18 سبتمبر 2025

تسجيل

قطر تتأهب لأداء دور قيادي في الاقتصاد العالمي

23 أكتوبر 2023

ارتقت الصراعات والمخاطر الجيوسياسية بشكل حاد على أجندة قادة العالم وصناع السياسات، لتحل إلى حد كبير محل جائحة كوفيد- 19 في المناقشات التي جرت خلال اجتماعات قمة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي هذا العام، والتي عقدت في مدينة مراكش بالمغرب في أوائل شهر أكتوبر الجاري. وتشمل المخاوف المُلِحة الأخرى ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم ومستويات الدين الحكومي. وبالنسبة لدول الخليج، تبدو التحديات مختلفة. وفيما يتعلق بالتضخم والديون، تتميز الصورة بأنها أفضل مما هي عليه في العديد من الدول، نظرًا لأن هذه الدول بشكل عام مصدرة للنفط ولديها فوائض واحتياطيات جيدة. ويؤدي ارتفاع أسعار النفط الذي يساهم في حدوث التضخم في جميع أنحاء العالم إلى ارتفاع عائدات التصدير في المنطقة. وقد أدى تفاقم الصراع بين إسرائيل وحماس في إسرائيل وغزة إلى ارتفاع مؤشر المخاطر، حيث إن القلق الرئيسي يتمثل في خطر انتشار الصراع ليتحول إلى حرب إقليمية. وفي هذا الصدد، يعتمد خطر زعزعة الاستقرار بشكل خطير على نجاح الجهود الدبلوماسية الرامية إلى احتواء الوضع أو فشلها. وإذا ما أثبتت هذه الجهود فعاليتها، من المحتمل ألا تكون المخاطر الجيوسياسية أكبر بكثير مما كانت عليه خلال العقود الأخيرة. ومن بين عوامل الخطر الرئيسية ما إذا كانت إيران ستتورط بشكل مباشر في هذا الوضع، ليس فقط فيما يتعلق بأي صراع في حد ذاته، ولكن بسبب التأثير المحتمل على صادرات النفط المارة عبر مضيق هرمز، حيث تمر نسبة كبيرة من صادرات النفط والغاز العالمية عبر هذا المضيق. وإذا ظل الصراع محليًا، فقد لا يكون له تأثير سياسي واقتصادي أوسع نطاقًا. وقد احتسبت بالفعل المخاطر الجيوسياسية في التصنيفات الائتمانية بالمنطقة. وبالنسبة لدولة قطر، غطت المحادثات التي جرت في اجتماع صندوق النقد الدولي مجالات وموضوعات مختلفة جدًا مقارنة بالعام الماضي الذي تمحورت المناقشات فيه حول كأس العالم والتعافي من آثار جائحة كوفيد- 19. وبالإضافة إلى العوامل الجيوسياسية والتضخم، هناك مخاوف متصاعدة بشأن ارتفاع مستويات الديون الحكومية في عالم يتسم بارتفاع أسعار الفائدة. ويتميز الدين العام في قطر بانخفاضه قياسًا بالمعايير الدولية، وقد بدأ في الانخفاض منذ الانتهاء من مشاريع البنية التحتية قبل انطلاق منافسات بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022. والواقع أن الدولة والمؤسسات والبنوك المحلية لم تصدر سوى القليل من سندات الدين الدولية خلال الأعوام الماضية، إلى الحد الذي قد يكون من المستحسن القيام به، من أجل الاحتفاظ بمكانتها في سوق السندات الدولية وعدم إلغاء المستثمرين للحدود الائتمانية. ولا تُدرج بعض الديون بشكلٍ مباشرٍ في الميزانية العمومية للدولة، ولكن قد يكون لها تأثير غير مباشر. ويوجد في قطر شركات مملوكة للدولة، وقد قامت تلك الكيانات بتخفيض ديونها بشكل كبير خلال العام الماضي نظرًا للتدفقات النقدية الجيدة وارتفاع تكلفة الديون. وقد شجعت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا دول الخليج على خفض مستوى سيطرتها المباشرة على الاقتصاد. وفي اجتماع لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في مراكش، تناول وزير المالية سعادة السيد علي بن أحمد الكواري منظورًا إستراتيجيًا، مشيرًا إلى الحاجة لخفض الديون، وضبط الأوضاع المالية، والتحول السلس للطاقة، وتجنب السياسات المالية المسايرة للدورة الاقتصادية pro-cyclical fiscal policies”». وطالب بدعم المؤسسات المالية الدولية والمجتمع الدولي للتعامل مع التحديات الكبرى، وخاصة تنفيذ اتفاق باريس لمواجهة تغير المناخ. وتتسم العديد من التحديات بكبرها وتعقيدها البالغ بدرجة لا تمكن الدول من التعامل معها بشكلٍ منفردٍ. وقد واصلت دولة قطر الارتقاء بدورها الدولي المؤثر؛ فقد أصبحت شريكًا نشطًا في دعم صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في المبادرات العالمية الرامية للحد من الفقر. وفي اجتماع صندوق النقد الدولي، وقعت الحكومة اتفاقيتين مع صندوق النقد الدولي لدعم صندوق الحد من الفقر وتحقيق النمو وصندوق المرونة والاستدامة. وقال سعادة السيد علي بن أحمد الكواري إن هذا الإعلان يؤكد على التزام دولة قطر بالمبادرات متعددة الأطراف للحد من الفقر ومواجهة الأزمات. وفيما يتعلق بالالتزام بالمعايير الدولية للإدارة الاقتصادية السليمة، ضربت قطر نموذجًا يحتذى به خلال السنوات الأخيرة، وهي الآن ترتقي لأداء دور قيادي في هذا المجال.