14 سبتمبر 2025
تسجيلمن كانت له أم على قيد الحياة وأب لا يزال أمام عينيه فهي النصيحة الأغلى التي أنصح نفسي وأنصحكم بها، وهي اهتموا بالوالدين محافظتكم على عيونكم التي ترونهم بها، فقد آلمتني قصص طويلة تمر علي وأنا أقلب وسائل التواصل الاجتماعي عن تلك القسوة والتجبر والإجرام الذي وصل لقلوب بعض الأبناء في قتل الوالدين أو رميهما في دار المسنين أو التململ من وجود الأم في منزل ولدها المتزوج أو ابنتها المتزوجة، والتفكير بالتخلص منهما أو من أحدهما، وربما يقول قائل منكم لكن هذه الأمور والحوادث لا تحدث في بلادنا ولله الحمد لكن العقوق يحدث بيننا من الأبناء ذكورا وإناثا وهذا أمر لا يجب إنكاره ولا اقتصاره بيننا فقط ولكن في جميع العالم، ولكني كما تعلمون في مواضيع مقالي ودعوني أقول لكم سرا عني وهو أنه يمكن لي موقف يمر أمام أنظاري أن يشعل فتيل الإلهام في داخلي فيجعلني أتوسع في المقال من فكرة عابرة لموضوع يمكن أن يأخذ أبعادا أكبر، ولذا سوف أذكر لكم ما حدث أمامي بالأمس، حيث كانت ابنة شقيقي تدرس وتتابع مع صديقتها من خلال الهاتف وكانت تضعه على مكبر الصوت نظرا لتتبعها في الكتاب وكتابة الملاحظات على النقاط التي كانتا تتناقشان فيها ولم أهتم حقيقة بهذا الوضع لولا أن ابنة شقيقي حضرت لي وقالت لي من باب القرب النفسي الذي بيني بينها قبل أن تكون هناك القرابة الأسرية وأخبرتني أن صديقتها فلانة قد نهرت والدتها وهي معها على الهاتف بأسلوب وصفته بأنه قليل أدب ولا يجوز لهذه الابنة أن تفعله مع أمها بهذه الصورة المهينة. والحقيقة أنني حين عرفت الوصف قد شهقت استنكارا وغضبا فليس من المعقول أن تصل الأمور إلى هذا الحد المؤسف رغم أن والدة صديقتها إنسانة تبدو عليها الطيبة والحنية على وصف ابنة شقيقي التي رأتها مرارا، فقلت لها وإن لم تكن طيبة فهل يجوز أن تعاملها بهذه الطريقة التي تقلل فيها من احترامها كأم لها؟! ماذا يعني أن تكون والدتي قاسية فهذا طبع لا يمكن حتى أن ينقص من درجتها شيئا؟! ماذا يعني أن أصف والدتي بهذا الوصف الخالي من التهذيب وعلى مرأى صديقتي وكأنني أتفاخر بقوتي على كائن قد أنزل الله فيه آية من فوق سبع سموات يقول فيها (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا) فمن أنت يا أيها الإنسان لتحاول الإساءة لمكانة قد كرّم الله صاحبها بآيات عدة؟!. هناك أبناء عدة توفى الله أمهاتهم وآباءهم يتمنون لو يعود الزمن بهم لبر هؤلاء الآباء فما هو عذر الذين يعصون والديهم من الذين لا يزالون على قيد الحياة؟! أليس من الأجدر أن نطيعهم في وقت لا يزال أحد أبواب الجنة مفتوحا لنا بدعاء والدينا فإذا ما ماتوا أُقفل هذا الباب فما ينفع الندم حينها؟! وإنني والله لأجد في نفسي حزنا عميقا على ما بتنا نسمعه ونراه من تبرم الأبناء من سلوك والديهم أو حرصهم عليهم أو أن أقرأ عن شكوى فتاة على أبيها قانونيا مما يراه هو حرصا وخوفا عليها وتراه هي تسلطا وتقييدا لحريتها، فاتقوا الله في معاملة الوالدين فهما مخلوقان قد عاشا لأجل إسعادكم وتربيتكم وتنشئتكم وتعليمكم وإلباسكم وإطعامكم لتناموا في راحة وتستيقظوا براحة، وحرما أنفسهم من لذة اللقمة ولذة العيش لتستأثروا بهما فهل هذا هو الجزاء الذي ينتظرانه منكم بعد كل هذه السنين وذاك الشقاء والتعب والسهر؟! لا أريد أن أبدو مثل الذي يكتب موضوعا إنشائيا مدرسيا محشوا بالعبارات والاستعارات والتشبيهات وبأسلوب النصح العقيم ولكني فعلا أذكر نفسي وأحببت أن أذكركم بأننا قد نستهين بالكلمة والحرف والأسلوب ونستصغر رفع الصوت والحدة التي تشوبه ونحن نحدث آباءنا ونحسبه هينا وهو عند الله عظيم دون أن نشعر، فاللهم ارحم أمواتكم من آبائكم وأمهاتكم فاستغفروا لهم وادعوا لهم دعاء الولد الصالح وصلوا أرحاما كانوا يصلونها في حياتهم وأطل في عمر الأحياء منهم وأعنا على برهم ما حيينا يا الله.