18 سبتمبر 2025

تسجيل

فقاعة الأسواق العالمية

24 مارس 2024

تشهد أسواق الأسهم العالمية موجة صعودية ملحوظة. فقد سجل مؤشر MSCI World Index أعلى مستوياته على الإطلاق في شهر فبراير الماضي، ومنذ عام 2010 بلغت العائدات السنوية لسوق الأوراق المالية 8%، بعد السماح بالتضخم، وهي نسبة أعلى من عائدات السندات أو العقارات. وكان أداء عدد قليل من شركات التكنولوجيا الكبرى رائدًا في الارتفاع في الولايات المتحدة الأمريكية. ويشير مصطلح «العظماء السبعة» ‘the Magnificent Seven’ إلى شركات ميتا، ونفيديا، وآبل، وألفابت، وتسلا، وأمازون ومايكروسوفت، حيث كانت هذه الشركات تستأثر بنسبة 88% من المكاسب على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في شهر أبريل 2023. وبشكل جماعي، تبلغ القيمة السوقية لهذه الشركات أكثر من 13 تريليون دولار، أي أكثر من القيمة السوقية الكاملة للبورصة الصينية (11.5 تريليون دولار)، وفقًا للبيانات الصادرة عن وكالة بلومبرج. فهل هذا مهم؟ من الممكن أن يكون هناك تأثير مشوه يؤدي إلى عدم استقرار السوق، حيث ارتفاع الأسعار يساهم في جذب صناديق مؤشرات التتبع “Index tracker funds”، مما يدفع التقييمات إلى معدل مرتفع وغير مسبوق، وهو ما قد يعني حدوث انفصال تدريجي عن الأداء الأساسي للشركة. وفي الوقت الذي شهد طفرة الدوت كوم، ذكر محافظ بنك فرنسا آنذاك جان كلود تريشيه أن الخطر يكمن في أن صناديق مؤشرات التتبع تعمل على «إيجاد الأداء بدلاً من قياسه». وبالتالي، هناك احتمال لظهور فقاعة استثمارية، مما قد يؤدي إلى حدوث انهيار حاد. وقد بلغت نسبة الأرباح إلى السعر “P/E” المعدلة دوريًا في الولايات المتحدة 34.3، بالمقارنة مع 44.2 في عام 1999 قبل انهيار الدوت كوم مباشرة، ونسبة 31.5 في عام 1929. وقد أجريت مقارنات لهذه الأوضاع مع الأوضاع التي سادت في فترة انهيار الدوت كوم في عام 2000. وهناك بعض الاختلافات بين تلك الأوضاع؛ الاختلاف الأول هو أن طفرة الدوت كوم تميزت بوجود عدد كبير من الشركات التي لا تتمتع بسجل أرباح قوي أو نموذج أعمال قوي، في حين تميز العظماء السبعة بأنهم شركات مزدهرة تتمتع بأساسيات سليمة وآفاق قوية. وفي أثناء انهيار تقييمات شركات الدوت كوم، استدعى بعض المعلقين الملاحظة التي صدرت في وقت انتشار حمى الذهب خلال القرن التاسع عشر، وهي أن الأشخاص الوحيدين الذين أصبحوا أثرياء هم صانعو المعاول والمجارف. وبطريقة مماثلة، كانت الشركات التي ساعدت في إنشاء البنية التحتية والبرمجيات لثورة الإنترنت أفضل حالاً من تلك التي تبحث عن الذهب من خلال متجر إلكتروني ناشئ بميزانية تسويق كبيرة. وقد ارتفعت قيمة شركة نفيديا، بصفتها المورد الرئيسي لبرامج وأجهزة الذكاء الاصطناعي، مع نمو نطاق تطبيقات الذكاء الاصطناعي في عشرينيات القرن الحالي. وتتميز نفيديا بأنها شركة راسخة، ورائدة في مجال المعالجة القائمة على رسومات الجرافيك تأسست عام 1993. وربما أصبحت ثقة المستثمرين في إمكانات الذكاء الاصطناعي مبالغا فيها، ولكنها لا تزال تُعدُ تكنولوجيا تحويلية. ويتمثل الاختلاف الثاني في أن هناك عددا قليلا جدًا من الشركات التي تقود التقييمات المرتفعة في أسواق الأسهم. ونظراً لأن أداء شركتي أبل وتسلا لم يكن جيداً إلى هذا الحد خلال العام الحالي مع انخفاض سعر سهم تيسلا بنسبة 27% على سبيل المثال، فقد أصبح هذا العدد أقل. ويعزى تمثيل عدد ضئيل من الشركات لهذه النسبة الكبيرة من مكاسب سوق الأوراق المالية إلى ضعف ثقة المستثمرين في بقية الشركات. إذًا، هل نمضي نحو منطقة الفقاعة الاستثمارية؟ هناك بعض الإشارات على إمكانية حدوث ذلك، لكن توقع مدة الفقاعة ليس بالأمر السهل على الإطلاق. ويتحدث بعض محللي السوق عن تصحيح فني بشكلٍ أكبر من الانهيار الشامل. كما ارتفعت قيم البيتكوين والذهب، لذلك قد لا تبدو أسعارها جذابة باعتبارها بديلاً للاستثمار في البورصة، إلى جانب ركود قطاع العقارات. وهناك اختلاف آخر عن الأوضاع التي كانت سائدة في تلك الفترة وهو حجم الصناديق السلبية “Passive funds” . فقد تجاوزت هذه الصناديق حجم الصناديق النشطة، لذا إذا أعقب المبالغة في تقييم الأسهم حدوث عملية تصحيح أو انهيار، فإن من الممكن أن تعمل على تسريع الاتجاه الهبوطي. وعلى الرغم من الإثارة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وشركة نفيديا، فإن الحقيقة الأساسية الثابتة هي أن الفترة التي شهدت انخفاض أسعار الفائدة والضرائب على الشركات قد انتهت في وقت الاضطرابات الجيوسياسية. ويُعدُ التحدي المتمثل في الحفاظ على الأرباح بالقدر الكافي لتبرير التقييمات كبيرًا للغاية.