05 أكتوبر 2025
تسجيللم يكن مستغربا لي أن أرى أطفالا سوريين قد ارتدوا ملابس أنيقة تحمل ألوان العلم السوري التابع لنظام بشار وألوان العلم الروسي الممتزجة بالأبيض والأحمر والأزرق الداكن أن يغنوا أناشيد وأغاني وطنية فهذا ما لا يزال بعض السوريين المحبين لنظامهم القمعي يربون عليه أطفالهم، وتقوم عليه مدارس العاصمة دمشق الخاضعة تماما لحكم بشار منذ أن قامت ثورة تحولت إلى حرب عصابات ودول في باقي المدن والمحافظات السورية الشاسعة الممتدة، لكني لم أمنع نفسي من التعجب وأنا أشاهد نفس المجموعة من الأطفال تتوسطهم طفلة سورية تغني ( الروسية ) بطلاقة معبرة عن امتنان السوريين العظيم لجمهورية روسيا على وقوفها بجانب نظام بشار الحاكم الذي ما كان له أن يظل واقفا وصامدا وصاملا وباقيا لولا وقوف دول بمدرعاتها وقوتها العسكرية وراءه، وأهم هذه الدول روسيا التي اختارت منذ البداية أن يظل نظام بشار الأسد باقيا وألا تسقط دمشق بيد الشعب كما بدأت عليه الثورة السورية قبل أكثر من سبع سنوات بدأها السوريون بعبارة الشعب يريد إسقاط النظام، وظلت على هذه الهتافات أول ستة شهور منها حتى تحول الأمر شيئا فشيئا إلى فوضى ثم حرب شوارع وعصابات حتى انتهى إلى حرب دول داخل الدولة الواحدة وتغلغل الفرق الإرهابية إلى زوايا سوريا المظلمة حتى بنت لها دولة داخل دولة، وفقد الشعب هدفه من الثورة ولم ثار وخرج من بيوته للشوارع ليعود لها سريعا خشية أن تقتنصه رصاصة قناص لا يعرف الشفقة أو تخطفه يد الموت الذي لا يمكن أن يكون موتا رحيما بأي شكل من الأشكال وفوق كل هذا حتى البيوت التي أراد السوريون أن تكون لهم ملجأ لم يعودوا يمتلكونها، فمن حافظ على ولائه لبيت وعائلة الأسد ظل محتفظا بجدران بيته ولكن من هتف يوما ضده فلا بيت له ولا هواء ليستنشقه فهو إما معتقل في مكان معروف أو مختطف في جهة مجهولة أو مقتول بعد تعنيف وتعذيب أو ملاحق ومشرد وحتى الذين لم يكن لهم ناقة في هذا ولا جمل من خارج العاصمة دمشق فهم يلاقون نفس المصير المرعب لكن مع فرضية خيار التهجير واللجوء إما على حدود دول مجاورة يفقدون معه دفء المنزل ولمة العائلة والشعور بالأمان الذي بات أكثر ما يحتاجه السوريون المشردون في بقاع الأرض أو السفر للمجهول لطلب اللجوء الذي يكون عادة في دول أجنبية تلزم منظماتها الإنسانية على التعامل مع اللاجئين بصورة لا تعيب شكل الدولة أو تمس حقوق الإنسان فيها. ولذا فإن الحفل الذي أقيم بالأمس في قاعدة حميميم الروسية المتمركزة في سوريا بمناسبة الاحتفال بعيد حماة الوطن الذي يحتفل به الروس بتاريخ 23 فبراير من كل عام ويعود تاريخه إلى سنة 1922 ميلادية في تكريم للمحاربين القدامى للدولة الروسية والذين قضوا في معارك وطنهم وأقيم في سوريا يبدو طبيعيا، لأن بشار لا يبدو متشجعا لانسحاب الروس من بلاده أو إغضابهم فيلجأون لمثل هذه الخطوة التي تهدد بقاءه وعليه فإن مهادنتهم بالصورة المعروفة والظاهرة وغير المعروفة يبدو كسبا مشروعا لبشار الذي لم يهمه عدد الذين قتلتهم غارات جيشه وجيوش من يقف خلفه أو عدد الملايين من المهجرين والضائعين واللاجئين من شعبه الذين شتتتهم الحروب وفرقتهم أصوات الأسلحة والرصاص ومات لهم الآلاف واعتُقل الآلاف أيضا وبقي نهمه منصبا على الكرسي من أن يناله غضب الشعب الذي بدأ ثورة وانتهى حربا وفوضى في بلد يقال عنه زهرة تشرين وقلب الشام العبق، فإذا كل هذا ينقلب دما ودمارا وخرابا ولا يجد بعض العرب مواساة لبشار وكأنه الضحية في كل هذا سوى أن يعيدوا فتح سفاراتهم في دمشق، وأن يطالبوا بمقعد بشار وليس سوريا في الجامعة العربية وكأن كل من قُتل وهاجر وهرب واختُطف وعُذّب واعتُقل على يد عصابة نظام الأسد لا شفاعة له عند من يدعي الديمقراطية وهو أصغر من أن يتهجئها جيدا في خطاباته. ولكن دعوني أرفع رأسي عاليا وأنا أرى ثبات قطر في موقفها ودعمها للشعب السوري في أن هذا النظام ما هو إلا حاصد أرواح هذا الشعب، وعودته للحضن العربي مرهون بتوقفه عن القتل مع دفع كل الدية السابقة وما عدا هذا فالجميع يكاد يكون متواطئا وإن لم يحمل سلاحا أو يسفك دما !. @[email protected] @ebtesam777