13 سبتمبر 2025
تسجيلنظّمت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان يومي 14- 15 أبريل 2019، المؤتمر الدولي حول الآليات الوطنية والإقليمية والدولية لمكافحة الإفلات من العقاب وضمان المساءلة بموجب القانون الدولي، تحت رعاية وحضور معالي الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة رئيس الوزراء وزير الداخلية، وحضر المؤتمر وزراء ومسؤولون حقوقيون من عدة بلدان، إضافة لنشطاء مدافعين عن حقوق الإنسان، ومسؤولين في مؤسسات دولية كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة العفو الدولية. وقد افتتح المؤتمر سعادة الدكتور علي بن صميخ المري رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، الذي أكد "أن حضور أكثر من 250 منظمة ومحاكم دولية وممثلي بعض الوزارات ومراكز الأبحاث والخبراء، لأكبر دليل على الأهمية التي يوليها المجتمع الدولي لموضوع محاربة الإفلات من العقاب"، كما ربطَ سعادته بين الإفلات من العقاب، والضحايا الذين "يفقدون الثقة في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان"، وأشار في موقع آخر إلى أن عدمَ مساءلة الذين يرتكبون جرائم خاصة أو عامة يُهدد السلم والأمن الدوليين. وقدّم سعادته مقترحات عملية لدعم محاولات عدم الإفلات من العقاب والمساءلة، وكان أحد المقترحات كالتالي: "دعوة الدول إلى إدراج الإرهاب وحصار الشعوب، كجريمة ضد الإنسانية في نظام روما للمحكمة الجنائية لعام 1998". ولقد أتاح المؤتمر لنا فرصةَ الالتقاء مع شركائنا الدوليين لشرح المواقف في المنطقة، خصوصاً ملابسات حصار دولة قطر من قبل كل من السعودية، الإمارات، البحرين، ومصر، الذي يقترب من نهاية عامه الثاني، رغم ما قامت به دولة قطر من جهود لرأب الصدع والحفاظ على تماسك مجلس التعاون لدول الخليج العربية. ولقد أشارت السيدة ميشيل باشليت، مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في كلمة مسجّلة، إلى أهمية قيام الدول بتقديم المعلومات للناس والضحايا، وإعلامهم بطرق الوصول إلى نيل حقوقهم، وحصولهم على المعلومات وعدم إخفاء المعلومات عنهم، وقالت: "إن الضحايا وعائلاتهم لهم الحق في معرفة الحقيقة، عن الظروف والانتهاكات التي تحصل لهم، كما هو الاختفاء القسري والقتل". أما سعادة السيد بيير أنطونيو بانزيري، رئيس اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي، فقد عرّف المساءلة بصورة علمية، وكذلك الاعتراف، مشيراً إلى أن الإفلات من العقاب يُعد انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان، وأن المساءلة يمكنها أن تزرع بذور المصالحة، وقدّم بعض الأمثلة لذلك، مثلما حدث في جنوب أفريقيا. حفلت جلسات المؤتمر بعدة محاور صبّت في عنوان المؤتمر، مثل: الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، القانون الدولي، حق الضحايا في الإنصاف، حماية وتعزيز حقوق الإنسان من خلال العمل من أجل مكافحة الإفلات من العقاب، الممارسات الجيدة والدروس المستفادة، وجبر الضرر، الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالانتهاكات، آليات التعويض. واختُتمت جلسات المؤتمر بإعلان الملاحظات الختامية التي أعلنها المؤتمر، وأهم ما جاء فيها: ضرورة التحاق الدول بالنظام الأساسي لميثاق روما، وكل معاهدات حقوق الإنسان. تأسيس مركز الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA)، لتبادل الخبرات والاستفادة من الدروس المُستقاة في مجال عدم الإفلات من العقاب. توفير منصات عالمية وإقليمية ومحلية للضحايا، ليسردوا قصصهم على نحو يُعزز رفع الوعي العام بهذه القضايا. ومن التوصيات المهمة، تأسيس مجموعة عمل حول الممارسات الجيدة، وتقديم تقييم حول الآليات الوطنية والإقليمية والدولية، لمنع الإفلات من العقاب، وأهمية حضور المرأة جلسات المصالحة وجبر الضرر، واستخدام مصطلح الناجين بدلاً من الضحايا. وبرأينا، أن المؤتمر نجح في بث الوعي بأهمية مكافحة الإفلات من العقاب، وأهمية المساءلة، ولكن تظل هنالك عواملُ واضحة لابد من إزالتها كي تتحقق أهداف المؤتمر، ومن ذلك: مشكلة ميثاق الأمم المتحدة، الذي يُعطي الدول الخمس الكبرى حق استخدام (الفيتو)، الذي يُجهض أية محاولة لتمرير قرارات مجلس الأمن، ومن ذلك أهداف المؤتمر. الحصانة الدبلوماسية التي يتمتع بها بعض الحُكام والمسؤولين الذين آذوا شعوبهم، وهؤلاء الذين زجّوا بمواطنيهم إلى السجون، واخترقوا المنظومة الدينية والأخلاقية والإنسانية، بحبس العلماء والمفكرين وأصحاب الرأي في السجون دون محاكمات، فطالما يتمتع هؤلاء بحصانة، فإنهم يأمنون العقاب، ولا تطولهم المُساءلة، ولابد من أخذ هذه القضية في الاعتبار، ذلك أن مجلس الأمن، رغم وضوح الصورة لديه لما يحصل في سوريا، اليمن، فلسطين، السودان، مصر، إلا أن الحكام الذين يتمتعون بالحصانة لن يطولهم العقاب. فالبشير مُلاحق دولياً منذ سنوات، وقد أطاح به شعبه، فهل ستتم مساءلته ؟ وهل لن يفلت من العقاب!؟ ومثله بشار الأسد الذي تعتبره عدة جهات، ومنها الولايات المتحدة ضمن محور الشر، وعلي صالح، وحفتر في ليبيا، لا يمكن أن تتحقق في حقهم مبادئ المؤتمر وفلتوا من العقاب، ناهيك عن قتلة الصحفي السعودي (جمال خاشقجي)!؟ نحن نعتقد أنه من الأهمية بمكان اعتراف اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي، ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، وكافة اللجان الوطنية لحقوق الإنسان بالملاحظات والتوصيات التي خرج بها مؤتمر الدوحة، ووضع الآليات لتطبيقها، وضمان المتابعة، من أجل محاصرة قضية الإفلات من العقاب، وضمان المساءلة، بموجب القانون الدولي. مؤتمر مهم، كان بودي لو شارك فيه عددٌ أكبر من القطريين أصحاب الشأن، من الخبراء والحقوقيين، وكذلك شخصيات من الدول العربية، بل وضحايا الإفلات من العقاب، أو ذويهم، كي نسمع قصصهم لما تعرضوا له خلال سجنهم! كان تنظيم المؤتمر رائعاً، والالتزام بالتوقيت خلال الجلسات كان دقيقاً. الشكر للجنة الوطنية لحقوق الإنسان، وكل من شارك في نجاح المؤتمر.