعزيز شبكات الأمن الاجتماعي لحماية المستهلك بدلا من تقديم دعم عام للغذاء أو الضوابط التجارية أو القيود على الأسعار. لكن تقوية شبكات الأمن الاجتماعي وحده لا تكفي في ظل مجتمعات يشوبها عدم التنظيم الكامل للأنشطة التجارية وضعف دور مؤسسات المجتمع المدني في الرقابة. فيجب أن يتزامن مع ذلك تعزيز دور مؤسسات وجمعيات حماية المستهلك، حيث إننا نلاحظ أن هناك جمعيات خليجية عديدة لحماية المستهلك والتي، رغم الإنجازات التي حققتها، فإنها في حقيقة الأمر، بحاجة إلى تعزيز دورها وتقويته حيث تشكو هذه الجمعيات من عدم التزام الأعضاء أنفسهم هذا بالإضافة إلى قلة وعي المستهلك العادي، وكذلك تعاني أيضا من المشاكل المالية التي تؤثر كثيرا على نوعية أنشطتها فتجعلها منصبة في الجانب التوعوي فقط من دون القدرة على الارتكاز أو عمل الدراسات الميدانية والبحوث العلمية التي تقيس الواقع بشكل صحيح، كما تعاني من ضعف اعتراف الجهات الرسمية بدورها كشريك في الرقابة.كذلك، من الطبيعي القول إن تعزيز سياسات حماية المستهلك في ظل المعطيات التي تحدثنا عنها تستوجب وجود لوائح تكون مكملة وداعمة لقواعد وسياسات الحماية من التلاعب ومنع الممارسات الاحتكارية على المستوى المحلى، مما يضمن سلامة السوق المحلى من أي ممارسات احتكارية تؤثر على الأسعار المحلية، وعلى المستهلك. كذلك توعية المستهلك بحقوقه وأهمية التمسك بها لما لها من تأثير بالغ الأهمية فى جعل المجتمع أكثر إيجابية. بالإضافة إلى توعية المستهلك وتشجيعه على رفض السلع والخدمات المبالغ في تسعيرها. ومن المهم أن تتضمن النظم والأطر المطورة لحماية المستهلك ما يكفل حماية مصالح الاقتصاد فى حالة تواجد منشآت ذات وضع يتلاعب في الأسواق ويضر بالاقتصاد والذي يخلق التذمر الواسع لدى فئات واسعة على الإجراءات الحكومية مما يقتضي التدخل لوقف هذا التلاعب وتحقيق التوازن المطلوب لتحقيق المصلحة العليا للمجتمع. لذلك، من الضروري كذلك إصدار تشريع لمنع التلاعب ومنع الممارسات الاحتكارية، وأن يتمتع هذا التشريع بالتنسيق في تطبيقه والاتساق في مكوناته مع معايير وضوابط حماية المستهلك وكذلك منع عمليات إغراق الأسواق بسلع رديئة بديلة بحجة ارتفاع أسعار السلع ذات الجودة العالية خاصة أن المواطن سوف يبدأ بالبحث عن بدائل عن السلع التي رفع عنها الدعم نتيجة ارتفاع أسعارها والبحث عن سلع أقل سعرا. كما يجب أن يدعم ذلك بإيجاد أجهزة متخصصة للرقابة والتنظيم لكل قطاع من قطاعات الخدمات العامة مدعما بالخبرات الفنية اللازمة والتي تكفل حسن الرقابة والموضوعية في التسعير وتكون لها القدرة على الفصل في النزاعات التي قد تطرأ حولها.