13 سبتمبر 2025
تسجيلأما وقد هدأت الأمور في القدس قليلا بعد الأحداث الأخيرة المؤلمة، فإننا نحتاج إلى مزايدة أو تقييم لمواقف العرب من أحداث فلسطين، وتحديداً مدينة القدس وقطاع غزة الفلسطينيين، لأنه في نظري أنه ما دمنا أمام مواقف متخاذلة وأخرى مشرفة فيجب أن تكون هناك مزايدة وتقييم لها كي لا يختلط الصالح بالعاطل، لا سيما وأننا أمام أحداث متصاعدة ومستمرة منذ أشهر بدأت في حي الشيخ جراح وتتشكل نهايتها الأليمة في قطاع غزة والذي يمثل حتى اليوم شوكة في أعناق الإسرائيليين، الذين يمارسون إجرامهم على مرأى العالم دون أن تمتلك أي سلطة عربية أو غربية أو دولية قدرة على لجم آلة هذا الكيان وكأنهم ملكوا هذا الكون من أن يقوم بأي شيء ضدهم. اليوم تتمثل لنا المواقف بين كفتين لا ثالث لهما: الكفة الأولى هي كفة المنددين الذين يشجبون ويرفضون ويناقشون قضية فلسطين في اتصالاتهم الهاتفية وبياناتهم الرسمية لدولهم، ويعربون عن استنكارهم الشديد لما يجري ضد الفلسطينيين ويدعون لوقف آلة الحرب الإسرائيلية ضد المدنيين العزل، ويؤكدون حق المقاومة الشرعية الفلسطينية لأي عدوان إسرائيلي جائر كما تفعل حماس اليوم، وهذه الكفة تبدو أكثر شجاعة وجسورة خصوصا أمام ظهور النوع الآخر من المواقف والتي تتضمنها الكفة الثانية الوارد ذكرها بعد سطر واحد من الآن، لأننا بتنا حقيقة نفتقر ونفتقد من يمكن أن يندد اليوم بحرية من العرب!. أما الكفة الثانية فهي تبدو أكثر هشاشة وليونة وتمييعا بين الموقف الرافض لسياسة إسرائيل والموقف المستنكر في الوقت نفسه أيضا لمقاومة الفلسطينيين ضد عدوان الكيان الصهيوني، لذا ترى موقفه الرسمي يبدو عاماً لا خصوصية فيه ولا تمييز مثل الإعراب عن القلق لما يجري هناك أو التعبير المطلق عن نبذ العنف بكل شكل من أشكاله دون تحديد طرف على الآخر وهذه الكفة هي المكروهة فعلا في نظر الشعوب العربية التي تتوحد اليوم بملايينها وفئاتها السنية وأنواعها بين ذكور وإناث على أن فلسطين يجب أن تتحرر والقدس عاصمة أبدية لدولة فلسطين، وأن كيان إسرائيل إنما هو كيان دخيل ومزروع في قلب الأمة العربية التي تتفاوت ردود أفعال بعض حكوماتها مع موقف شعوبها أنفسهم، كما أنها كفة تراقب بصمت قلق إلى ماذا ستؤول إليه الأمور في فلسطين وتعلن موقفها الرسمي الذي من المؤكد أنه سيكون كرتونيا بصورة مقززة فعلا، لا سيما وأن هناك مواقف عربية مشرفة فعلا وترفض تسمية إسرائيل بهذه التسمية الدارجة وإنما تصر على إطلاق مسمى الكيان الصهيوني المحتل كما تفعل الكويت الشقيقة التي تحارب كل من شأنه الترويج لهذا الكيان على أرضها وقامت بإنهاء عقود عمل لكثير من الأجانب ممن أطلقوا منشورات على الفيسبوك وباقي وسائل التواصل الاجتماعية تؤيد سياسة إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني واستدعت السفير التشيكي المتواجد في سفارة بلاده فيها لتبلغه رسميا احتجاجها الرسمي على هذه التصريحات التي من شأنها أن تضر العلاقات بين البلدين، موضحة أن الكويت دولة وإن كانت تعطي مساحة واسعة لحرية الرأي فيها، فإنها لا تقبل بأن يكون هناك من يعارض الرأي العام الرسمي والشعبي الموحد حول إجرام الكيان الإسرائيلي ضد عُزّل الشعب الفلسطيني صاحب الحق في أرضه وحماية عرضه وهو أمر غير مقبول لدى الحكومة الكويتية، ومثلها قطر التي تنظم في أوقات كثيرة مهرجانات تأييد ونصرة للشعب الفلسطيني ويحضرها الكثير من الجاليات العربية والإسلامية المقيمة على أرض قطر، كما تجند قناة الجزيرة نشرات أخبارها الرسمية على مدار اليوم لفضح أساليب إسرائيل الإجرامية ووسائل التعنيف والتعذيب والقتل والاعتقال التي تمارسها في ملاحقة المدنيين وتصور مشاهد قتل الأطفال بصورة مروعة والقصف المستمر على هذا القطاع الذي لم يهدأ له بال فأمطر سماء تل أبيب والداخل المحتل بقذائف وصواريخ جعلت من جرذان إسرائيل وعلى رأسهم نتنياهو يهربون في أقبيتهم المتمركزة تحت الأرض خوفا من هذه الصواريخ، لذا لا تقولوا إنه لا مزايدة في المواقف ولكن قولوا إن عرباً قد كانوا أكثر عروبة من عرب آخرين وكفى!.