29 أكتوبر 2025
تسجيلبعض الكُتَّاب عند ذكر اسمه - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ – يرمزون إلى الصلاة والسلام عليه - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ - بحرف (ص) أو بحروف (صلعم) أو الاقتصار على أحد الأمرين فهل ذلك جائز شرعا أو لا؟ أرجو الجواب ولكم الثواب؟الجواب: لقد تعبدنا الله تعالى بأنماط من العبادات وألوان من الطاعات يريد بنا الخير والثواب والأجر ومن ذلك الصلاة والسلام على رسول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ – تلك العبادة التي بدأ الله تعالى فيها بنفسه وثنى بملائكته فقال تعالى :" إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً" الأحزاب: {56} والمقصود من هذه الآية، أن اللّه سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى، بأنه يُثني عليه عند الملائكة المقربين، وأن الملائكة تُصلي عليه، ثم أمر تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين (العلوي) و(السفلي) جميعا ، وقد رصد لذلك سبحانه وتعالى أجرا عظيما وثوابا جزيلا ففي الصحيح :عن أنس قال: قال رسول اللّه - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ - " مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً، صَلَّى الله عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَحَطَّ عَنْهُ عَشْرَ خَطِيئَاتٍ ". وفى الصحيح « قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ» ، قَالَ: الرُّبُعَ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ» ، قَالَ النِّصْفَ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ» ، قَالَ الثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ» ، قَالَ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: «إِذًا يُكْفَى هَمُّكَ وَيُغْفَرُ ذَنْبُكَ»"[1] والمعنى : أنك إذا كنت ستدعو الله تعالى خلال عشر دقائق مثلا ، تجعل نصف هذه الدقائق العشر صلاة وسلاما عليه صلوات الله وسلامه عليه وهكذا ، والأجر على ذلك قراءة أو تكلما وتحدثا وكذا كتابة بل في الكتابة يعظم الأجر ويزداد الثواب ويتضاعف لمحل القدوة والأسوة حيث في الكتابة يقتدي بك المعاصر لك وغيره ممن يأتي بعدك فيطالع كتابك كما الشأن في الحديث المسجل والكلام الذي تم تخزينه على أشرط كاسيت أو أشرطة (D.C)إذا مررت باسمه في حديثك أو سمعت اسمه فصليت عليه - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ – وصلَّى بصلاتك وسلَّم بسلامك من سمعك كان ذلك في ميزان حسناتك " "مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلاَ يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ " صحيح مسلم كتاب العلم. باب من سن سنة حسنة أو سيئة، ومن دعا إلى هدى أو ضلالة. سواء كان ذلك تعليم علم، أو عبادة، أو أدب، أو غير ذلك. وسواء كان هذا العمل في حياته، أو بعد موته، والله أعلم. فعندما تكتب عبارة أو جملة ويرد ذكر رسول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ – وتصلي عليه - صلى الله عليه سلم - كتابة فكل من قرأ كتابك صلى بصلاتك وسلم بسلامك فكان ذلك في ميزان حسناتك.وكان من البخل على النفس بالخير والأجر وعلى الآخرين المرور على اسمه - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ - تحدثا أو كتابة دون الصلاة والسلام عليه - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ – كما في الصحيح أن رسول اللّه - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ - قال: "البخيل من ذكرت عنده فلم يصل عليّ".[2]من لم يصل عليه إن ذكر اسمه ... فهو البخيل وزده وصف جبانوإذا الفتى صلى عليه مرة ... من سائر الأقطار والبلدانصلى عليه الله عشراً فليزد ... عبد ولا يجنح إلى نقصاني وفى الصحيح عن أبي هريرة - رَضِيَ الله عنه - قال، قال رسول اللّه - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ -: " رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يَصَلِّ عَلَيَّ " [3] وهذا الحديث والذي قبله وكذا الأثر (من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب) كل ذلك مع الآية الكريمة يدل على وجوب الصلاة على النبي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ - كلما ذكر وعليه فالرمز إلى هذه العبادة بهذه الحروف أو بغيرها مكروه قال السخاوي في شرح " الْهِدَايَة فى علم الرِّوَايَة " نظم الْعَلامَة الأثرى ابْن الجزرى في علم الحديث (وليحافظ الطَّالِب على كِتَابَة الصَّلَاة وَالسَّلَام على رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] كلما كتبه دُونِ رمز كَمَا يَفْعَله الكسالى، وَلَا يسأم من تكراره ... ، وَمن أغفل الصَّلَاة وَالسَّلَام حرم حظا عَظِيما " راجع : الغاية في شرح الهداية في علم الرواية (ص: 88)وفى القَولُ ( البَدِيعُ في الصَّلاةِ عَلَى الحَبِيبِ الشَّفِيعِ ) قال الإمام السخاوي " إعلم أنه كما تُصلي عليه بلسانك فكذلك تَخُط الصلاة – والسلام - عليه ببنانك – أي بأصابعك - مهما كتبت اسمه الشريف في كتاب فإن لك به أعظم الثواب " راجع : القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع (ص: 247) والظَاهِرُ أَنَّ الثَّوَابَ الْمَذْكُورَ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ كِتَابَتِهَا وَأَنَّ التَّلَفُّظَ بِهَا أَمْرٌ آخَرُ مُسْتَحَبٌّ. وفي تدريب الراوي قال الإمام السيوطي – رحمه الله – في شرح تقريب النووي ( يُكْرَهُ (الرَّمْزُ إِلَيْهِمَا – أي الصلاة والسلام ِ- في الْكِتَابَةِ) بِحَرْفٍ أَوْ حَرْفَيْنِ، كَمَنْ يَكْتُبُ صَلْعَمْ (بَلْ يَكْتُبُهُمَا بِكَمَالِهِمَا) وَيُقَالُ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ رَمَزَهُمَا بِصَلْعَمٍ قُطِعَتْ يَدُهُ.. وَاجْتَنِبِ الرَّمْزَ لَهَا وَالْحَذْفَا ... مِنْهَا صَلاَةً أَوْ سَلاَماً تُكْفَىقال الشيخ زكريا كأن يقتصر منها على حرف أو حرفين كما يفعله أبناء العجم والعوام من الطلبة فيكتبون بدلها (ص) أو (صلعم). ويكره الاقتصار على الصلاة أو السلام في الكتابة، وفي كل موضع شرعت فيه الصلاة ، لقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} الأحزاب/ 56 .