11 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لقد شرعت الدول في اتخاذ بعض الخطوات لحماية الحرية الدينية، واحترام الأديان، بلجوئها إلى سن قوانين لمنع الإساءة إلى الأديان، ومنع عرض الصور النمطية السلبية عن أتباع الأديان. لكن مع ذلك فإن هذه الصور النمطية، مازالت تنتشر بقوة في بعض الدول الغربية تحت مبرر حرية الرأي والتعبير، وحرية الإعلام، كما مازالت هذه الدول تتردد في إصدار تشريعات وطنية، انسجاما مع ما التزمت به من قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان، من أجل معاقبة من ينتهك حرمة الأديان حتى ولو تذرع بحرية الرأي والتعبير التي تتناقض جملة وتفصيلا مع الكراهية والتمييز الدينيين. ومعلوم أن مجلس حقوق الإنسان هو الجهة التي من شأنها التنبيه إلى واجب شجب ومنع حالات التعصب والتمييز والتحريض على كراهية معتنقي أي دين، كما من واجب الأمم المتحدة وكل المنظمات الإقليمية والدولية العمل على تعزيز الجهود الدولية لمكافحة الإفلات من العقاب نتيجة ارتكاب الإساءة إلى الأديان، لقد طالبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من الأمين العام أن يقدم تقريرا حول مدى تنفيذ قرار مناهضة تشويه صورة الأديان، وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على ذلك يطرح اليوم سؤال مركزي ومحوري ومعقد: كيف يمكن منع الإساءة إلى الأديان؟ وما هي الآليات الكفيلة بالتنزيل العملي لقرار الأمم المتحدة؟وفي ظل الأحداث التي تشهدها مناطق عديدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب الصحراء تتسم بانتشار حركات دينية متطرفة تهدد الأمن والسلم العالميين، وفي وقت تزايدت فيه موجة التمييز والكراهية والعنصرية على أساس العرق والدين في أوروبا، واستفحلت فيه ظاهرة الإسلاموفوبيا، تزامنا مع الأحداث التي شهدتها كل من ألمانيا (مظاهرات ضد أسلمة الغرب) والسويد (إضرام النار في المساجد) وفرنسا (الاعتداء المسلح على مقر جريدة شارلي إبدو)، تعالت الأصوات من جهات عديدة تطالب بوضع اتفاق دولي ملزم يتم بموجبه احترام الأديان والتمييز بين حرية الرأي والتعبير ومسألة الإساءة إلى الأديان، واعتبار ذلك بمثابة مساس بحقوق الإنسان.إن الإساءة إلى الأديان بواسطة مختلف وسائل الإعلام، أمر مخالف لقواعد القانون الدولي جملة وتفصيلا، وهي ظاهرة خطيرة تتزايد يوما بعد آخر، وتنتشر انتشار النار في الهشيم، من بلد غربي إلى آخر، خلافا لما تتضمنه قواعد القانون الدولي على المستويين العالمي والقاري من مبادئ تحرم الإساءة إلى الأديان وتؤكد على التسامح وتنبذ مختلف صور التمييز، سواء أكان عرقيا أو إثنيا أو دينيا، استنادا إلى مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمعاهدات والمواثيق المنبثقة عنه.لقد ازداد الوعي بضرورة شجب استغلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة والإلكترونية لهذا الغرض، خاصة أنه قد صدرت كتب وصنعت أفلام أمعنت في الإساءة إلى الرموز الدينية خاصة الإسلامية، وتلتها رسومات ومقالات صحفية، وتعليقات مبثوثة على المواقع الإلكترونية، تخرق بصورة فاضحة مبادئ التسامح، وتسيء للإسلام تحت مبرر حرية الإعلام وحرية الرأي والتعبير المكفولة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. ورغم الجهود المتوالية التي تبذلها منظمات دولية ومنها الإيسيسكو، والتي تجد سندها في اجتهادات القضاء الدولي، وفي الاجتهاد الفقهي الدولي الرصين، فإن مسألة الإساءة إلى الأديان بواسطة وسائل الإعلام هي في تصاعد مستمر، مما يستلزم التفكير في إيجاد حلول لوضع حد لهذه الظاهرة التي تزداد حدة وقوة من حين لآخر.لكن كيف السبيل إلى ذلك؟ هل بفرض قيود على حرية الإعلام، وبالتالي على حرية الرأي والتعبير؟ أم بإطلاق العنان لها دون حسيب ولا رقيب؟ أم بجعل حق احترام الأديان وحرياتها نداً مساويا لحرية التعبير عن الرأي؟ لأن طغيان أحدهما على الآخر، قد يؤدي إلى انتهاك مبدأين قديمين متأصلين في منظومة حقوق الإنسان، لا يمكن التضحية بأحدهما من أجل الحفاظ على الآخر. تلك أسئلة تشغل حاليا بال الباحثين والمنظمات الإسلامية والدولية المعنية بالموضوع، وستنال لاشك كثيرا من الاهتمام والدراسة والمتابعة في ضوء تداعيات انتشار ظاهرة الإساءة للأديان وفي مقدمتها الدين الإسلامي ورموزه المقدسة، والجهود الدولية المتنامية للحد من الأعمال الإرهابية للجماعات المتطرفة في الشرق الأوسط ودول الساحل الإفريقي.