19 سبتمبر 2025

تسجيل

القانون الدولي لا منبر الجمعة

23 ديسمبر 2019

كلنا يذكر أزمة الرسوم الدنماركية وخطبة الجمعة المشهورة في جمعة "اغضب" أثناءها التي طالب الخطيب خلالها المجتمع المسلم أينما كان بالغضب، وإظهاره لما تم من إساءة إلى رسول الأمة الكريم من رسوم منحطة واستهزائية جرحت مشاعر المسلمين أينما كانوا، وكلنا يذكر المسيرة بعد الصلاة مسيرة الغضب لما بدا من الجريدة الدنماركية تجاه مشاعر المسلمين ودينهم وعقيدتهم. هنا أتكلم عن دور المنبر في إذكاء المشاعر ودفعها إلى نهايتها القصوى، عن طريقة العاطفة الدينية والمشاعر العميقة في الأنفس، وكلنا يعلم ما آلت إليه الأمور بعد ذلك، بينما كان دور العقل المفترض مطاردة الجريدة قضائياً من جانب على الأقل الجماعة المسلمة في الدنمارك وتطبيق القانون الذي لا يسمح للإساءة إلى الأديان أو المواطن الآخر الذي يعتنق ديناً آخر أو عقيدة، وأذكر أنني كتبت مقالة أثناء ذلك بعنوان "من اغضب إلى ما كان ينبغي " حيث أتى رسام الكاريكاتير المسيء للرسول الكريم إلى بعض دول الخليج بعد ذلك ومنها الدوحة، ولما علم بذلك الخطيب قال في خطبة تالية له "ما كان ينبغي أن يتم ذلك". هنا تبدو إشكالية المنبر حينما نتوقع منه أن يحل لنا جميع المشاكل التي يفترض أن يقوم بها المجتمع المدني حيث هو الوحيد الذي يمكن له التعبير وبفاعلية عن إرادة الناس ورغبتهم في حماية أنفسهم وعقائدهم بصورة أكثر تأثيراً؛ بطريقة يحسب حسابها من قبل المنتهك بحيث لا يعود إلى تكرارها مرة أخرى، أما إذا استمر وضعنا على ما هو عليه فمن الأجدر أن نحاسب ونشفق من تجييش الجماهير والدهماء على أي منبر كان حتى لا تنصدم حينما تدرك أن اللاءات الكبيرة تتحول إلى نعم أكبر في عصر العولمة؛ لمن لا يملك من أدواتها شيئاً، بل يعيش متطفلاً على فوائضها، ونبحث بالتالي عما يخفف من روع الجماهير التي جيشها المنبر والخطيب. لذلك علينا أن نرفق بالمنبر كوسيلة حل قصوى، وعلى الخطيب كذلك أن يرفق بالأمة لو عَلمنا أن جمعة "اغضب ومسيرتها انتهى بها الأمر إلى كورنيش الدوحة أو في اتجاهه، ولم يصل منها شيء إلى كوبنهاغن أو إلى الصحيفة"، لأدركنا أن دور العقل والقضاء واستخدام القانون وإنشاء كارتلات قانونية في الغرب تحمي جوهر قضايانا من الانتهاك أفضل بكثير من خطبة عصماء تلهب المشاعر لدى العامة فتقوم بتكسير الممتلكات وإحراق الصور، ونترك الاستفادة من وجودنا كمسلمين في معظم برلمانات العالم دون تفعيل قانوني حقيقي يحفظ لنا وجودنا وعقيدتنا من الانتهاك والمساس. [email protected]