17 سبتمبر 2025

تسجيل

الهوية الوطنية في ظل الانفتاح

23 ديسمبر 2014

لقد كانت مبادرة مثمرة من جريدة الشرق بإقامة ندوة الهوية الوطنية في عصر الانفتاح كمشاركة فعالة للاحتفال باليوم الوطني لدوله قطر وذلك في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام وشاركت فيها عدة جهات من خلال الحوار الثقافي المفتوح مابين زوايا مختلفة لها وذات صله متصلة من الجانب الثقافي والإعلامي والتعليمي والتربوي والتطوعي، وتناولت فيها طرح أشكال مختلفة من التحديات الثقافية التي تواجه الهوية الوطنية في ظل بوادر الرياح الشديدة من عواقب الانفتاح الاقتصادي والثقافي والتي تم طرحها ومناقشتها خلالها ولكن الهوية الوطنية ومرادفاتها بعيدة المدى وبحاجة ماسة إلى وضعها إلى نصب الاهتمام والعناية المكثفة ولا يختصر الأمر فقط على جهة دون الأخرى بالدولة ولكنها مسؤولية مشتركة بحاجة ماسة إلى تعاون كافة الأيادي الوطنية في ظل غزو ثقافي اكتسح كافة الأبواب الثقافية والاجتماعية ومخلوطة بثقافات أخرى في فترات قصيرة المدى ولا تتجاوز سنوات عديدة ولكن مؤشراتها لا نستطيع الاستهانة بها وتعتبر مسؤولية مشتركة من الأسرة والتعليم والمجتمع وكل من له علاقة وثيقة بالمأثورات الثقافية والوطنية خاصة أننا أصبحنا في وقت محاصرون بالغزو الثقافي وذلك ابتداء من الأسرة وتواجد الخدم وتأثيرهم الواضح على الأسرة بأكملها وخروج المرأة للعمل وجلوس الأبناء فترة طويلة مع الخدم ومن زاوية أخرى تأثر أحد الوالدين بثقافة أجنبية نتيجة السفر أو الدراسة أو العمل ويليها ثأثر أسرته بثقافته والتي تبث أثارها على من حوله ويليها مواقع التواصل الاجتماعي وغيره بكل ما يحمل من تواصل مع ثقافات واسعة ولا حصر لها ولا يوجد حدود معينة في إيقافها أو تصحيحها قبل وصولها إلى العديد من المراهقين وما نعانيه من زوايا أخرى إلى التباهي بلا قيود بالتحدث باللغات الأخرى كلغة أولى في العمل والمناظرات الثقافية وعدم الانتماء للغة العربية كاللغة الأم وما نواجهه من جانب آخر بالتباهي بالتقليد الأعمى في الحديث والمأكل والملبس والمسكن بالثقافات الأخرى وأصبح بشكل علني أمام الأصدقاء والمجتمع وبدون تميز ما بين ما هو يتماشى مع الهوية الوطنية أم لا وربما أتاح المجال بكل أفاقه أمام التجار والاستثمار وبالأخص في التسويق الثقافي والذي يحمل معه العديد من العبارات المنمقة لرغبة التشويق في الإقبال على الشراء وإن كان ذلك لا يتناسب مع ثقافتنا وهويتنا وإن كان يتعارض مع المعقول فوق الأسعار الخيالية واستنزاف المواطن من جانب آخر واضافة إلى ذلك المبالغة في مظاهر الاحتفالات الوطنية والتي أصبحت الآن تأخذ لدى البعض المظاهر الخارجية وارتداء الملابس ورفع الأعلام والاحتفال بها بدون المضمون الحقيقي وهو التعبير الحقيقي عن حب الوطن وغرس المفاهيم الحقيقية التي تتعلق بالقيم الوطنية والثقافية حتى تنغرس في نفوسهم منذ الصغر ويتم ترجمتها عند الكبر إلى أفعال وسلوك وإنجازات تخدم الوطن وليست فقط شعارات نرددها ولا نعلم محتواها وأصبح اليوم الوطني ثقافة استنزاف واستهلاك من قبل التاجر والمواطن في إقامة الحفلات الوطنية الفاخرة والترويج لبضائعهم بأشكال مشوقة، وإضافة لذلك ما نعانيه من غزو بعض الثقافات على عقول وفكر المجتمع والقادمة من الخارج والتي تروج أفكارهم وذلك من خلال ثقافة غربية اقتحمت مجتمعاتنا بشكل مريب ولذا فنحن بحاجة ماسة إلى إفاقة مجتمعية لمواجهة كافة التحديات التي تواجه الهوية الوطنية وأن يكون هناك قدر كاف من البرامج والندوات التي تتناول قضايا الهوية بشكل جذري وبصورة متتالية ومنتظمة، وربطها بالمعوقات التي تواجه الأفراد بالواقع،وطرح العديد من الحلول لكيفية مواجهتها بمشاركة ذوي الاختصاص من له صلة مباشرة ولا نكتفي بعرض إشكاليات الهوية فقط خاصة أن هناك الكثير من أفراد المجتمع غير ملمين ومدركين بما يحدث لديهم من غزو ثقافي شرس لاقتحام عقولهم ومجتمعاتهم وأن يكون للإعلام دور إيجابي وواضح في تسليط الأضواء على قضايا الهوية الوطنية وكيفية سد الفجوات ما بين التحديات التي نواجهها من الخارج والتصدي لها بشكل علمي وثقافي من الداخل وأن يكون للمجتمع درجة عالية من الوعي الثقافي لما يدور حولهم وكيفية التصدي له بما لا يسبب تصادما مع الهوية الثقافية والوطنية ونحن قادرون على ذلك.