13 سبتمبر 2025

تسجيل

أهمية الرياضة البدنية في حياة المسلم (2)

24 فبراير 2013

حتى لا تتكرر مجرزة بورسعيد ولا مأساة مباراة مصر والجزائر رابعا: الضوابط والآداب الشرعية للرياضة البدنية قد اهتم الإسلام بجميع جوانب الإنسان بروحه وبجسده وبعقله ، وشجعه على ممارسة الرياضة الذهنية والبدنية المضبوطة بالضوابط الشرعية، والآداب السلوكية الحميدة، تحصيلاً وتحصينا للقوة وحفاظاً على الصحة والعافية . ولكن الرياضة البدنية ليست هدفاً أو غاية في ذاتها ، بل هي وسيلة من وسائل القوة لحماية الدين ونصرة المسلمين وإنقاذ المستضعفين.. وإذا تحولت الرياضة البدنية إلى هدف في حد ذاته، أو شغلت عما ينفع المسلم في دينه أو دنياه وأخراه ، فقد تحولت عن المراد منها شرعاً، وانحرفت عن القصد منها عقليا وعرفيا وينبغي للمسلم ألا يُضِيِّع فيها وقته أو جهده حينئذ. وإذا كانت الرياضة تُجهد البدن وتعوق المسلم عن ورده من قيام الليل وتلاوة القرآن الكريم، فإن عليه أن يتجنبها حتى لا يعجز أو يكسل عن القيام بحزبه، فقيام الليل وقراءة القرآن رياضة بدنية وروحية تقوي البدن وتزيد الإيمان، ولا ينبغي أن يبدل بها الرياضة البدنية فقِيَامُ اللَّيْلِ مِنْ أَنْفَعِ أَسْبَابِ حِفْظِ الصِّحَّةِ، وَمِنْ أَمْنَعِ الْأُمُورِ لِكَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرَاضِ الْمُزْمِنَةِ، وَمِنْ أَنْشَطِ شَيْءٍ لِلْبَدَنِ وَالرُّوحِ وَالْقَلْبِ، كَمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: ( "يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ عَلَى كُلِّ عُقْدَةٍ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ، فَإِنْ هُوَ اسْتَيْقَظَ، فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ثَانِيَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ» ) قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – "وَالصَّلَاةُ مَجْلَبَةٌ لِلرِّزْقِ، حَافِظَةٌ لِلصِّحَّةِ، دَافِعَةٌ لِلْأَذَى، مَطْرَدَةٌ لِلْأَدْوَاءِ، مُقَوِّيَةٌ لِلْقَلْبِ، مُبَيِّضَةٌ لِلْوَجْهِ، مُفْرِحَةٌ لِلنَّفْسِ، مُذْهِبَةٌ لِلْكَسَلِ، مُنَشِّطَةٌ لِلْجَوَارِحِ، مُمِدَّةٌ لِلْقُوَى، شَارِحَةٌ لِلصَّدْرِ مُغَذِّيَةٌ لِلرُّوحِ، مُنَوِّرَةٌ لِلْقَلْبِ، حَافِظَةٌ لِلنِّعْمَةِ، دَافِعَةٌ لِلنِّقْمَةِ، جَالِبَةٌ لِلْبَرَكَةِ، مُبْعِدَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، مُقَرِّبَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ. وَبِالْجُمْلَةِ: فَلَهَا تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي حِفْظِ صِحَّةِ الْبَدَنِ وَالْقَلْبِ، وَقُوَاهُمَا وَدَفْعِ الْمَوَادِّ الرَّدِيئَةِ عَنْهُمَا، وَمَا ابْتُلِيَ رَجُلَانِ بِعَاهَةٍ أَوْ دَاءٍ أَوْ مِحْنَةٍ أَوْ بَلِيَّةٍ إِلَّا كَانَ حَظُّ الْمُصَلِّي مِنْهُمَا أَقَلَّ، وَعَاقِبَتُهُ أَسْلَمَ22. التربية الرياضية لا تثمر ثمرتها المرجوة إلا إذا صحبتها الرياضة الروحية الأخلاقية، ولذلك ضوابط وآداب ، يجب أن يحافظ على آدابها، ويُلتزم بضوابطها ، والتي من أهمها - فضلا عن ما سبق من تقرير كونها وسيلة وليست غاية ولا هدفا في حد ذاتها – فضلا عن ذلك. 2- عدم التعصب الممقوت فإذا حدث انتصار لفرد أو فريق وكان الفرح بذلك على ما تقتضيه الطبيعة البشرية، وجب أن يكون فى أدب وذوق، فالقدر قد يخبئ للإنسان ما لا يسره، وقد تكون الجولات المستقبلة في غير صالح الفائز الآن. وفى الحديث عن جبير بن مطعم - رضي الله عنه - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "ليس مِنَّا مَنْ دعا إلى عصبيَّة، وليس منا من قاتل عصبيَّة، وليس منا  من مات على