11 سبتمبر 2025
تسجيلفي هذا المقال نعود مع القصص القصيرة الخيالية بعد انقطاع قصير، فدائما ما تكون هناك حكمة وعظة في مثل هذه القصص، ولا بأس أن أذكر وأعيد وأكرر أنها مجرد قصة قصيرة من نسج الخيال لا تمت للواقع بصلة. كان يا مكان في سالف العصر والزمان، كان هناك قرية صغيرة يحب أهلها رياضة كرة القدم، ولكنهم بالرغم من عشقهم لها لم يتمكن منتخب قريتهم من الوصول إلى النهائيات القروية التي كانت تنظم بين القرى المختلفة في القارة الكبيرة والمترامية الأطراف، فدائما ما كان ينتهي بمنتخبهم المطاف إلى الخروج من التصفيات المؤهلة، ولكنهم كانوا دائما يتمسكون بأمل أن يصل منتخبهم القومي يوما ما إلى التصفيات النهائية ويحقق المنتخب "المودماني" كما يطلق عليه في القرية أحلامهم في التواجد في هذه البطولة الكبرى. وبالفعل في أحد الأيام استطاع المنتخب المودماني أن يصل إلى التصفيات النهائية، ولحسن حظهم أن البطولة ستقام على أرضهم وبين جماهيرهم، فقد قررت اللجنة المنظمة لهذه البطولة أن يكون موعد إقامتها بعد بضع سنوات، الأمر الذي أتاح لأهل القرية الفرصة إلى العمل لتجهيز فريق يليق باسم قريتهم. لم يضيع أهل القرية الوقت بل عملوا بجد وجهد، فهم يدركون أن أمامهم فرصتين ذهبيتين، الأولى هي احتضان البطولة الأمر الذي سيساعد في تطوير مرافق القرية وملاعبها من جهة. ومن جهة أخرى سيذيع صيت القرية في المحافل القروية بأنهم نظموا هذه البطولة وهو أمر نادر حصوله في قارتهم، وبالفعل عكف أهل القرية على العمل بشكل متوازٍ بين تجهيز القرية للحدث الرياضي الكبير، وبين تجهيز فريق يشرفهم ويرفع رؤوسهم في هذه البطولة الكبيرة. وفي يوم افتتاح البطولة والذي حضره لفيف من أكابر القرى المجاورة في القارة وحشد عظيم من أهل القرية لمساندة منتخبهم "المودماني" وفي أولى مبارياته في البطولة القروية الكروية، نزل الفريقان إلى أرض الملعب واستعدا لصافرة الانطلاقة، ودعوني أنقل لكم صورة ما حدث في هذه المباراة التخيلية من خلال تقمصي لشخصية معلق المباراة. معلق المباراة في الدقيقة الأولى "أعزائي المشاهدين أطلق حكم المباراة صافرته لنتابع سويا أحداث مباراة منتخبنا المودماني ومنتخب قرية "الكركند"". معلق المباراة في الدقيقة الخامسة "معليش يا شباب فيه وقت نعوض، شدوا حيلكم"، معلق المباراة في الدقيقة العاشرة "هجمة مرتدة لمنتخبنا، لكن وين تسديدة غير موفقة إلى مدرجات الجمهور". في الدقيقة العشرين "ما زال الضغط على منتخبنا من فريق الكركند، ولاعبين المنتصف في فريقنا ما زالوا غير موفقين في الربط بين الدفاع والهجوم واللي كأنه غير موجود". في الدقيقة الثلاثين "لا لا لا خطأ دفاعي والهدف الثاني لفريق الكركند". في الدقيقة السابعة والأربعين "يعلن حكم المباراة انتهاء الشوط الأول بتقدم منتخب الكركند بهدفين لي لا شيء، أتمنى من الطاقم الفني تدارك أخطاء الشوط الأول والتعويض في الشوط الثاني". في الشوط الثاني لم تتغير مجريات اللعب، وانتهت المباراة بفوز فريق الكركند بعد أن زاد غلته من الأهداف، الأمر الذي أصاب أهل القرية بصدمة وخيبة أمل كبرى لم يتوقعوها، فهم لم يبخلوا على منتخبهم طوال سنوات الإعداد الطويلة، وأنفقوا المال وبذلوا الجهد حتى يشرفهم منتخبهم في هذه اللحظة التاريخية الهامة بالنسبة لهم، ولكن للأسف أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، وظهر منتخبهم باهتا وضعيفا ومفتقدا لأبسط أساسيات كرة القدم من دقة التمرير وسرعة الأداء ومهارات التحكم بالكرة، فأدى كل ذلك إلى الخسارة الرهيبة في جميع مبارياته في البطولة. بعد انتهاء البطولة أمر أهل القرية بتشكيل لجنة للتحقيق في أسباب الأداء الضعيف لمنتخبهم المودماني بالرغم من كل ما أنفق عليه من أموال، وبدأت اللجنة بالفعل بإجراء تحقيق شامل استمر عدة شهور، وفي النهاية قدمت تقريرها لأهل القرية. يا ترى ماذا كانت نتيجة تحقيق اللجنة؟ وماذا فعل أهل القرية بعد ذلك؟ هذا ما سوف نتابعه في مقال الأحد القادم إن شاء الله.