23 سبتمبر 2025

تسجيل

وزير الحد الأدنى

24 أبريل 2023

وزير الحد الأدنى طيب مبتسم دائماً، يشارك الناس المناسبات، يعشق التصوير مع البسطاء، متواضع يمشي في الأسواق، يكلم الناس، بسيط، يعرف ماذا يريد المجتمع وفي نفس الوقت يعرف قدراته وامكانياته، يقايض بين الأمرين، ينتصر للناس واستقبالهم والابتسامة في وجوههم، يختزن في ذاكرته تجارب من سبقه من الوزراء الذين نالوا قسطاً كبيراً من الذم بعد خروجهم من الوزارة لتفريطهم حتى في الحد الادنى الذي يريده المجتمع من المسؤول، يحاول أن يتجاوز ذلك، ليست له مطالب، لا يمتلك رؤى، لا يُستشار، هو مجرد وزير تنفيذ وليس وزير تفويض كما سبق وأشار «الماوردي «، يشعر بأنه محظوظ بأن تم اختياره وزيراً، لم يفكر طويلاً بين قناعته وبين الموافقة على المنصب، كل تفكيره أنها فرصة يجب أن تقتنص وكل ما عليه سوى تحسين شروط توظيفها مع المجتمع، تهمه العلاقة الرأسية مع السلطة أكثر من اهتمامه بالعلاقة الأفقية مع المجتمع، المجتمع يستطيع تدبير أمره معه من خلال علاقة «الريع» الاجتماعي، أما السلطة فعليه أن ينضوى تحت قناعاتها حتى ولو خالفت قناعاته، هو أذكى كثيراً من الآخر الذي ركبه الغرور وتنكر حتى للحد الادنى الذي يطلبه المجتمع ليسبغ العذر على الحد الاعلى أو الارفع من واجبات الوظيفة المتمثل في القدرة على تحقيق متطلبات المنصب ككفاءة والتزام واقتناع، وزير الحد الادنى يُمثل ضعفاً ادارياً هيكلياً لا يجب أن يستمر كسيرورة، قد يكون فترة محددة حتى تكتمل الكوادر وتُصنع الاستراتيجيات، وتوضع الخطط، المجتمع بدأ يتنبه لخطورة وزير الحد الادنى حينما يُصبح ديمومة ونمطاً شائعا، عندما يتآكل هامش الحد الادنى، يطلُب المجتمع فعلاً ومبادرةً ودوراً ايجابياً ملموساً، بعد استنفاد مخزون اللغة الاجتماعي يصبح وزير الحدَ الادنى مكشوفاً أمام المجتمع، عندما ينتهي قاموسه اللغوى، يصبح عارياً ما لم يكن قد استلم المنصب عن قناعة وايمان بأنه يستطيع أن يقدم شيئاً ملموساً لمجتمعه، الأرشيف الحكومي ملئ بوزراء الحد الادنى وهم من الرجال المتعلمين، في حين تجد القلة من وزراء الفاعلية والتفويض الذي قد لا يكون مُعطى دائماً وانما يؤخذ باقتناع وقدرة ان لم يكن كلهم فأكثرهم من الرجال الاوائل الذين عاشوا المنصب بلا مؤهلات جامعية عاشوه اقتناعاً وايماناً بأنفسهم قبل المنصب وخبروا الفاعلية والصدق قبل أن يخترعوا لغة الحد الادنى لتمرير سنوات التكليف بابتسامة، فسلام، فسؤال، فاستعاضة بما سبق عن وجوده الفاعل وظيفياً وربما إنسانياً كذلك.