عصبيَّة"23 3- ولا يجب أن تكون هناك شماتة بالفريق المنهزم، ففى الأثر : "لَا تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لأَخِيكَ فَيَرْحَمُهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيكَ"  قال عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود – رضي الله عنه - ، قَالَ: "لَوْ سَخِرْتُ كَلْبًا، خَشِيتُ أَنْ أَحُورَ – أرجع – كَلْبًا". وقَالَ إِبْرَاهِيم: إِنِّي لأرى الشَّيْء، فأكره أَن أعيبه مَخَافَة أَن أبتلى بِهِ، إِن عَبْد اللَّهِ، كَانَ يَقُول: إِن الْبلَاء مُوكل بالْقَوْل. وقَالَ سعيد بْن الْمسيب: إِن أربى الرِّبَا استطالة الْمَرْء فِي عرض أَخِيه الْمُسلم24. 4- وإنما يجب أن يحب كل فريق وجمهوره للآخر ما يحبه لنفسه، ويكره لهم ما يكرهه لنفسه، وفى الصحيح عَن أنس – رضي الله عنه - عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى يحب لِأَخِيهِ مَا يحب لنَفسِهِ " كَذَا عِنْد البُخَارِيّ. وَقَالَ مُسلم فِي رِوَايَة لَهُ من حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة: حَتَّى يحب لِأَخِيهِ - أَو قَالَ - لجاره مَا يحب لنَفسِهِ "25وقد رأيتم أن الأعرابى سبق بقعوده ناقة النبى صلوات الله وسلامه عليه التي كانت لا تُسبق، وشق على المسلمين ذلك تمثلت الروح الرياضية الصحيحة-كما يعبر المتحدثون -عند النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن حقا على الله ألا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه، وذلك ليهدىء من ثائرة المتحمسين له. وقال لعائشة لما سبقها: هذه بتلك. 5- من الأدب الإسلامي عند الخصومة والمنافسة، رعاية حسن العهد فحسن العهد من الإيمان ، كما في الصحيح26 وعدم نسيان الشرف والذوق؟ وعدم الفجور في المخاصمة فتلك من خصال المنافقين، ففي الحديث الصحيح "أربع من كن فيه كان منافقا خالصا. ومن كانت فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا أؤتمن خان، وإذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر"27. 6- عدم الاستغراق في ممارسة الرياضة إلى حد نسيان وإهمال الواجبات الدينية والوطنية أو الواجبات الوظيفية والأسرية الأخرى وغيرها، ولا يرضى الإسلام أبدا أن نصرف لها اهتماما كبيرا يستغرق – جهدا ومالا ووقتا - يغطى على ما هو أهم منها بكثير. مما تتقدم به الأمة وتنهض ، فلا بد من مراعاة سُلَّم الأولويات، وفرض الوقت ، ووقت الفرض. "إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا"28 "وَلَا يزَال قومٌ يتأخرون حَتَّى يؤخرهم الله "29 وفى الصحيح عَن أبي مُوسَى – رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - : " إِن الله لَا ينَام، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن ينَام، يخْفض الْقسْط وَيَرْفَعهُ، يرفع إِلَيْهِ عمل اللَّيْل قبل عمل النَّهَار، وَعمل النَّهَار قبل عمل اللَّيْل"30. 7- عدم ممارسة الرياضة أو إقامة المباريات بشكل يؤذى الغير - زمانا أو مكانا- ، كما يمارس البعض لعب الكرة فى الأماكن الخاصة بالمرور أو حاجات الناس، وفى أوقات ينبغى أن توفر فيها الراحة للمحتاجين إليها. من الدارسين ، والمرضي ، والنائمين والإسلام نهى عن الضرر والضرار. وقد قال تعالى :"وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا"31 وفى الصحيح " عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ – رضي الله عنه - عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إيَّاكُمْ وَالْجُلُوس فِي الطرقات " فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، مَا لنا من مجالسنا بدٌّ، نتحدث فِيهَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " فَإِذا أَبَيْتُم إِلَّا الْمجْلس فأعطوا الطَّرِيق حَقه " قَالُوا: وَمَا حق الطَّرِيق يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " غض الْبَصَر، وكف الْأَذَى، ورد السَّلَام، وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْي عَن الْمُنكر"32. 