05 أكتوبر 2025

تسجيل

من سره زمن ساءته أزمان

24 مارس 2021

في بداية الستينيات أعلن محمد رضا بهلوي، ملك إيران (أو الشاه، بالفارسية)، عن إصلاحات كبيرة وجذرية في بلاده أسماها "الثورة البيضاء"، ففتح البلاد على مصراعيها على الغرب اقتصادياً وثقافياً، بهدف تغيير الصورة القديمة وإنشاء دولة عصرية علمانية ذات قوة اقتصادية كبيرة، وتغيير نمط الحياة ليصبح كالدول الغربية. فقضى على كبار الإقطاعيين وقسم ثرواتهم، وعمل على تقوية أجهزة المخابرات والشرطة السرية ومن أهمها "سافاك" والذي أصبح من أقوى أجهزة المخابرات في العالم، مما ساعده على القضاء على خصومه وقمع كل صوت معارض لتوجهاته، وبسط نفوذه الكامل. وخلال سنوات قليلة تبدلت ملابس وطبائع الناس في المدن الكبيرة، وتضاعفت ثروة الملك، وأصبحت بلاده ضمن البلدان العصرية والتي يقصدها السياح من كل مكان. أعجب الشاه بنفسه بعد هذه الإنجازات وأصابه جنون العظمة، وأطلق على نفسه لقب "ملك الملوك" (أو شاهنشاه، بالفارسية)، وتوجت هذه الانجازات في ١٩٧١ بإقامة أكبر وأغلى احتفال في التاريخ، بمناسبة مرور ٢٥٠٠ عام على إقامة أول مملكة فارسية (والتي أسسها كورش في القرن السادس قبل الميلاد). أقيم الحفل بمدينة تخت جمشيد الأثرية واستمر لعدة أيام، وحضر حكام وسياسيون وشخصيات بارزة من أنحاء العالم، ومن أجل الاحتفالية قام ببناء منتجع ضخم من الخيام الفاخرة لاستضافة المدعوين، وتزيين المنطقة الصحراوية بآلاف الأشجار، واستورد آلاف العصافير لتحلق فوق المدينة (مات غالبيتها بسبب الحرارة الشديدة)، وجلب بالطائرات أفخر الأطعمة والمشروبات الفاخرة من فرنسا ودول أخرى، وكانت الحفلات والاستعراضات العسكرية والتاريخية والترفيهية تدهش الحاضرين طوال اليوم. لم يتخيل أي من الحاضرين أنه خلال ٨ سنوات فقط سيسقط حكم بهلوي ويهرب للخارج، في مشهد مأساوي غريب، ولكن هذا هو حال الدنيا المتقلبة، وهو الحال الذي يغفل عنه الكثيرون. Twitter: @khalid606