19 سبتمبر 2025
تسجيلإن من أهم العقبات التي تعترض الإنسان في طريقه إلى النجاح والوصول إلى الهدف المنشود هي النفس، ذلك بأن الله سبحانه وتعالى خلق لكل عبد من عباده نفسا أمَّارة بالسوء ليختبر مدى صدق عبوديته له، وجعل من أهم صفاتها الجهل والظلم والشح تحب الراحة والشهوات، ولأن القلب هو الملك ومحل الإرادة واتخاذ القرار تعمل النفس دائما على أسره وإخضاعه لها وتجنيده لخدمة حظوظها، ويقف الشيطان من ورائها مستغلا جهلها وشحها فيزين لها الأفعال التي تستوفي بها حظوظها الظاهرة والخفية. إن النفس هي العقبة الكبرى التي تعترض طريق القلب إذا ما أراد الاستسلام لله عز وجل، فهي ترفض قيام العبد بفعل الطاعات لحبها الراحة، فإن جاهدها وألزمها فإنها لا تستسلم لذلك، بل تعمل جاهدة على نيل حظها من تلك الطاعة إما بطلب المنزلة بها عند الناس أو الإعجاب بأدائها فتلح على صاحبها ليحمدها على القيام بتلك الطاعة بل وتظن أنها قد صارت لها مكانة عند الله بها فيؤدي ذلك إلى غياب الإخلاص لله عز وجل. النفس كما خلقها الله عز وجل تحب الراحة وتكره التكليف فهي لا تنقاد بسهولة إذا ما طلب منها فعل الطاعة، بل تحتاج إلى جهاد وترويض وصبر، وهذا لقمان يوصي ابنه فقال له: يا بني لا تنتفع بالإيمان إلا بالعمل فإن الإيمان قائد، والعمل سائق والنفس حرون (أي لا تنقاد بسهولة)، فإن فتر سائقها ضلت عن الطريق فلم تستقم لصاحبها، وإن فتر قائدها حرنت فلم ينتفع منها سائقها، فإذا اجتمع ذلك استقامت طوعا وكرها، ولا يستقيم الدين إلا بالتطوع والكره. فلا تقنع نفسك بقليل من الإيمان ولا تقنع لها بضعيف من العمل، ولا ترخص لها في قليل من معصية الله عز وجل، ولا تعدها بشيء من استحلال الحرام. والنفس إذا أطمعت طمعت، وإذا أيستها أيست، وإذا أقنعتها قنعت، وإذا أرخيت لها طغت، وإذا زجرتها انزجرت، وإذا عزمت عليها أطاعت، وإذا فوضت إليها أساءت، وإذا حملتها على أمر الله صلحت، وإذا تركت الأمر إليها فسدت، فاحذر نفسك واتهمها على دينك، ولا تغفلها من الزجر فتفسد عليك، ولا تأمنها فتغلبك. - همسة كل يوم يزيد فيه علمك وعملك تكثر ثمار غرسك وتشكر يوم حصادك.