10 سبتمبر 2025

تسجيل

يأكلون علفاً ويتجرعون ألماً

24 يناير 2024

في مشهد نقلته قناة الجزيرة أقل ما يقال عنه (أيجوع هؤلاء وفينا من يموت من التخمة) ؟! تجمع عدد من أطفال غزة في شمالها على الأرض يجمعون حبوبا من ( العلف ) لسد جوعهم وجوع عائلاتهم المتكومة بالعشرات في الخيمة الواحدة فهل بقي لنا نخوة بعد مشهد مؤلم ويتحدث عن نفسه مثل هذا ؟! فماذا يعني أن أهل غزة قد وصلوا لهذه الدرجة من الجوع والبحث عما يسده لدرجة أنهم باتوا ينافسون الدواب التي تجر عرباتهم المتهالكة في علفها وطعامها ؟! وأي مساعدات إنسانية نسمع بها ولا نراها بعد مرور أكثر من 107 أيام من العدوان الوحشي عليها رغم واقعية تصريحات قلة من الدول العربية ومنها دولة قطر التي قالت إن إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع تتعرض لصعوبات ومهمة أشبه بالمستحيلة نظرا للوضع الأمني المتدهور لإدخالها لمستحقيها بأمان ؟! وأي معبر هذا المغلق والمفتوح معا والذي لا يمكن متابعة ما يجري من خلاله ولا تغطية دوره في إدخال المساعدات أو منعها ومن يتحصلها وإلى أي نقطة داخل غزة تقف عندها فلا يستفيد الكثيرون منها بينما يجهل العالم من الذي يستفيد منها من الأساس ؟!. إنني والله أكاد أجن وأنا أعد أيام الحرب الدامية على غزة والأمر يزداد سوءا وتتضاعف مأساته أكبر حتى وصلت لكلمة ( المجاعة ) والأطفال والرضع يموتون جوعا وبردا وكبار السن يتجمدون من شدة الرياح الباردة التي تأكل من عظامهم الهزيلة وتخترق الخيام البالية لها والمصيبة أن العالم كله يشاهد ويسمع ولا يحرك ساكنا تجاه هذه الأزمة الإنسانية التي اجتمع فيها الجوع والحصار والبرد والقتل والدمار والنزوح والشتات والعطش والأمراض والأوبئة حتى وصل الحال بأن تكون الأعلاف الحيوانية طعاما لأطفال وأهالي شمالي وشرقي غزة تحديدا بعد أن فقدوا كل ما يمكن أن يكون صالحا للاستهلاك الآدمي من الطعام فهل يعقل هذا يا أمة محمد ؟! يموت منا ملايين من التخمة والسمنة وتزدحم المستشفيات بعمليات جراحات التكميم والقص والتصغير ويموت الملايين في غزة جوعا وعطشا وحرمانا ويربطون على بطونهم حجارة لإسكات قرصات الجوع وطعنات الحاجة للطعام والشراب معا ففي شرع من هذا يا عالم ؟! أيحق لإسرائيل أن تفعل وتتحكم بمن يأكل ومن يجوع ونحن لا نملك سوى مسايرتها وإعطائها مقبض التحكم في كل هذا ؟! فإسرائيل نفسها رمت بمسؤولية معبر رفح على مصر في سرد دفاعها عن نفسها أمام محكمة العدل الدولية ورد التهم الموجهة لها من قبل جنوب إفريقيا في الوقت الذي نفت فيه مصر أن تكون هي المسؤولية عن إدارته كاملة وأنها تغلقه في وجه إدخال المساعدات الإنسانية التي أصرت أن إسرائيل هي من تشرف عليها نوعا وكمية قبل إدخالها إلى القطاع مما جعل الشعوب العربية تلقي لوما كبيرا على القاهرة بعد هذا المطب الذي وضعتها فيه إسرائيل رغم تأكدي بأن تل أبيب إنما تكذب في هذا وهي من تتحكم بكل مداخل ومخارج القطاع وأن هجوم السابع من أكتوبر الماضي قد جعلها مجنونة في الانتقام الجماعي والقتل العشوائي والتحكم بكل ما يمكنه أن يُركع القطاع تحت إمرتها وسيادتها ولا شك أن معبر رفح الواقع بين القطاع وجمهورية مصر يقع تحت هذا التحكم البغيض نظرا لما تظنه عن نفسها بأنها الضحية التي بوغتت بهجوم غير مبرر واليوم إنما تحاول استرداد حقها المشروع من الانتقام الذي لا ترى أنه قد تجاوز لمرحلة الإبادة وجرائم الحرب كما بات تُتهم به إسرائيل ولذا فإن الأمر أيضا بات فوق تحملنا كشعوب تنظر لشعب مثلها يقع تحت دائرة القهر والألم وكل ما يمكن أن يسهم في قتله وإبادته إن لم يكن بالرصاص فإن الجوع والبرد والأوبئة أسلحة لا تقل دموية وشراسة تتحكم بهم إسرائيل بكل صلافة وغرور ووحشية وبلا شك إرهاب يتفوق على معنى الإرهاب الذي يراه هذا الكيان المحتل المجرم.