12 سبتمبر 2025
تسجيلتحتاج صناعة كتب الأطفال لمعايير إضافية، تميّزها عن كتب الكبار ، ففي كتب الصغار نحتاج إلى مزيد من التشويق، ليكون الكتاب جاذبا يشدّ الطفل إليه، ويغريه بالإقبال عليه. ففضلا عن المضمون الذي يمتاز بمفردات وأساليب لغوية مناسبة فإنّ كتاب الأطفال يمتاز عن غيره بوجود الصور والأشكال والألوان والإخراج الأنيق، مما يجعله بحاجة إلى تضافر جهود أطراف متعددة كالمؤلِّف والرسّام والمصمّم والمخرج، فضلا عن ناشر متخصص ، تماما مثلما تحتاج الأغنية الناجحة إلى كلمات جميلة وألحان ساحرة وصوت شجي كي تؤثّر فيمن يستمع إليها.مازال إنتاج الكتاب المطبوع في عالمنا العربي متواضعا، كماً ونوعاً، رغم منافسة المواد المرئية والإلكترونية، ينظر إليه بعين الاستسهال، من قبل الكتّاب والرسامين، وتغلب على ناشريه النزعة المادية التي تصل حدّ الجشع. ومن هنا جاءت فكرة جوائز أدب الأطفال في محاولة لسدّ جزء من الفجوة الحاصلة في هذا الجانب، ارتقاءً بمضمون ما يقدّم للطفل، بحيث يكون ذا جودة عالية، وتقديمه بشكل شائق ومميّز في الإخراج والأشكال، وبحيث توفِّر هذه الجوائز زاداً سنويا من الكتب النموذجية للأطفال في المجالات المختلفة ( قصة ورواية وشعرا وأناشيد ..) بسعر مناسب ، ومثل هذا الشيء يمكن أن ينطبق على مجلات الأطفال الجيدة كالعربيّ الصغير وماجد، وهو ما قامتا به في بعض الفترات.جائزة الدولة لأدب الطفل بقطر التي أتمّت عامها السادس يحسب لها أنها شجعت الكتّاب والمبدعين القطريين والعرب على إنتاج أعمال إبداعية رفيعة المستوى في الأدب والفنون، وعملت على تنمية الوعي الأدبي لدى الطفل، وترسيخ الهوية والانتماء، في إطار الالتزام بمنظومة القيم العربية والإسلامية، ولأننا نحبّ أن تكتمل دائرة أهدافها التي وضعتها لنفسها، فإننا نعتب عليها عتب المحبّ لها الحريص عليها كي تتلافى الخلل والأخطاء في طباعة الأعمال الفائزة، وتسعى لكي تظهر بأبهى حلّة وأجمل شكل، خصوصا أن جمهور هذه الأعمال، ومَن ستصل إلى أيديهم في النهاية هم الأطفال واليافعون، ولتضمن فعلياً تحقيق أحد أهم أهداف الجائزة: ( إغناء المكتبة العربيّة في مجال ثقافة الطفل). على غلاف أحد الأعمال الإلكترونية للجائزة في دورتها الأخيرة أحصيتُ خمسة أخطاء إملائية وطباعية، علما أن إنتاج الأطفال يحتاج إلى مزيد من التدقيق والمراجعة لأنّ الأخطاء ترسخ في ذهن الطفل، خصوصا بأنه غالبا ما لا تكون لديه القدرة على تمييزها. وفي أحد ديواني شعر الأطفال المطبوعين آلمني أن إخراجه والشكل النهائي الذي ظهر به قد لايناسب الكبار فضلا عن الصغار، بدءا من ازدحام مادته، وتداخل بعض حروفه ببعضها الآخر، ومرورا بتوزيع المواد على الصفحات، بحيث تظهر مقدمة قصيدة جديدة بطريقة نشاز في نهاية قصيدة سابقة، وفي حين يغيب الفهرس عن أحد الديوانين تماما يظهر الآخر بدون أرقام الصفحات. وخلا الغلافين فلا توجد رسوم أو ألوان أو أشكال أو محسَّنات فنيّة داخل الديوانين.أما على مستوى الطباعة والشكل النهائي للمنتج فإن جودتها أقلّ في مستواها ممّا يصدر عن أغلب دور نشر الأطفال في عالمنا العربي. ومجمل ذلك يظلم المضمون الجيد، ويقلل من إقبال الأطفال على هذه الكتب، والجمال لاتظهر روعته إلا باكتمال أركانه وأجزائه. والنقطة السوداء مهما صغر حجمها تظهر في الثوب الناصع البياض. كلّي أمل أن تولي النسخ اللاحقة عناية خاصة لإصدارات الجائزة، وتسعى لتلافي هذه السلبيات، لتتكامل جودة المضمون مع جودة المخرجات، والله من وراءالقصد.