18 ديسمبر 2025
تسجيلمن اللافت للنظر أن مجتمعنا في عقوده الأخيرة من القرن المنصرم كان أقرب كثيراً منه الآن إلى الهوية الإنسانية أو التي تحمل قيم الإنسانية، حيث الإنسانية قيم في الأساس، فلو استعرضنا الخصائص التي ذكرتها فيما سبق لوجدناها أكثر ترسخاً في ثقافة المجتمع في حينه منها الآن، قيمة الحرية كانت أكثر اتساعاً في التعامل مع الآخر، فكرة الإمكان كذلك أن تكون مكان الآخر أو تتخيل أنك في مثل ظروفه فبالتالي تتعامل معه انطلاقاً من فكرة الإمكان وليس من فكرة الضرورة، كذلك الانطلاق من فكرة الاستئناف وليس التأسيس المستمر للهوية كما هو واضح اليوم، كان كافياً للفرد أن يذكر اسمه لينخرط في علاقة إنسانية دون ذكر القبيلة أو العائلة وهلم جرا… ربما كان السبب في وجود الفرجان القديمة الأمر الذي أدى إلى بروز علاقة سردية مع الآخر وتاريخ مشترك، وعلاقة أفقية صحية، الأمر الذي اختلف لاحقاً حينما أصبح التوزيع السكاني يعتمد على القبيلة أو العائلة في شكل فرجان خاصة لكل قبيلة أو عائلة الأمر الذي قطع السرد وأقام علاقة ضيقة لأفراد كل قبيلة أو عائلة عَلى حدة، الأمر الذي تطلب علاقات رأسية مع الدولة عَلى حساب العلاقات الأفقية بين أفراد المجتمع كأساس للتعايش. على كل حال، دور الدولة كبير في تلافي ما سبق لإعادة التوازن في المجتمع، ودور وزارة الثقافة أيضاً هام جداً هنا إذا ما استطاعت أن تجعل من الإنسانية كقيم وممارسة من صميم الهوية القطرية والشخصية المحلية في مجتمعنا القطري.