12 سبتمبر 2025

تسجيل

اختبار مرسي والسيسي

24 مايو 2013

واجه الرئيس المصري ووزير دفاعه أخطر اختبار لهما، حين وقعت جريمة اختطاف 7 من الجنود المصريين في سيناء. كان هناك خطر حدوث انفلات في داخل صفوف قوات الشرطة، إذ نتج عن الجريمة حالة هياج بين الجنود وصلت حد عدم إطاعة الأوامر وإغلاق معابر مصر الدولية في منطقة سيناء والتهديد بتصعيد أكبر. وبطبيعة الحال كان ثمة احتمال أن تحدث حالة فوضى عامة في سيناء لو طالت الأزمة أو جرى إكمال مخططها باتباعها بجريمة أخرى مشابهة.وكان هناك خطر استغلال بعض الجماعات المسلحة لهذا الحدث والدخول في مواجهة مع الجماعة التي خطفت الجنود، بما يحدث حالة ارتباك عسكري وقلق وفزع في المجتمع، وقد تابع الجميع ما نسب لجماعة بلاك بلوك المسلحة بالتدخل ضد الخاطفين. وكان هناك خطر سياسي يتمثل في استغلال وقوع الجريمة وعدم تخليص الجنود الرهائن، في تطوير اللعبة التي تشهدها البلاد منذ فترة، للوقيعة بين الرئيس ووزير دفاعه أو بين القائد الأعلى للقوات المسلحة والقائد العام. وكان ثمة احتمال أن تشهد القاهرة وبعض المحافظات أعمال عنف موازية تتداخل مع الجريمة في سيناء، بما يربك المشهد السياسي ويدخله في وضع المتاهة الذي كان سيتطلب إجراءات رادعه من الرئيس، تكون بدورها بداية انطلاق أحداث أخرى.. وكل ذلك يجري في منطقة هي عنوان للخطر المتربص بمصر ونقطة الاختراق عبر التاريخ، التي زاد من تدهور وضعيتها تلك الحالة التي تعيشها غزة، منذ قذف شارون بها ككرة نار إلى الجانب المصري عبر إستراتيجية فك الارتباط من طرف واحد. كانت المخاطر جدية وكبيرة فعليا، لكن التحرك الرسمي متوازيا ومتكافئا مع تلك المخاطر. جاء التحرك المضاد، سياسيا، وفي ذلك جرت دعوة عاجلة للقاء بين الرئيس والقوى السياسية لمناقشة الموقف وإعطاء الفرصة لتشاور وشعور بالمشاركة في صناعة القرار. وجرى تحرك إعلامي كان الأبرز فيه إظهار عضلات القوة العسكرية عبر الشاشات بهدف بث الرعب في قلوب المجرمين الخاطفين.. كما جرى تحرك عسكري جاد وحاسم، إذ بدت القوات المسلحة متأهبة للدخول في حرب متوسعة. جرى نقل معدات ثقيلة إلى سيناء، بما في ذلك الدبابات، وتحرك سلاح الطيران في مظاهرة استعراض للقوة، وإبداء وضع الاستعداد لبدء عملية تحرير الرهائن. وكان الأهم أن بدا الحكم مستقرا وثابتا في العلاقات الداخلية بين سلطات الدولة خلال مواجهة الأزمة وتداعياتها، بما أرسل رسالة قوة واستعداد للحسم دون تردد، خاصة أن التصريحات الرسمية لم تشهد تضاربا أو ارتفاعا وانخفاضا من شخص إلى آخر أو بين يوم وتال له. كانت تلك حالة مهمة للغاية تركت آثارها على الجمهور العام.هنا تحققت الأسباب المباشرة لحسم القضية، التي انتهت إلى فرار الخاطفين وإطلاق سراح الجنود. هذا الانتصار لإدارة الدكتور مرسي جاء مهما في توقيته أيضا، إذ جاء بعد تصريحات حاسمة من قبل وزير الدفاع أغلقت الباب على كل محاولات الوقيعة بين الشعب والجيش من جهة والرئيس وجماعة الإخوان والقوى الإسلامية من جهة أخرى. وزاد من أهمية النجاح أن جاء والبلاد تشهد بداية استعداد المعارضة لجولة جديدة من التصعيد، إذ الحديث يجري عن اعداد لتظاهرات معارضة للرئيس في ذكرى نجاحه في الانتخابات وتنصيبه رئيسا. انتهى الأمر إلى نصر مهم وكبير، غير أن أسباب الأزمة واحتمالات تكرارها تظل كما هي، وهو ما يتطلب خطة حقيقية طويلة النفس الاتجاهات التي جرى إدارة الأزمة بها، يكون شعارها إنهاء الأسباب الكامنة ومصادر تجدد الأزمات لا مواجهة مخاطرها.