21 سبتمبر 2025
تسجيلعند الحديث عن الجمعيات وتنظيمها القانوني فإن أول ما يتبادر إلى الأذهان أن ينصب الأمر حول انتظام مجموعة من الأشخاص تحت إطار يوحدهم سواء من حيث المبادئ أو الأهداف أو الأسباب، وذلك لوجود قاسم مشترك يجمعهم، لكن عملية الانتظام تحت لواء جمعية تستلزم ضبطا يصعب تحقيقه من قبل الأفراد إذا ترك الأمر إلى إرادتهم خصوصا في حال وجود اختلاف في الآراء بين من يعتزمون إنشاء جمعية، لذلك كان لزاما على القانون أن يتدخل في تنظيم هذه العملية وتحديد ضوابط وإجراءات محددة قبل أن تخرج أي جمعية للعلن وتبدأ في ممارسة نشاطها. والجمعيات تلعب دورا مهما داخل المجتمع نظرا لكونها إطارا يتمكن من خلاله أعضاؤه من التعبير عن أفكارهم والدفاع عن وجهات نظرهم في ضوء موضوع الجمعية التي ينتمون إليها، كما تعد الجمعيات صلة الوصل التي تربط أفراد المجتمع بالجماعات في الدولة من حيث إيصال أصواتهم وما يرغبون أن يتحقق عن الأجهزة المنظمة لمجالات البلاد، لأنه دون جمعية تنشط في مجال معين يصعب أن يصل رأي أو فكرة الفرد إلى الساهرين على تسيير ذلك المجال في الدولة. والجمعيات في قطر يمكن إنشاؤها وأن تشرع في ممارسة أنشطتها طبقا لما ورد ضمن المرسوم بالقانون رقم 21 لسنة 2020 المتعلق بتنظيم الجمعيات والمؤسسات الخاصة، وقد أعطى هذا القانون تعريفا للجمعيات في مادته الأولى بأنها: «جماعة تضم عدة أشخاص طبيعيين أو اعتباريين يشتركون معا في القيام بنشاط اجتماعي أو ثقافي أو علمي أو تربوي أو مهني، ولا يكون من أغراضها تحقيق ربح مادي أو الاشتغال بالأمور السياسية»، فهذا التعريف حدد النطاق الذي يمكن على أساسه تأسيس جمعية واستلزم بالضرورة ألا يكون الغرض من الجمعية تحقيق ربح مادي أو الاشتغال بالأمور السياسية، لأن ذلك سوف يخرجها من الغاية المراد تحقيقها من خلال تأسيس كل جمعية، وستصبح عندئذ أشبه بالشركات والمؤسسات المهنية التي تصبو إلى ربح مادي. نص المرسوم بالقانون رقم 21 لسنة 2020 على الشروط والإجراءات التي يستوجب احترامها من أجل السماح للجمعيات بمباشرة أنشطتها، وأهم إجراء هو الحصول على الموافقة بإنشاء الجمعية من الجهة الإدارية، وذلك بهدف التثبت من مدى احترام هذه الجمعية المراد إنشاؤها للضوابط، ومدى توافق نشاطها أو أغراضها مع القانون، وعدم وجود ما يمس بالنظام العام داخل المجتمع. وتتم عملية الموافقة من خلال تقديم طلب إلى وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة من أجل تسجيل وشهر الجمعية ترفق به المستندات المنصوص عليها ضمن المادة 6 من المرسوم بالقانون رقم 21 لسنة 2020 وهي محضر اجتماع اللجنة التأسيسية للجمعية، سند ملكية أو أي وثيقة تفيد بمقر الجمعية، شهادة حسن سيرة وسلوك الأعضاء، صور بطاقاتهم الشخصية، ما يفيد تسديد الرسم المقرر، قرار تفويض اللجنة التأسيسية للعضو المكلف بإجراءات التسجيل والشهر. عقب ذلك تستلم الإدارة المعنية الطلب وتشرع في دراسته وإدخال ما تراه مناسبا من تعديلات على العقد التأسيسي وفقا لما تتطلبه المصلحة العامة، بعد ذلك يعرض الطلب من طرف وزير التنمية الاجتماعية والأسرة على رئيس مجلس الوزراء من أجل إصدار الوزير قراره بتسجيل وشهر الجمعية، بعد ذلك تكون الجمعية قد حصلت على الموافقة ويتم تسجيل اسمها ضمن سجل خاص بوزارة التنمية الاجتماعية والأسرة يشار فيه إلى اسمها ومقرها وأغراضها ومدتها وسنتها المالية، وأسماء أعضاء اللجنة التأسيسية، واسم العضو الذي ناب عنها في اتخاذ إجراءات التسجيل والشهر، وعدد أعضاء مجلس الإدارة، ومن يمثل الجمعية قانوناً. وتتم عملية تسجيل وشهر الجمعيات بواسطة الوزارة التي استلمت طلب الإنشاء، إذ تقوم بنشر عقد تأسيسها ونظامها الأساسي في الجريدة الرسمية وإصدار شهادة تسجيل موقعة من طرف الوزير المعني، وبعد استكمال عملية التسجيل والشهر تكتسب الجمعية شخصيتها المعنوية المستقلة وتصبح مرخصة بممارسة النشاط الذي أنشئت من أجله وفق احترام نصوص القانون والنظام العام داخل المجتمع. ويكون مسموحا لها بذلك خلال ثلاث سنوات يمكن تمديدها لنفس المدة أو لمدد أخرى مماثلة، حسب ما تقتضيه الأحوال.