13 سبتمبر 2025
تسجيلغيوم الحروب التجارية سوف تتكثف العام القبل يبدو أن الانغلاق التجاري بدلا من الانفتاح، والمنافسة الضارية بدلا من التكامل والعمل الجماعي قسما العالم إلى رابح وخاسر، وبتنا نشهد تناقضات في التوقعات الاقتصادية للنمو العالمي للعام 2019، وخاصة في الاقتصادات الرئيسية. ففي حين اختتمت الولايات المتحدة العام الحالي بقيام الاحتياطي الفيدرالي برفع سعر الفائدة هو التاسع منذ عام 2015 في إشارة واضحة إلى تحسن مؤشرات النمو والتوظيف، لجأ صندوق النقد الدولي إلى تخفيض توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني إلى 6.2% عام 2019 بالمقارنة مع 6.5% هذا العام، ونمو الاقتصاد الأوروبي إلى 1.9% من 2.3%. وفي المجمل، يتوقع الصندوق انخفاض النمو العالمي بمقدار 0.2% العام المقبل ليبلغ 3.5%. وعلاوة على الاقتصادات الرئيسية تعاني عدة دول رئيسية مثل الأرجنتين وفنزويلا وتركيا وروسيا من عدة مشاكل اقتصادية. وغيوم الحروب التجارية سوف تتكثف بصورة أكبر خلال العام القبل، فبعد انتهاء فترة التسهيلات الكمية، لجأت معظم البنوك المركزية إلى سياسة التشدد التدريجي للسياسة النقدية مما يعني انتهاء فترة النقود الرخيصة، واقترن ذلك بأجواء عدم اليقين في التجارة العالمية، إلى جانب بروز مشاكل بعض الاقتصادات النامية مما أدى إلى تثبيط التدفقات الرأسمالية الوافدة، وتخفيض قيمة العملات، وضعف أسواق الأسهم، وفرض ضغوط على أسعار الفائدة وفروق العائد. كما أن هناك ثمة احتمالا قويا لبروز أزمة مديونية في عام 2019 نتيجة ارتفاع مستويات ديون الشركات والديون السيادية التي تراكمت على مدار سنين من الأوضاع المالية الميسرة على المستوى العالمي.وصحيح أن الكثير من الاقتصادات الصاعدة قادرة على تسيير أمورها بشكل جيد نسبيا، وذلك باستخدام أطر راسخة للسياسة النقدية تستند إلى مرونة أسعار الصرف. ولكن لا شك في أن قابلية تعرضها للصدمات العالمية الكبيرة ارتفعت مؤخرا. وأي انعكاس حاد في مسار الأوضاع في الأسواق الصاعدة سيشكل تهديدا كبيرا على الاقتصادات المتقدمة، نظرا لأن اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية تشكل حوالي 40% من إجمالي الناتج المحلي في العالم بأسعار الصرف السائدة في السوق. ومن مخاطر التطورات السلبية الأخرى التي تبدو أكثر بروزا في الأجل القريب تلك المخاطر المتعلقة بحدوث مزيد من الارتباك في السياسات التجارية، فهناك عدد من الاتفاقيات التجارية الإقليمية الرئيسية مثل اتفاق البريكست يمر بحالة عدم اليقين. وقد تتسبب التعريفات الجمركية الأمريكية على الصين، وبوجه أعم على واردات السيارات في إرباك سلاسل الإمداد الراسخة، وخاصة إذا ما قوبلت بإجراءات انتقامية. ونتيجة لهذه التطورات، وكما يقول صندوق النقد الدولي، حدثت طفرة مؤخرا في مؤشرات عدم اليقين القائمة على الأخبار المتداولة بشأن السياسات، حتى وإن ظلت أسواق الأصول في البلدان المتقدمة لا تلقي اهتماما كبيرا لها. ويتزايد حاليا وضوح آثار السياسة التجارية وعدم اليقين المحيط بها على مستوى الاقتصاد الكلي، بينما تتزايد الشواهد الواقعية على الضرر الواقع على الشركات من جرائها. فالسياسة التجارية هي انعكاس للأوضاع السياسية، ولا تزال الأوضاع السياسية غير مستقرة في العديد من البلدان، مما يهدد بمزيد من المخاطر.وتتصاعد مخاطر هذه الاحتمالات في الوقت الحاضر بالذات، وذلك لكون آليات التعاون الدولي بشأن تنسيق السياسات تتعرض لضغوط كبيرة، ولا سيما في مجال التجارة العالمية. والأخطر من هذا كله أن هذه الحروب الطارئة تلهي العالم عن مواجهة التحديات الأطول أجلا، التي أوصلت العالم إلى ما يعيشه اليوم من انقسام وفوضى وأزمات متوالدة متمثلة في الفقر والبطالة وتراجع مستوى الحياة والأخطار البيئية وتخلف أنظمة التعليم وتشوهات أسواق العمل والفساد وغيرها.