13 سبتمبر 2025
تسجيلالحرية تلك الكلمة التي يرددها الكثير منا ويطالب بها الأغلبية، والكثير منا لم يعرف هذه الكلمة إلا في السياسة رغم أن هذه الكلمة تدخل في كل تفاصيل الحياة ولأني أتحدث هنا عن منهج الحياة لا عن السياسة فالحرية في هذا المنهج رغم جمال النطق بها إلا أنها كلمة مدمرة.وعلينا أن نعلم جيداً أن الحرية وحدها لن تسعد أي شخص وسبق وقلت إن الحياة فعل وردة فعل فعندما تكون الحرية فعل فإنها تنتظر منا ردة الفعل وعندما تتوفر الحرية ولا يكون معها هدف فحينها تصبح قاتلة بل ولعنة تعصف بحياتنا فالحرية المطلقة تعني الفراغ.يوسف عليه السلام قال (رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه) فماذا كان يريد يوسف هل كان يريد السجن بدلاً من الحرية؟ لا أبداً بل هو هنا طلب الحرية بعينها فلم يكن يريد أن يكون عبداً للشهوة فكانت حرية في السجن ألذ له وهي حرية النفس بدلاً من عبودية الشهوة.لابد أن نعلم بأن الحرية المطلقة هي شهادة وفاة للنفس والعزيمة وباب الفراغ القاتل والسقوط في اللانهاية وتلف للأعصاب وشلل مستمر للعقل.فالحرية هي أن تعمل نحو الهدف لصالح الأسرة والمجتمع وتتحمل المسؤولية ليل نهار بعيداً عن الكسل والخوف واستفراغ القوة وإنهاك العزيمة التي تولد الخمول الدائم باسم الحرية.فالراحة باسم الحرية تعب والانفلات باسم الحرية شذوذ والشهوة باسم الحرية عبودية والحرية في المنهج عمل والحرية في العمل هدف والهدف في الحرية صناعة والصناعة في الحرية حياة والحياة في الحرية تاريخ يسجل لنا لا علينا.يوسف علية السلام طلب حرية نفسه بالسجن ثم طلب الحرية من السجن بالعمل بأن يصبح مسؤولاً عن خزائن مصر لأنه صاحب همه وهدف فهو طلب العمل قبل الحرية ومن هنا نجد الفلسفة الصحيحة لمعنى الحياة وحريتها.ثقوا تماماً أننا جميعاً نتمتع بتلك الحرية في كل شؤوننا ونحن من نصنع العبودية في الفكر والحياة فأفعالنا وتفكيرنا هو من يجعلنا أحراراً أو مستعبدين وحياتنا تنصاع لنا ولإرادتنا متى ما تعلمنا كيف نديرها بالعقل بعيداً عن الهوى والخوف اللذين أعتبرهما حارسين لعبودية النفس متى استُسلمَ لهما لن تخرج من ذلك السجن إلا بالتغيير في الفكر والمنهج وتغير الفكر والمنهج يعني العزيمة والإصرار والهدف والرؤية التي نصنعها بالعمل فصناعة الحرية ستبقى صناعة ذاتية علينا أن نتعلمها ولنبتعد عن أولئك الذين يدعون للحرية بعبودية الفكر والمنهج والاستسلام للشهوات بهوى فارغ ونفس مريضة وحياة بلا معنى يعطل فيها العقل فيصبح الإنسان في هاوية الفراغ يسقط كل يوم وعندما يصحو يصعب عليه النهوض فالعمر لا يعود والشباب ينتهي.اصنعوا حريتكم بعقول وأنفس غير مستعبدة وبعمل وهمة بلا خوف أو هوى حينها ستتلذذون بطعم الحرية