8- عدم التحزب الممقوت، الذي فرَّق بين الأحبة، وباعد بين الأخوة، وجعل فى الأمة أحزابًا وشيعا، والإسلام يدعو إلى الاتحاد ويمقت النزاع والخلاف، وغير بعيد ما وقع مؤخرا بين شقيقتين (مصر والجزائر ) في وطننا العربي الإسلامي بسبب لعبة رياضة كرة القدم33" وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ"34 "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا"35"وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ"36  وفى الصحيح ""عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تباغضوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تدابروا، وَكُونُوا - عباد الله - إخْوَانًا " زَاد ابْن عُيَيْنَة وَغَيره: " وَلَا تقاطعوا "37. 9- الحرص على الكلمات الطيبة من كافة الرياضيين ومن جماهير الفِرق الرياضية مع بعضهم – صاحبة الأرض أو المُضيفة وغيرها- فلا يرضى الاسلام أن توجه الكلمات النابية من فريق لآخر ، أو من جمهور لآخر ويكره – بل يُحرِّم - التصرفات الشاذة التى لا تليق بإنسان له كرامته. وبشخص يشجع عملا فيه الخير لتكوين المواطن الصالح جسميا وخلقيا. قال تعالى:"وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا"38 :"وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا"39 "ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ"40 :"وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ *وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ *وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"41. 10- عدم الاختلاط في الممارسات الرياضية فلا يُقر الإسلام الألعاب الجماعية التى يشترك فيها الجنسان ويحدث فيها كشف للعورات أو أمور ينهى عنها الدين.وذلك لحرمة الاختلاط بين الجنسين، ولكون ذلك يُؤدي إلى مفاسد جمَّة "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ""وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ...."42 وفى الصحيح عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ النِّسَاء للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: غلبنا عَلَيْك الرِّجَال، فَاجْعَلْ لنا يَوْمًا من نَفسك. فوعدهن يَوْمًا لقيهن فِيهِ، فوعظهن وأمرهن، وَفِي رِوَايَة مُسَدّد عَن أبي عوَانَة: جَاءَت امرأةٌ إِلَى رَسُول الله، فَقَالَت: يَا رَسُول الله، ذهب الرِّجَال بحديثك، فَاجْعَلْ لنا من نَفسك يَوْمًا نأتي فِيهِ تعلمنا مِمَّا علمك الله، فَقَالَ: " اجْتَمعْنَ فِي يَوْم كَذَا وَكَذَا، فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا " فاجتمعن، فأتاهن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعلمهن مِمَّا علمه الله، ..."43 ولئن كان الاختلاط غير مشروع في دور العلم والتعليم حيث يُعنى بالعقل ، وثمة صارف عن الاشتغال بالجسد فأولى ثم أولى ؛ عدم الاختلاط في النوادي والمجمعات الرياضية التي تُعنى فيها بالجسد ومكوناته. 11- لا يُقِر الإسلام الألعاب التي تثير الشهوة وتحدث الفتنة، كرياضة الرقص من النساء حين تعرض على الجماهير.