12 سبتمبر 2025
تسجيلتناولنا فى مقالنا السابق مدى الإنتشار الهائل والغير مسبوق لمواقع التواصل الإجتماعى ومدى تأثيرها – الثقافى على الأقل – علينا جميعا من مختلف الأعمار والأوساط الإجتماعية وما حصلنا عليه من تعليم وشهادات .. وتوصلنا إلى أن تلك " اللغة الهجينية " – إذا جاز لنا أن نطلق عليها لغة – تؤثر سلبا ولا شك على أعظم لغة نزل بها أطهر كتاب .. وهو القرآن الكريم . ولعل السبب فى اللجوء إلى هذا النهج الجديد فى التعبير لدى مستخدمى المواقع الإليكترونية - والغالبية العظمى منهم فى سن الشباب والأطفال كما أسلفنا- هو الآتى : - هذه الطريقة فى الكتابة تكون أيسر بكثير من اللغة العربية الفصحى حيث لا قواعد ولا ضابط ولا رابط . - فى نفس الوقت هى أكثر سهولة من اللهجات المحلية والتى تحتاج إلى بعض الضبط حتى لا يبدو الأمر غريبا أو شاذا . - تأسيسا على هذا فإن اليسر لا يندرج على التعبير فقط بل يمتد ليشمل الحروف التى تتم الكتابة بها والتى من الممكن أن تكون عربية أو إنجليزية .. وقد تكون خليطا بينهما ويمتد الأمر فى الغرابة لدرجة أنه يتخلل الكلمة الواحدة رسومات بالإضافة إلى الحروف .. وكل ذلك جاهز ومحفوظ على الأجهزة التى بين أيدينا ويمكن إستدعاء عشرات الخيارات للمفاضلة بينها . وإذا كان من يستخدم هذه " اللغة الهجين " يختار الأسهل فحسب .. فتلك مصيبة .. ولكنه يكاد لا يعرف اللغة التى يقول عنها أنها صعبة من الأساس .. وهنا تكون المصيبة أعظم .. والسبب فى ذلك بكل تأكيد يكمن فى الآتى : - الطريقة التى يتعلم بها صغارنا لغتهم الأم .. وهى طرق قديمة تقليدية ولا أقول مملة .. ولكننى أجزم بأن طرق التدريس هذه لم تستفد شيئا من تكنولوجيا العصر .. وأعتذر إذا قلت أن معظم القائمين – إن لم يكن جميعهم – لا يعرفون كيفية التعامل مع أجهزة الكمبيوتر فى الوقت الذى يكون فيه أصغر التلاميذ سنا على دراية – ولا أقول كفاءة – بالتعامل مع هذه الأجهزة . - مناهج اللغة العربية التى تُدرس فى المدارس والجامعات كلاسيكية وقديمة ذات نصوص جافة وخالية من الجمال الفنى البسيط والمناسب لأعمار التلاميذ والطلاب ومن هنا تكون النتيجة الحتمية وهى عدم جذب الدارسين إلى أصل الموضوع الأدبى ويكون ذلك بالضرورة مدعاة للنفور من بنية اللغة وبيانها . وتأسيسا على ذلك كله وجدت الأجيال الجديدة طوق النجاة فى أنظمة تعليم أخرى .. وهو ما يسمى بالتعليم الدولى ..وتكون اللغة العربية مجرد منهج بسيط يتم تدريسه على إستحياء فى بضعة حصص لا تغنى من جوع ولا تسمن .. ولولا القوانين السائدة فى بلادنا العربية لتم إلغاء الأمر برمته .. ويكون التلميذ الصغير فى هذه الحالة فريسة للصراع بين إستخدام لغته الأم – والتى تكون العامية فى معظم الأحيان – وبين ما هو مُطالب به من التحدث طول الوقت باللغة الأجنبية التى يتعلمها فى المدرسة .. ومن البديهى أنه كلما مرت الأعوام وكبر التلميذ كلما زادت المشكلة تعقيدا . وتكون النتيجة الحتمية فى النهاية أن تستوحش الأجيال الجديدة لغتها الأم .. وتبدأ تدريجيا فى مخاصمتها عن جهل وعدم معرفة أو عن وجود صعوبة فى إستخدامها .. أو الإنصراف عنها على أقل تقدير واللجوء إلى تلك " اللغة الهجينية " التى تحدثنا عنها والتى ساعد على إنتشارها تلك الثورة التكنولوجية وما تحمله من مواقع للتواصل يستلزم إستخدامها لغة يستطيع الجميع إتقانها . وإذا ما إنتبهنا إلى خطورة هذا النهج الذى يؤثر على لغتنا الخالدة فيجب علينا الآتى : - أن نلجأ إلى علماء متخصصين لإعادة النظر فى مناهجنا المدرسية وتخليصها من تلك القوالب الجامدة . - يكون تدريس اللغة العربية بالجمع بين أصول اللغة وآدابها ولا تفصل بينها .. بمعنى آخر أن يكون ذلك بالطرق الحديثة عبر منظومة موحدة تعمل على الجمع بين فروع اللغة العربية ( نحو .. صرف .. أدب .. بلاغة .. تعبير ) . - يكون تدريس اللغة بكل فروعها بطرق تطبيقية ومن خلال نصوص أدبية تجمع بين كل مؤثرات الجمال والفن والتشويق وأن يتم إنتقاءها بدقة بواسطة علماء اللغة . - والأكثر أهمية من كل ذلك هو تدريب القائمين على هذه المناهج المُختارة على إستخدام التكنولوجيا الحديثة حتى تكون المناهج تطبيقية بالفعل .. ولا يجب أن يستغرق ذلك الأمر سوى بضعة أشهر قليلة يراعى بعدها الحرص على إنتقاء من يعمل بتدريس اللغة العربية بالذات ممن يتقنون هذه المهارات . والخلاصة أنه يجب علينا تطوير طرق تدريس اللغة العربية بشكل تطبيقى جامع ومشوق .. ونحن هنا نطرح هذا الموضوع للنقاش .. وفى إنتظار آراء القراء الأعزاء . وإلى موضوع جديد ولقاء قادم بحول الله .