14 سبتمبر 2025

تسجيل

التحالف المنتظر في مصر!

24 يناير 2014

يجري الصراع في مصر فعليا بين ثلاثة مشروعات تكاد تكون قد تكاملت ملامحها الآن، وأصبحت ظاهرة للعيان على صعيد طبيعة ومكونات وأهداف كل مشروع، وإذ لا يزال البعض – فضلا عن الجمهور العام-لا يدرك ملامح الاختلاف،فالأيام القادمة حبلى بصراع وتطورات أشد تحديدا وكشفا لكل منها بحكم اشتداد الصراع وتأثيره إلى درجة كشف الأوراق جميعها.في المشروع الأول فنحن أمام دولة مبارك بطعم الحكم العسكري، الذي يقدم نفسه للرأي العام عبر حديث وطني معاد للولايات المتحدة في أبواقه الإعلامية دون إجراءات عملية متماهية مع هذا الطرح الديماجوي.هو مشروع الأتاتوركية عند بدايتها ويجري إنفاذه،بتفاصيل ملامح عربية،وأهم ما فيه إقصاء واستبعاد ومنع الإسلاميين من الوصول للسلطة عبر صناديق الانتخاب.والثاني هو مشروع الشباب الليبرالي الوطني الذي يتبنى رؤية ليبرالية حقيقية تختلف مع المشروع الإسلامي من جهة،ومع المشروع الاقصائي من جهة أخرى، باعتبارها لا تسعى لليبرالية أو علمانية إقصائية تقوم على استخدام القوة ضد الآخرين،وهم لا يعتمدون على مساندة قوة أجهزة الدولة –بل هي مجموعات من خارج جهاز الدولة ومتصادمة معه-وفق ما هو عليه حال المشروع الإقصائي.وإذا شئنا الدقة فهؤلاء يحملون مشروعا خليطا من العلمانية والليبرالية والديمقراطية والاشتراكية يكاد يكون أقرب إلى النموذج التركي بعد إنهاء تسلط العسكر.والمشروع الثالث هو المشروع الإسلامي الديمقراطي الذي حاول الإبقاء على جهاز الدولة وإصلاحه وتطويعه ليصبح ملتزما ومنضبطا داخل آليات الحياة الديمقراطية.هو مشروع استهدف إدارة الدولة والمجتمع وفق مبادئ الإسلام،والحكم عبر آليات الديمقراطية،ويحاول تعميق الهوية ومكافحة الاستلاب للغرب.هم أصحاب مشروع إسلامي يعتمد الديمقراطية آلية للوصول إلى الحكم ولتطبيق هذا المشروع نفسه.وقد كان الصراع جاريا منذ بداية ثورة يناير بين المشروعات الثلاثة،دون وضوح في الرؤى وفي طبيعة ملامح كل مشروع على حدة.أو كان الصدام بين العسكر أو المشروع العلماني الإقصائي المستند لقوة الدولة، واضحا لدى قياداته ضد المشروعين الآخرين بينما لم يكن الأمر كذلك عند خصومه،كما كان أصحاب هذا المشروع هم الأكثر قدرة على التخطيط وإدارة المواجهة مع الخصوم على أساس المرحلية،بما جعله ينجح في فصم العلاقة بين طرفي المشروعين الآخرين وهما الأقرب إلى بعضهما البعض منه،باعتبارهما يسعيان لإحلال الديمقراطية وتحقيق التداول السلمي للسلطة ووسيلة إنفاذ مشروع كل منهما.لقد تمكن أصحاب المشروع الإقصائي الاستبعادي من التعتيم على هوية وجوهر مشروعهم الخاص،وكذلك نجحوا في تشكيل تحالفات مع أصحاب كل مشروع من المشروعين الآخرين في كل مرحلة على حدة،حتى انتهوا في 3 يوليو الماضي، إلى استبعاد الطرفين الآخرين وإقصائهم وشن الحرب السياسية والإعلامية واستخدام قوة السلاح وإمكانات جهاز الدولة ضدهم ليبقوا منفردين في الحكم وإدارة المجتمع،وهو ما صار يطرح ضرورات تحالف أصحاب المشروع الليبرالي الشبابي،والإسلامي الديمقراطي.والآن تبدو الأمور قد تغيرت وإن لم تنضج كاملا بعد،إذ المشروعات والتحالفات تنضج داخل حالات الصراع أسرع.لقد أيقن أصحاب المشروع الإسلامي عدم قدرتهم على إنجاز الانتصار وحدهم،وأنه لا بديل عن التحالف مع من لم يختاروا التحالف معهم بعد نجاح ثورة يناير،باعتبار أن صراعهم ليس مع أصحاب المشروع الشبابي بل مع المشروع الإقصائي.كما أدرك أصحاب المشروع الشبابي أنهم أقرب إلى الإسلاميين باعتبارهم سويا في إطار بناء المشروع الديمقراطي، وإن كانوا على خلاف مع مشروعهم الفكري.وبذلك عادت القضية إلى جوهرها الأول ومربعها السابق.وصارت تطرح التساؤلات. وأهمها: هل يتحول الإدراك إلى إجراءات محددة أم أن المماحكات والاختلافات ستظل تلقي بأثرها على الطرفين بطريقة أو بأخرى؟ وكيف يجب التعامل القوي الذي ما يزال في طور المراوحة بين المشاريع الثلاثة، هل تظل تجد مصلحتها في بقاء واستمرار أصحاب المشروع المتغلب حاليا وتدخل في دهاليز الحالة الشكلية للديمقراطية أو هل أن عداءها للحركة الإسلامية سيكون أعلى وأقوى من تمتعها هي ذاتها بالحرية؟ وإذ تفكك الكثيرون من هؤلاء الذين بدأوا مشروع 3 يوليه، فخرج البرادعي ثم 6 أبريل وبعدهم أبو الفتوح.. الخ، فهل ينجح الإسلاميون وأصحاب المشروع الشبابي في تشكيل تحالفات جديدة؟ مثل تلك التحالفات قد تنزع فتيل المواجهة وتفرض حلا سياسيا!