18 سبتمبر 2025

تسجيل

هل نحن في مأمن من الكوارث الطبيعية ؟!

24 فبراير 2023

كارثة فظيعة ومؤلمة تلك التي خلّفها الزلزال المدمر الذي وقع أوائل هذا الشهر في كل من تركيا وسوريا والذي أودى بحياة عشرات الآلاف من سكان تلك المدن والمناطق الذي ضربها الزلزال وهدم عشرات الآلاف من المباني والمنازل وبات مئات الآلاف من سكانها الأحياء بلا مأوى، كارثة ومصيبة حلّت على الشعبين التركي والسوري سيبقى أثرها على المدى الطويل لإعادة ما تم تدميره من آثار الزلزال ولملمة جراح من فقدوا أهاليهم وأحبابهم. ولا شك بأن الشعبين التركي والسوري بحاجة ماسة إلى الدعم الكبير لتجاوز آثار هذه الكارثة، ونفخر بأن بلادنا قطر ولله الحمد وكما هي عادتها كانت من أولى الدول التي هبّت لمساندة الأشقاء في المناطق المنكوبة في كلتا الدولتين بتسييرها جسراً جوياً لإغاثة الشعبين، وتزامن ذلك مع الدعم الحكومي والشعبي المعبّر عن موقف دولة قطر الرسمي والشعبي مع هذه الكارثة التي حلّت بإخواننا هناك، علّه يخفف عليهم ويدعم الجهود الإغاثية التي يبذلها الدفاع المدني والجمعيات الخيرية والمنظمات الدولية الإغاثية ويُسهم في إعادة ما خلّفة الزلزال من دمار واسع في تلك المناطق المنكوبة. وأمام ما نراه من كوارث طبيعية تقع في العديد من أقطار العالم، لا بد لدولنا أن تضع لها سيناريوهات وخططا وقائية لما قد يحدث لها مستقبلاً فيما لا قدّر الله وتعرّضت لأي كارثة طبيعية سواء كانت زلازل أو فيضانات أو عواصف وإعصارات، فلسنا بمأمن من هذه الكوارث حتى لو استبعد علماء الجيولوجيا ذلك، فبعد هذا الزلزال تسلل الرعب إلى سكان بقية دول المنطقة من ارتدادات الزلزال أو وقع كارثة مشابهة خاصة في البلدان الواقعة على حدود صدع البحر الميت ومنها بعض دول الخليج، ورغم التقليل من جدية هذه المخاطر في الوقت الحالي فإن التوقعات والدراسات الجيولوجية تأخذ اتجاها آخر على المدى المتوسط والبعيد بتوقعاتها لوقوع زلازل مدمرة في المنطقة الواقعة على صدع البحر الميت ! ولعل ما تبني عليه هذه التوقعات هو أن منطقة الخليج العربي تقع ضمن ما يسمى بالصفيحة العربية، وهي إحدى الصفائح المكونة للقشرة الأرضية، ويحدها من الغرب قاع البحر الأحمر ومن الجنوب خليج عدن، وتمثل جبال زاغروس ومكران في إيران، وجبال طوروس في تركيا الحدود الشرقية والشمالية لهذه الصفيحة، ويحدها من الشمال الغربي حد تماسي هو صدع البحر الميت الممتد من الطرف الشمالي للبحر الأحمر حتى جبال طوروس في تركيا مروراً بالبحر الميت، وأما من الجنوب الشرقي فهناك حد تماسي آخر يمتد من الطرف الشرقي لخليج عدن حتى الطرف الشرقي لجبال مكران يطلق عليه اسم فالق أوينز. ووفقاً لقائمة المناطق الأكثر تعرضاً لهزات أرضية وتأثراً بالمناطق الزلزالية النشطة وبحسب المركز العربي للدراسات والبحوث، تأتي سلطنة عمان أكثر دول الخليج عرضة للهزات الأرضية، وقطر هي الأقل عرضة لهذه الهزات. وفي يناير 2022 أصدر مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث دراسة شاملة بشأن النشاط الزلزالي بالمنطقة العربية بما فيها منطقة الخليج العربي، وقالت الدراسة: إن النشاط الزلزالي خطره قد يتسارع في المنطقة العربية، وخاصة في الشرق الأوسط، خلال الأربعين عاماً المقبلة، وقد يخلف تداعيات مقلقة. وأضافت الدراسة: أن بلدانا عربية عليها أن لا تتساهل في تطبيق شروط صارمة لمعايير سلامة البنى التحتية والمباني، خاصة العمودية، والأخذ بعين الاعتبار مخاطر وكوارث طبيعية كالأنشطة الزلزالية والهزات الأرضية ! لذلك فإنه لزاماً على دولتنا أن تتخذ كافة احتياطاتها بشأن هذه الكوارث التي قد تحدث لا قدّر الله في أي زمان ووقت وبشكل مفاجئ قد لا تتمكن من رصده الوسائل الحديثة لقياس هذه الكوارث، فمن المهم أن يتم فرض الشروط الصارمة لمعايير السلامة لبنيتنا التحتية والمباني وأن لا يتم التهاون بها حتى لا يحدث ما لا يُحمد عقباه. ولنتعلم من التجربة اليابانية مع هذه الكوارث التي جنبتها الخسائر في الأرواح والممتلكات، فخلال زلزال هانشين الذي ضرب اليابان عام 1995، قتل نحو 6000 شخص في المدينة الصناعية الساحلية وما حولها، لكن مبنى واحد في المدينة لم يتأثر بهذا الزلزال العنيف، مالك هذا المبنى، شركة إنشاءات يابانية، جعلت أساساته من المطاط الخاص، في نسخة تجريبية وقتها من تقنية بناء تسمى " تقنية عزل القاعدة "، هذه التقنية وبحسب صحيفة نيويورك تايمز تم استخدامها في نحو 9000 مبنى في اليابان وجنّبت هذه المباني مخاطر الزلزال التي وقعت فيما بعد. فاصلة أخيرة من يظن بأننا خارج حدود خطر الكوارث الطبيعية فهو واهم، فمن الأسلم أن نتوقع كل شيء ونضع خططنا الوقائية لمواجهة ما قد لا يأتي في الحسبان، فكما وضعنا خططنا لتأمين غذائنا ومياهنا فمن باب أولى أن نُؤمّن سلامة البشر من مخاطر هذه الكوارث !