18 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لقد مرت صناعة صورة الإسلام في الإعلام الفرنسي بثلاث محطات رئيسة يمكن تلخيصها على النحو التالي: أ- مرحلة الأحداث المهمة بالنسبة للإعلام الفرنسي، وتتحدد هذه المرحلة زمنيا خلال السنوات (1978-1989). لقد كان الإسلام حتى بداية عقد السبعينيات من القرن العشرين بالنسبة للرأي العام الفرنسي دينا “غريبا”، لكن منذ الثورة الإيرانية عام 1979 أصبح الإسلام موضوعا للنقاشات العائلية بفعل تغطية إعلامية مكثفة لحدث الثورة الإيرانية التي كان قائدها الإمام الخميني منفيا في الديار الفرنسية. كما تعتبر هذه المرحلة فاصلا عما قبلها في تصور الفرنسيين للإسلام، إذ كان الإسلام من قبل مرتبطا بمجموعة من التصورات والرؤى النمطية الجاهزة التي كرسها المستشرقون عن الشرق باعتباره مجالا جغرافيا وثقافيا يسود فيه الدين الإسلامي ويتواجد فيه مسلمون “غارقون في التخلف والجهل ومولعون بتعدد الزوجات، وتواقون إلى الجهاد ضد المسيحيين الكفار”. لقد بدأت ملامح صورة أخرى عن الإسلام تتبلور خصوصا وقد تزامنت هذه المرحلة مع بروز ظاهرة الهجرة من بلدان المغرب العربي، حيث أولى الإعلام الفرنسي اهتماما بالغا للمهاجرين المغاربين وجعل الفرنسيين ينظرون إليهم كتهديد للمجتمع الفرنسي بسبب ديانتهم الإسلامية. ويؤكد توماس ديلتامب في كتاب المذكور سلفا أن “الفرنسيين اكتشفوا هويتهم الخاصة والمتميزة ليس بالنظر إلى تاريخهم بل بالنظر إلى المهاجرين الآخرين القادمين من بلدان العالم العربي”، فقضية الهجرة فتحت نقاشا عموميا حول الهوية الفرنسية والطابع المسيحي لها خاصة بعدما ظهرت قضية إدماج المهاجرين في المجتمع الفرنسي.إلى جانب ذلك ركز الإعلام الفرنسي خلال هذه المرحلة على قضايا أخرى تتعلق بالإسلام والمسلمين والغرب مثل الحرية في المجتمعات الغربية مقابل الاستبداد في العالم الإسلامي، وحرية المرأة في فرنسا مقابل خضوع المرأة المسلمة لزوجها في المجتمعات الإسلامية، والحداثة مقابل التخلف، والديمقراطية مقابل سيطرة التقاليد الدينية.ومن الأحداث المهمة ذات الصلة بالإسلام والمسلمين المميزة لهذه المرحلة نذكر على سبيل المثال قضية الكاتب البريطاني من أصل هندي سلمان رشدي صاحب كتاب “آيات شيطانية” وقضية الحجاب في المدارس الفرنسية.ب- مرحلة ضبط الأقليات والجاليات المسلمة في فرنسا التي تمتد من سنة 1990 إلى 2000. وخلال هذه المرحلة تراجعت صورة إيران كممثل للإسلام لتحل محلها صورة العراق والرئيس الراحل صدام حسين أثناء غزو الكويت، والجزائر بمناسبة ظهور الجبهة الإسلامية للإنقاذ. في هذا السياق أصبح الإسلام يجسد في الذهنية الفرنسية ووسائل الإعلام العدو المضاد للغرب.وفي بداية التسعينيات من القرن العشرين عادت قضية الهجرة لتحتل الواجهة الإعلامية لكن بشكل مختلف عن المرحلة السابقة حيث تداولت المنابر الإعلامية الفرنسية مصطلح “انتفاضة الضواحي” لتوصيف حالة المهاجرين المسلمين القادمين من دول المغرب العربي الذين قاموا بمظاهرات عنيفة واشتباكات دموية مع رجال الشرطة احتجاجا على انعدام شروط الحياة الكريمة في أحيائهم المهمشية في باريس وليون ومارسيليا. فصار الإعلام الفرنسي يسلط الضوء أكثر على هذه الأحياء واصفا إياها بـ”الغيتوهات” و “المناطق الخارجة عن القانون”.د- مرحلة ما بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر2001. لقد أفرزت أحداث 11 سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية تداعيات خطيرة على المسلمين في فرنسا حيث استفحلت ظاهرة الحقد والكراهية والاستفزاز ضدهم كأفراد، وضد مؤسساتهم الدينية (المساجد، المقابر) وكذلك التضييق على نشاطهم الثقافي والاجتماعي والدعوي. ومنذ تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر دخل الفرنسيون مرحلة جديدة في التعاطي مع الإسلام والمسلمين، فقد أصبح الحديث الرائج عبر وسائل الإعلام هو المؤامرة التي تستهدف أبناء الجاليات المسلمة في فرنسا من طرف تنظيم القاعدة، مما أدى إلى سيطرة العقلية الأمنية داخل الدولة الفرنسية في تعاملها مع المسلمين، فأصبحت المساجد والخطب ولقاءات المسلمين وجمعياتهم خاضعة لرقابة شديدة من طرف وزارة الداخلية ورجال المخابرات. وفي هذا السياق أقدمت الحكومة الفرنسية في ديسمبر 2002 على إنشاء المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وبذلك انطلقت مرحلة جديدة في تاريخ الجاليات والأقليات المسلمة في فرنسا إذ أصبح ينظر إليهم على أنهم (مسلمو فرنسا) وليس (المسلمون في فرنسا). ومما لا شك فيه أن الغاية من وراء ذلك كانت هي احتواء العمل الإسلامي في فرنسا من منظور أمني صرف.إن ما يميز مرحلة ما بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 الانتشار الواسع لثقافة “الخوف من الإسلام” أو ما اصطلح عليه بالإسلاموفوبيا، مما زاد في تعميق الصورة المشوهة عن الإسلام والمسلمين بواسطة أحدث تقنيات الإعلام والاتصال من فضائيات وصحف ومجلات وانترنت ووسائط متعددة. وفي مجال الإعلام المكتوب، أسهمت الصحافة الفرنسية المجلات والجرائد بدور فاعل في صناعة صورة الإسلام في الإعلام الفرنسي حيث ركزت الصحافة اليومية والأسبوعية على تناول مواضيع ذات الصلة بالإسلام والمسلمين بنوع من الإثارة والجاذبية والتشويه والتحريف والافتراء، بل عمدت صحف مغمورة مثل جريدة (شارلي إيبدو) إلى نشر رسوم كاريكاتورية مستفزة عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بدعوى حرية التعبير، متجاهلة حملات الاستنكار والتنديد من طرف المسلمين ومؤسساتهم الدينية والثقافية والسياسية داخل فرنسا وخارجها. في سنة 2011 أصدرت جريدة “شارلي إيبدو” عدداً خاصاً تتهكم فيه على الإسلام والمسلمين، بعنوان “شريعة إيبدو”، كتبت فيه أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو رئيس تحرير هذا العدد، وذلك بمناسبة فوز حركة النهضة الإسلامية في الانتخابات البرلمانية التونسية. وبمناسبة انتشار الاحتجاجات المنددة بشريط “براءة المسلمين” خلال سنة 2012، قامت جريدة شارلي إيبدو الجريدة بإصدار رسم كاريكاتوري عن الرسول الكريم باعت منه حوالي مليون نسخة.