10 أكتوبر 2025

تسجيل

متى نُحَوِّل الإعاقة إلى طاقة بنظمنا التعليمية؟

23 ديسمبر 2013

لقد كانت النظرة السائدة لأصحاب الإعاقات حتى وقت قريب وفي معظم المجتمعات الإنسانية تتمثل بأنهم أفراد غير أسوياء ويختلفون عن الأفراد العاديين ولا يتساوون معهم وتمت معاملتهم باعتبارهم فئة غير جديرة بالعيش لأنها غير منتجة ويعاني أفرادها من قصور أو تدن يعوقهم ويجعلهم غير مساوين للأفراد العاديين. ونتيجة هذه النظرة السلبية ضد الأفراد المعاقين والتي تحمل التمييز ضدهم فقد منعوا من الظهور والاختلاط مع بقية الأفراد وإخفائهم لتجنب الشعور بالخجل لوجودهم وتم عزلهم ووضعهم في أماكن إيوائية كوسيلة لإبعادهم عن بقية أفراد المجتمع، وتغيرت النظرة السلبية تجاه هذه الفئة من الإفراد وبما أن الأسرة هي الوحدة التي يعتمد عليها في تربية الطفل وتعليمه وإدماجه في الحياة يجب أن يكون لأفرادها دور فاعل في مثل هذه البرامج والأنشطة كما تعتبر عملية إشراك الأسرة في تربية الطفل واجبا اجتماعيا وأخلاقيا فقد نصت التشريعات والقوانين على ضرورة إشراك أولياء الأمور في تربية أطفالهم المعاقين ويجمع المختصون المهتمون على أهمية هذه المشاركة الفاعلة في إنجاح البرامج العلاجية والتربوية والتأهيلية المقدمة للطفل. والتربية الخاصة شهدت تغيرات جذرية تعكس تأثير قوى التغير المختلفة ففي الثلاثينيات من القرن العشرين كان التوجيه نحو التربية الخاصة قائما على الاعتقاد بعدم ملاءمة المدارس العادية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ومع الحرب العالمية الثانية بدأ الاهتمام بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ووضع تصنيف محدد لهم ومن ثم تجهيزهم لنوع من التربية مختلف عن تربية العاديين أما التربية الخاصة في الوقت الحالي المعاصر فقد أصبحت تربية تقوم على الوصل لا الفصل بين مجتمع العاديين ومجتمع ذوي الاحتياجات الخاصة. يتبين مما سبق أن هناك تباينا حول الاهتمام بالتربية الخاصة الأمر الذي دفع إلى عقد عديد من المؤتمرات والندوات التي تتناول هذه القضية سواء على المستوى العالمي أو على المستوى القومي فعلى المستوى العالمي بدا الاهتمام بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ممثلا فيما تصمنه مواثيق الأمم المتحدة وإعلان حقوق الإنسان وميثاق الثمانينيات للمعوقين والذي يشير إلى ضرورة توفير الرعاية التربوية الكاملة لذوى الاحتياجات الخاصة واعتبار ذلك مؤشرا من المؤشرات التي تقاس بها تقدم المجتمعات. لذا فقد أصبح الاهتمام بتقديم خدمات مناسبة لأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وتوفير رعاية مستمرة لهم بصورة لا تجعلهم عالة على المجتمع ضرورة ملحة. بل تسعى لجعلهم على درجة كبيرة من الاستقلالية الذاتية بما يجعل منهم أفرادا منتجين يعملون في إطار قوى متناسق يتناسب مع إمكاناتهم وقدراتهم واستعداداتهم بما يمكنهم من الاندماج في المجتمع بفاعلية ونشاط. ومع التطور السريع الذي حدث في نهاية القرن العشرين في المجالات الطبية والتربوية والاجتماعية فضلا عن التطور التكنولوجي المذهل والذي انعكس بشكل مباشر على الخدمات التي تقدم لذوي الاحتياجات الخاصة تطورت الوسائل التربوية وأصبح تعليم هؤلاء والوصول بهم إلى أقصى درجة من النمو ممكنة بما تسمح به قدراتهم وإمكاناتهم واستعداداتهم ومواهبهم وميولهم. والواقع أن الدول