15 سبتمبر 2025

تسجيل

إنتاجية المواطن الخليجي

24 أبريل 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ناقشت الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي في اجتماعها نهاية الأسبوع الماضي في مسقط المواضيع المحالة لها من القمة الخليجية الأخيرة في الرياض، والتي من بينها موضوع إنتاجية المواطن الخليجي وأسباب محدوديتها وسبل زيادتها.ورغم تعدد التعريفات للإنتاجية نسبة إلى العنصر المراد حساب إنتاجيته، لكن إذا أردنا قياس إنتاجية المواطن بإنتاجية العمل، فعادة يتم قياس ذلك من خلال قسمة الناتج المحلي الإجمالي على عدد العاملين لمعرفة إنتاجية العامل الواحد. وهذا يعني أن إنتاجية العمل سوف تتحسن لو كان نمو الاقتصاد أعلى من نمو العمالة، حيث يتم التركيز هنا على تحسين نوعية العمالة وليس عددها في زيادة إنتاجية العمالة.وبطبيعة الحال، تعد زيادة إنتاجية العمالة وإنتاجية الاقتصاد على المدى الطويل في دول المجلس مطلبا ضروريا لتعزيز القدرة التنافسية، وتحسين تخصيص الموارد، وتشجيع استمرارية الاستثمار والنمو في القطاع غير النفطي.وتبين بيانات مؤسسة الخليج للاستثمار إن هناك تذبذبا واضحا في معدلات نمو الإنتاجية خلال السنوات الماضية في دول المجلس، بل وانخفاضها في معظم السنوات، حيث انخفضت بنسبة 6.68% عام 2009، رغم زيادة الأيدي العاملة الأجنبية في ذلك العام بنسبة 14.8% مقارنة بالعام 2008. وهذا يعني أن معدل نمو العمالة كان أعلى من النمو الاقتصادي بكثير، وإن زيادة أعداد العمالة لم تسهم في زيادة النمو الاقتصادي. وما يمكن أن يفسر هذه الظاهرة هو ما ورد في دراسة لصندوق النقد الدولي تبين أن الاستثمار والتوظيف كانا المحركين الرئيسيين للنمو في دول المجلس. وقد ارتفعت مدخلات عوامل الإنتاج بشكل كبير خلال العقدين الماضيين. وكان نمو الاستثمار الحقيقي في مجلس التعاون الخليجي على قدم المساواة مع نظيره في الأسواق الصاعدة الأخرى سريعة النمو. ومع ذلك، خلصت الدراسة إلى أن نمو الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج كان سالبا بوجه عام باستثناء في دولة قطر (صفر تقريبا) والمملكة العربية السعودية (في القطاع غير النفطي).وترى الدراسة أن هبوط إنتاجية العامل وإنتاجية الاقتصاد تعود بسبب عاملين رئيسيين، الأول هو الاعتماد الكبير على العمالة الأجنبية الرخيصة التكلفة كما توضح بيانات مؤسسة الخليج للاستثمار التي نوهنا عنها حيث كانت نسب ارتفاع العمالة الأجنبية أعلى من نسب ارتفاع الإنتاجية، بل إن الإنتاجية انخفضت في بعض السنوات. وهذا يعني أن الزيادة في العمالة الأجنبية، وكونها تشغل في أنشطة منخفضة القيمة المضافة اقتصاديا، فإن زيادتها لا ينعكس إيجابا على النمو الاقتصادي ككل. لذلك، إذا طبقنا تعريف الإنتاجية على هذه الظاهرة فإن حصيلة قسمة الناتج المحلي (الذي ينمو بنسبة متوسطة 5%) على العمالة التي تنمو بمعدل وسطي 10 – 15% سنويا هي الحصول على اتجاه تنازلي لإنتاجية العامل. وصحيح إن الزيادات الكبيرة في العمالة الأجنبية ارتبطت في الكثير من الأحيان ببرامج الإنفاق الضخمة في البنية التحتية والتي تعتمد على العمالة الأجنبية ذات المهارات المنخفضة، إلا أن القطاع الخاص ومن خلال مواصلته تفضيل العمالة الأجنبية مع فتح قيود استيراد هذه العمالة ولدت ضغوطا خافضة على أجور العمالة الوطنية الخليجية وهذا بدوره أسهم في خفض إنتاجية العامل الوطني، بينما اعتبر القطاع الخاص ذلك كنوع من إضفاء الاستقرار على البيئة التشغيلية للعمل للمحافظة على ديمومة الإنتاج وتحقيق الأرباح. وواضح أن معالجة هذا العامل لن تتم ما لم يصار إلى تخفيض الاعتماد على العمالة الأجنبية وإدخال أنشطة اقتصادية جديدة تفضل العامل الوطني وتحقق القيمة المضافة لجهود تنويع مصادر الدخل.أما العامل الثاني الذي تشير إليه دراسة صندوق النقد الدولي فهو وجود مواطن عدم كفاءة في الإنفاق الاستثماري. ولقد سبق لنا أن تحدثنا عن هذا الموضوع، حيث يقدر صندوق النقد الدولي حجم الإنفاق على مشاريع البنية التحتية الخليجية بما يعادل نسبة 12% من الناتج المحلي الإجمالي سنويا خلال الفترة من 2014 – 2019. وهي من النسبة العالية عالميا.وعند قيام الدراسة بقياس معدلات كفاءة الإنفاق الاستثماري الخليجي، يتضح أن هناك حيزا لتحسين جودة البنية التحتية في هذه البلدان بنسبة تصل إلى الخُمس مع عدم إدخال أي تغيير على حجم الاستثمار الحالي.ويمكن للبلدان الخليجية أن تعزز كفاءة استثماراتها العامة عن طريق زيادة التدقيق في مشروعات الاستثمار العام للمساعدة على رفع كفاءتها، وسيتطلب هذا زيادة شفافية المشروعات الاستثمارية في سياق عملية الميزانية وعبر مراحل دورة المشروع (من حيث الإحصاءات المتعلقة بمعلومات التقييم وإجراءات المشتريات التنافسية وتقديم العطاءات). وبالتالي، تعديل إطار إدارة الاستثمارات العامة للمساعدة على رفع إنتاجيتها.