29 أكتوبر 2025

تسجيل

احتدام التنافس بين دول أوبك للحفاظ على الحصص

23 ديسمبر 2015

تزايدت حدة التنافس بين الدول الأعضاء في منظمة "أوبك" للحفاظ على حصصها بالسوق العالمية التي أصبحت متخمة بالإمدادات، وهو الأمر الذي دفع العديد من هذه الدول إلى خفض أسعار نفطها وفي المقدمة منها المملكة العربية السعودية التي خفضت سعر خامها العربي الخفيف لأوروبا بنحو 1.3 دولار للبرميل لعقود شهر ديسمبر، مما جعل منه سعراً تنافسيا يقل عن سعر خام برنت لنفس الفترة بنحو 4.75 دولار للبرميل، وذلك من أجل مواجهة التنافس المتنامي من زملائها الأعضاء بالمنظمة. وإن كان بعض الخبراء في شؤون الطاقة يرون في هذا الخفض محاولة لإخراج روسيا من السوق الأوروبية لاعتبارات اقتصادية وسياسية، كما أنه يعد رداً على زيادة شحنات العراق التي تمثل ثاني أكبر منتج بالمنظمة والتي سجل إنتاجها في شهر سبتمبر الماضي مستوى قياسيا ببلوغه 4.4 مليون برميل نفط يومياً "وفقاً لوكالة بلومبرج"، والتي حلت محل بعض الشحنات السعودية عبر ميناء جيهان التركي إلى البحر المتوسط، بالإضافة إلى خفض الكويت لأسعار نفطها الممزوج بأقل من أسعار النفط السعودي المماثل في الجودة بـ65 سنتا.... كما عمدت المملكة العربية السعودية إلى خفض أسعار نفطها كذلك تحسباً لاستعدادات إيران "عضو المنظمة وخامس أكبر منتج بها" لاستئناف صادراتها النفطية وسعيها لاستعادة عملائها القدامى الذين خسرتهم في إطار تطويرها لبرنامجها النووي، وبعد رفع العقوبات الاقتصادية الغربية عنها.ويرى الكثير من الخبراء والمتخصصين أن منتجي ومصدري المنظمة في سعيهم للحفاظ على حصصهم النفطية السوقية يعملون على توثيق علاقاتهم مع عملائهم وإبرام عقود طويلة الأجل معهم، ويرى هؤلاء الخبراء كذلك أن انخفاض أسعار النفط إنما يعود إلى الإستراتيجية التي اتبعتها دول المنظمة في مواجهة زيادة المعروض من النفط الصخري الأمريكي، من خلال اعتمادها على ضخ وإنتاج المزيد من النفط في الأسواق كي تزيد من المعروض وتخفض من السعر، ومن ثم إجبار المنتجين الأعلى تكلفة كالولايات المتحدة الأمريكية التي يتكلف إنتاج برميل النفط الصخري بها أكثر من 70 دولارا فيما يبلغ سعر بيعه في الأسواق حالياً أقل من 35 دولارا إلى التوقف عن الإنتاج أو بحد أدنى خفضه، كما دفع غيرها من أصحاب التكلفة المرتفعة إلى الخروج مؤقتاً من السوق.ورغم نجاح هذه الإستراتيجية "إلى حد ما" في الحد من إنتاج بعض الدول من النفط كالولايات المتحدة التي خفضت من إنتاج نفطها الصخري بأكثر من 500 ألف برميل يومياً، إلا أن العديد من الدول الأعضاء بمنظمة أوبك التي تعتمد معظم إيراداتها على النفط لم تستطع تحقيق التوازن بموازناتها ومن بينها المملكة العربية السعودية التي من المتوقع أن يزيد عجز موازنتها هذا العام بحوالي %20 من إجمالي ناتجها المحلي "وفقاً لتقارير صندوق النقد الدولي"، وذلك في ظل تراجع أسعار العقود الآجلة لخام برنت في العام الحالي ببورصة لندن للعقود الآجلة بنسبة 13%، وكذا تراجع سلة أسعار "أوبك" التي تمثل أنواع الخام المصدرة الرئيسية لكل الأعضاء بنسبة 12%. ورغم اتفاق الدول الأعضاء بمنظمة أوبك على الإستراتيجية الجماعية لإغراق الأسواق بالنفط، وهي المنظمة التي تشكل أكثر من %40 من إمدادات النفط العالمية، إلا أنها اختلفت مع بعضها البعض فيما يتعلق بأسعار البيع ولم تلتزم بما أقرته المنظمة من أسعار، وذلك في محاولة حثيثة منها للاحتفاظ بحصصها السوقية، مع استهداف الكثير منها للأسواق الآسيوية، خاصة أسواق الدول المطلة على المحيط الهادئ في ظل تأكيد وكالة الطاقة الدولية بأن هذه الدول سوف تشكل بمفردها في العام القادم حوالي 35% من إجمالي حجم الطلب العالمي على النفط، وفي ظل إعلان الوكالة الدولية بأن الصين تستغل أسعار النفط المنخفضة لتكوين مخزون إستراتيجي ضخم وأن وارداتها النفطية في العام المقبل ستزيد على %25 من إجمالي المبيعات العالمية.ومع تأكيد منظمة أوبك على زيادة الطلب على نفط دولها في العام المقبل "استنادا إلى تقارير وكالة الطاقة الدولية"، فإن هذه الدول ستكون أمام تحدٍّ خطير مع زيادة إنتاج إيران لنفطها بنحو 3.6 مليون برميل يومياً خلال العام المقبل إذا تم إلغاء أو تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من الغرب "وهو الأمر المتوقع حدوثه"، بما سوف يزيد من احتدام المنافسة داخل أوبك، وذلك لأن إيران في سعيها لاكتساب واجتذاب عملائها القدامى وبعض من العملاء الجدد سوف تلجأ إلى خفض سعر نفطها، بما سيعمل على زيادة المعروض وسيزيد من حدة التنافس والصراع بين دول المنظمة اشتعالا.