فتُحرِّك الغرائز، وتبعث الكامن من الشهوات, فهذه الرياضة تعمل على إشاعة الفاحشة في المجتمع المسلم بعرضها على الجماهير من خلال المسارح العامة وبثها عبر الفضائيات قال تعالى :" إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"44 والقاعدة "كل ما أدَّى إلى حرام فهو حرام" 12- لا يرضى الإسلام لجنس أن يزاول ألعاب جنس آخر تليق به ولا تتناسب مع غيره فى تكوينه وفى مهمته ورسالته فى الحياة ذلك أن الإسلام حين يبيح شيئا ويجيزه يجعل له حدودا تمنع خروجه عن حد الاعتدال وتحافظ على الآداب وتتسق مع الحكمة العامة للتشريع، وفى إطار هذه الحدود يجب أن تمارس الرياضة، وإلا كان ضررها أكبر من نفعها، وذلك مناط تحريمها، كما هى القاعدة العامة للتشريع. ويشير إلى ذلك كله قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين}45 ، فالآية بعموم لفظها تحرم الاعتداء فى كل تصرف سواء أكان ذلك مطعومًا أم ملبوسًا أم شيئا آخر وراء ذلك، والاعتداء هو تجاوز الحد المعقول الذى شرعه الدين. بالإلتزام بمثل هذه الضوابط والآداب لا تتكرر مجزرة بورسعيد الشهيرة ، ولا مأساة مباراة مصر والجزائر. خامسا: موقف الإسلام من ممارسة المرأة للرياضة رياضة البدن – بدن الرجال والنساء - معالجته بألوان مختلفة من الحركات لتهيئة أعضائه لأداء وظائفها بسهولة، وقد قال المختصون: إن هذه الرياضة توفر للجسم قوته وتزيل عنه أمراضا ومخلفات ضارة بطريقة طبيعية هى أحسن الطرق فى هذا المجال. ولا مانع للمرأة المسلمة من جمعها بين حقها في الرياضة البدنية وبين الكرامة والاحتشام والعفة، ورعاية حق الله وحدوده. فممارسة الرياضة البدنية والذهنية أمر مشروع في أصله ما لم يوجد فيه ما يخالف الشرع من كشف العورات، واختلاط الرجال بالنساء الأجنبيات، وسماع الموسيقى، وتضييع الأوقات ... كما يحرم الركوع أو السجود أو فعل شيء من الطقوس عند ممارسة الرياضة كما يفعل الوثنيون- وعند ذلك تحرم الرياضة البدنية لا لذاتها ولكن نظرا لِما صاحبها من هذه المحرمات. ممارسة الرياضة البدنية جائزة في حق المرأة، وقد دل على ذلك ما ورد في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود أن عائشة رضي الله عنها قالت: سابقني النبي فسبقته، حتى إذا رهقني اللحم سَابَقَني فَسَبَقني، فقال: هذه بتلك. ويشترط لإباحة رياضة المرأة أن تكون هذه الرياضة ملائمة لطبيعتها وأنوثتها، وأن لا تؤدي إلى كشف عورتها، أو إظهار مفاتنها أمام من لا يحل له أن يرى ذلك منها ، وفى الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله"46. وأن لا يشترك معها فيها رجال أو أجانب، وكونها تُمارس هذه الرياضة في نوادٍ وقاعات خاصة؛ في هذه القاعات تنزع من ثيابها ما تتمكن معه  من أداء الحركات الرياضية بخفة وسهولة ؛ ويزعم البعض أن هذه القاعات محصنة وأنها بمنأى عن اطلاع الرجال، وبعيدة عن أعين الرقباء  ، فإن الصناعات المتقدمة أنتجت من الوسائط ، ووفرت من الوسائل المتطورة الحديثة التي تُمكن من التجسس والرصد مما يشهد بصحة هذا التوقع ، ودحض هذا الزعم. فتقع بذلك في مخالفة شرعية. سدسا: أنواع الرياضيات وموقف الإسلام منها في تاريخ العرب والأمة الإسلامية - غير العبادات والتكاليف الشرعية - رياضات تشبه إلى حد كبير كثيرا ما تواضع عليه للناس فى هذا العصر، أقرها الإسلام وشجعها وإليك صورا لها: 1- العَدْوُ: وهو المشي على الأقدام – منفردا أو متسابقا- والمسابقة على الأقدام والسابق يفخر على المسبوقين، وقد سابق رسول الله بنفسه على الأقدام، وهو تدريب على سرعة المشى، يلزم للأسفار من أجل الجهاد ونشر الدعوة والسعى لتحصيل الرزق وغير ذلك، ويذكر التاريخ العداء المشهور " فيديبدس " من قرية ماراثون باليونان وما كان له من أثر فى إخطار البلاد بهجوم الجيش الفارسى عليهم في سبتمبر سنة 490 قبل الميلاد وفى انتصارهم على العدو، وقد خلد اسمه بعد ذلك بسباق ماراثون. هذا والعَدْوُ داخل ضمنا تحت الأمر القرآني بالمسارعة إلى الخير، فهى مسارعة روحية وجسمية، "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ"47 "وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ"48 وفى الحديث عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ: سَابَقْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَبَقْتُهُ، فَلَمَّا حَمَلْتُ مِنَ اللَّحْمِ سَابَقَنِي فَسَبَقَنِي فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ هَذِهِ بِتِلْكَ"49 عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ مَشَى بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ - علامتين لتحديد المسافة-كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَسَنَةٌ"50. وَعن إِبْرَاهِيم بْنِ يَزِيدَ التَّمِيمِي عَن أَبِيه قال" رَأَيْت حُذَيْفَة يعدو بَين الهدفين بِالْمَدَائِنِ فِي قَمِيص". وَعن الْأَوْزَاعِيّ عَن بِلَال بن سعد قال:" أدْركْت قوما يَشْتَدُّونَ بَين الْأَغْرَاض يضْحك بَعضهم إِلَى بعض فَإِذا كَانَ اللَّيْل كَانُوا رهبانا". وَقَالَ مُجَاهِد : رَأَيْت ابْن عمر يشْتَد بَين الهدفين وَيَقُول أَنا بهَا "وكَانَ عقبَة بن عَامر يشْتَد بَين الغرضين وَهُوَ شيخ كَبِير"51. وسار ذكوان – مولى عائشة رضي الله عنها - من مكة إلى المدينة - في يوم وليلة، "المسافة حوالى 500 كيلو متر أو انقص منها قليلا" فقدم على أبي هريرة وهو خليفة مروان على المدينة فصلّى العتمة فقال له أبو هريرة: حاج غير مقبول منه. فقال: لِـــمَهْ؟ فقال: لأنك نفرت قبل الزوال -ظن أنه خرج من مكة قبل أن يرمى الجمرة التى يدخل وقتها بالزوال - فأخرج كتاب مروان مؤرّخا بعد الزوال. وكذللك حذيفة بن بدر – اشتهر بسرعة العَدْو -  أغار على هجاء بن المنذر بن ماء السماء فسار في ليلة مسير ثمان، وفيه يقول قيس بن الحطيم: هممنا بالإقامة ثمّ سرنا.. مسير حذيفة الخير بن بدر52. هوامش: 22- زاد المعاد في هدي خير العباد (4/ 304). 23- أخرجه أبو داود  رقم (5121) في الأدب، باب في العصبية، وإسناده ضعيف، ولكن يشهد له معنى الحديث الذي قبله، وهو عند مسلم رقم (1848) بأطول منه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، فالحديث حسن. 24- شرح السنة للبغوي (13/ 140) 25- الجمع بين الصحيحين (2/ 560) 26- الأحاديث الصحيحة " حديث رقم (216) 27- البخاري ومسلم 28- النساء: 103 29- الجمع بين الصحيحين (2/ 474) 30- الجمع بين الصحيحين (1/ 320) 31- الأحزاب: 58 32- الجمع بين الصحيحين (2/ 435) 33- في قصة الحضارة إن كرة القدم "لعبة بغيضة يدفع فيها الشبان كرة ضخمة، لا يقذفها في الهواء، بل يضربها بالقدم". ويبدو أن هذه اللعبة جاءت من بلاد الصين إلى إيطاليا وإنجلترا حيث انتشرت في القرن الثالث عشر انتشاراً واسعاً، وقد بلغ من عنفها أن حرمها إدوارد الثاني لأنها تؤدى إلى تعكير السلم . قصة الحضارة (16/ 220) هذا وقد كتبنا - بفضل الله وحوله وقوته وقتها - بضرورة اتخاذ أولياء الأمور من الإجراءات ، ما يحقن الدماء ، ويحفظ الصدور من الضغائن ، ويُبقي على الألفة والمحبة بين شعوب الأمة. 34- الأنفال:46 35- آل عمران : 103 36- آل عمران: 105 37- الجمع بين الصحيحين (2/ 482) 38-  البقرة: 83 39- الإسراء:53 40- المؤمنون: 96 41- فصلت : 34 – 36 42- النور: 30 – 31 43- الجمع بين الصحيحين (2/ 447) 44- النور:19 45- المائدة: 87 46- رواه أحمد وأبو داود والترمذي 47- آل عمران: 133 48- المؤمنون /60- 61 49- مسند الحميدي (1/ 289) 50- فضل الرمي وتعليمه للطبراني (ص: 138) حكم الألباني ضعيف الجامع حديث رقم: 5858 51- الفروسية (ص: 126 وعزاه إلى الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير) 52- محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء (2/ 648)