المتقدمة تهتم بالأطفال غير العاديين بصرف النظر عما تتكلف برامج رعايتهم وإرشادهم، حيث يقاس تقدم أي مجتمع بمدى اهتمامه ورعايته وتوجيه وإرشاد فئاته الخاصة، كما قامت حركات تربوية وإنسانية حاولت تغير الاتجاهات القديمة غير الإنسانية في النظر إلى الأطفال المعاقين. وهذا التقدم قاصر على المجتمعات المتقدمة ويرجع هذا الاقتناع المتزايد بأن المعوقين كغيرهم من أفراد المجتمع يملكون الحق في الحياة وفي النمو وفي التعليم والتدريب على مهنة من المهن ليكونوا منتجين في المجتمع واستغلال ما لديهم من قدرات وإمكانات واستعدادات إلى أقصى حد ممكن. وينظر للخدمات الاجتماعية على أنها جهود منظمة وموجهة نحو الأفراد أو أساليب للتدخل من شأنها مساعدة الأفراد والجماعات أو أحداث تعديلات في البيئة الاجتماعية لتحقيق التوافق الإيجابي ولقد ظهرت هذه الخدمات لمقابلة احتياجات الأفراد بالمجتمع نظراً لاحتياجاتهم إليها نتيجة عدم كفاية أو فعالية موارد الفرد وأسرته الخاصة فهي تمثل البرامج أو الإجراءات التي يستخدمها الأخصائيون الاجتماعيون نحو تحقيق أهداف الرعاية الاجتماعية. وتعرف الخدمات الاجتماعية على أنها نظام اجتماعي متقدم وفقا لمسؤوليه جماعية تسعى نحو ظروف الأفراد وحاجتهم للاعتماد على الغير، وهناك العديد من الأنشطة والخدمات التي تندرج تحت مفهوم الخدمات الاجتماعية وتكون ذات مردود اجتماعي ونفسي واقتصادي وسياسي وتعليمي وصحي ورياضي وفني وتدريب مهني فهي مجموعة الخدمات التي توفرها الدولة بصفة عامة وأنها تستهدف تحسين مستوى المعيشة، أي أن عائدها المباشر هو تحسين ظروف الحياة الاجتماعية للأفراد وليس زيادة الإنتاج الاقتصادي أو تحقيق فوائد اقتصادية فقط، ومن أهم الخدمات التي تندرج تحت هذا المفهوم، برامج الرعاية الاجتماعية للفئات الخاصة ومن أمثلتها المجالس والاتحادات ورعاية الطفولة والخدمة الاجتماعية في المجال المدرسي والبرامج الخاصة بتعديل السلوك. فالمعوق يجب ألا تحرمه إعاقته من الاستمتاع ببرامج المؤسسة، فمن خلال المؤسسة وبرامجها يكتسب المعوق كثيراً من مظاهر السلوك الاجتماعي السليم كالتدريب على العمل الجماعي والقيادة والتبعية وتحمل المسؤولية والتعاون وتكوين العلاقات مع الزملاء في الجماعة المدرسية والتقليل من الصعوبات التي تواجه وشعور المعوق بالراحة والسرور والحرية نتيجة المشاركة في أوجه النشاط المختلفة. ويحتاج ميدان التربية الخاصة إلى المزيد من الجهود التي تبذل لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة لأننا نتعامل مع فئات تفتقر إلى أحد منافذ الحياة والذي يترتب عليه قصور في بلوغ بعض المعارف والمهارات اللازمة للحياة العادية لذا كان تكثيف الجهود أمراً لأبد منه خصوصا مع تزايد أعداد ذوي الاحتياجات الخاصة مع تزايد عدد السكان وزيادة معدلات التلوث في البيئة وانتشار الحوادث وقصور الخدمات المقدمة إلى ذوي الاحتياجات الخاصة. إن الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة - شأنهم في ذلك شأن ذويهم من العاديين - يحتاجون لأن تتاح لهم فرص التعليم المناسبة في ضوء احتياجاتهم وإمكاناتهم بهدف الاستفادة من طاقاتهم كأفراد منتجين في المجتمع ليسوا عالة عليه ويعني ذلك إتاحة الفرص لهؤلاء الأطفال لكي يعيشوا حياة كريمة في ظل الظروف الحياتية التي يعيش فيها أقرانهم العاديين مع توفير فرص المشاركة الوظيفية التامة معهم.