12 سبتمبر 2025
تسجيلكعادة جريدة الشرق فهي السباقة دائماً لإجراء حوارات صحفية مهمة ومفصلية كالحوار الذي نشرته بالأمس مع وزير خارجية تركيا مولود تشاووش أوغلو وتضمن محاور كثيرة لعل أهمها قضية مقتل الكاتب السعودي جمال خاشقجي رحمه الله والذي تجرأت أذناب مقربة من محمد بن سلمان على تصفيته بصورة مروعة في القنصلية السعودية في اسطنبول، والحقيقة أنني لم أتفاجأ بالشفافية التي طغت على الحوار خصوصاً فيما يتعلق بالعلاقات القطرية التركية التي تشهد تنامياً ملحوظاً مما يثير في كل مرة حقد وغل الكثيرين لا سيما في دول الحصار التي وجدت من وقوف أنقرة بجانب الدوحة منذ الدقائق الأولى للحصار الجائر الذي فرضته على الأخيرة هو إعلان حرب من تركيا ضدهم وأن هذا الدعم الذي سارع أردوغان بتوجيه مؤسسات بلاده الاقتصادية والدوائية لإمداد قطر بما تحتاجه من بدائل غذائية رئيسية ومكملة وعلاجية كانت تستوردها قطر من دول الحصار ما هو إلا محاولة إفشال لما كانوا يحلمون أن يحققه هذا الحصار من تجويع شعب قطر وتجفيف منابعه الاقتصادية قبل أن ينفذوا مخططهم الخبيث للمرة الثالثة في عام 2017 بغزو عسكري غادر على قطر وقلب نظام الحكم فيه بعد محاولتهم الأولى عام 1996 والثانية عام 2014 والتي فشلت جميعها بفضل من الله عز وجل أولاً ثم بفضل يقظة حكومتنا الرشيدة وتأهب صفوفها الأمامية لأي محاولة قذرة مثل هذه. ومما يثير أن وزير الخارجية التركي لم يخف في حواره الشيق أن نجدة تركيا لشقيقتها قطر قد أثار عاصفة من الغضب في دول الجوار والتي أتوقع أن أكثرها غضباً كانت السعودية ولا زالت وهي الدولة التي تعاني اليوم أشد معاناة من تركيا وتحركاتها السريعة في قضية مقتل خاشقجي التي أودت باتهام العالم لولي العهد السعودي بأنه وراء هذه الجريمة الوحشية مما جعل مجلس الشيوخ الأمريكي بكافة أصوات أعضائه يجمع على هذا الأمر ويشير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بصراحة إلى اسم محمد بن سلمان في حديثه الأخير عن هذه الحادثة ولذا لم يخف تشاووش أوغلو أن ملف هذه القضية سيظل مفتوحاً مادامت الرياض تبخل في مد الجانب التركي بمعلومات ونتائج التحقيقات مع 22 شخصاً اتهمتهم السعودية بارتكاب الجريمة بمنأى عن ولي العهد السعودي وترفض تسليمهم لتركيا وهي البلد التي ارتكب هؤلاء جريمتهم النكراء عليها بحسب القوانين الدولية منوهاً بأن تدويل هذه القضية يبدو خياراً متاحاً وممكناً جداً أمام التعنت السعودي في الكشف الكامل والشفاف عن حيثيات القضية التي تراوحت الروايات السعودية بشأنها ما بين التكذيب والإنكار إلى الاعتراف وإدانة فريق كامل مقرب من دائرة العلاقات الخاصة مع محمد بن سلمان دون الإشارة الى كبيرهم الذي علمهم الطريقة في تنفيذ أغبى جريمة في العهد الحديث وأكثرها وحشية وإجراماً !. كما لفت انتباهي في حوار وزير خارجية تركيا ذاك الحرص التركي على توافق العلاقات مع السعودية موازياً مع ضرورة الكشف عن حيثيات جريمة جمال خاشقجي بقوله: ( رغم حرصنا على تلك العلاقات مع الرياض إلا أن هذا لن يجعلنا نغض الطرف عن هذه الجريمة التي وقعت في قنصلية دبلوماسية على أرضنا وما تقوله السعودية في أننا لم نمدها بالمعلومات الخاصة بالجريمة أمر مرفوض فقد شاركنا الادعاء العام السعودي كافة المعلومات الخاصة بالجريمة وبقي الدور الأهم لهم في التصريح من وراء هذه الجريمة والآمر الفعلي لها وكشف اللثام عن خطة فريق الاغتيال منذ البداية وحتى نهايتها ومغادرته أرض تركيا على متن طائرتين خاصتين تابعتين للحكومة السعودية )، ومع هذا تبدو الرياض لاعبة جيدة على عنصر الوقت في تناسي آثار هذه الجريمة التي حدثت منذ ما يقارب الثلاثة شهور وتعتقد على غير ما أكد تشاووش أوغلو أن العالم يمكن أن ينسى وأن تركيا لابد وأن تتهاون يوماً على اللحاق بخيوط الجريمة كاملة متناسية أن تركيا حتى اليوم تنشر وتكشف عن أشياء جديدة في الجريمة وهذا ما نشرته منذ يومين وكالة الأناضول التركية عن صور لفريق الاغتيال المجرم وفي هذا رسالة حزم وعزم بأن أنقرة لن تتوقف وأن الملف سيظل مفتوحاً حتى تتكشف الأمور التي تحرص السعودية حتى الآن على إخفائها بصورة ما.. هذه رسالة باللغة التركية لا تبدو السعودية بقدر من الفهم والإدراك على فهمها بالصورة الجيدة والمرجوة !. ◄ فاصلة اخيرة: لا تراهنوا على صبر تركيا فقد أثبت التاريخ أن عصر العثمانيين كان أشد العصور بأساً وأبعدهم يأساً !. [email protected]