17 سبتمبر 2025

تسجيل

بوتين .. الخوف من شبح أفغانستان

23 أكتوبر 2015

يظهر الرئيس الروسي بشكل متصاعد، أن حربه وعدوانه العسكري على الشعب السوري، يستهدف إحداث تغيير في التوازن العسكري لفرض تسوية سياسية عاجلة ومستعجلة الخطى، خشية أن يتحول عدوانه من تحقيق المصالح الاستعمارية لروسيا، إلى حرب استنزاف للقوات الروسية تنتهي إلى إزالة كل النفوذ والدور الروسي في الشرق الأوسط. بوتن يعيش في ظل هاجس الخوف من تحول سوريا إلى أفغانستان، ولذا هو يتحرك عاجلا لاستثمار خطوته بالعدوان العسكري للحصول إلى توافق دولي وإقليمي حول حل في سوريا، يمكن روسيا من الحفاظ على وجودها ودعمه دون أن تتحول خطوة بوتن المغامرة إلى كارثة ارتدادية على روسيا.هنا كانت خطوة استدعاء بوتن لبشار في موسكو، وهنا يمكن تسكين تصريحات بوتن خلال وجود بشار، في تلك الخانة، إذ قال: إنه يأمل أن توفر التطورات العسكرية (يقصد عدوانه) في سوريا قاعدة لحل سياسي طويل الأمد تشارك فيه كل القوى السياسية والجماعات العرقية والدينية. ويجري تسكين حديثه عن الانفتاح على الإقليم والدول الكبرى في الوصول إلى هذه التسوية. وهنا يمكن البحث في هدف موسكو من لقاء وزراء خارجية روسيا وأمريكا والسعودية وتركيا، دون إصرار على حضور وزير الخارجية السوري أو الإيراني. فتلك اللقاءات تستهدف إظهار العدوان العسكري الروسي على الشعب السوري وثورته، وكأنه حالة إنقاذ للوضع والأزمة السورية، ووقف استمرار الصراع على طريقة إخماد المعارك بشن عدوان كبير!.غير أن شبح خوف بوتن سيتحول إلى حقيقة مهما فعل، طالما هو يقتل في الشعب السوري. الأمر يتعلق في جانب منه بمواقف بعض الأطراف الدولية التي تتعامل مع العدوان والتدخل العسكري الروسي في سوريا بمنطق إيقاع الدب لنفسه في المصيدة مختارا أو على سبيل الخطأ الاستراتيجي نتيجة تضييق الخناق عليه، وتلك الدول تؤمن أن سلخ الدب "القاتل" هو الحل الوحيد، الذي يجب تغطيته بمناورات هنا وهناك. والأمر يتعلق بالدرجة الأولى بالقوى الحية للشعب السوري، التي رفضت من قبل كل ما طرحته روسيا خلال حواراتها مع بعض أطراف المعارضة في موسكو، وهي لن تقبل حلولا تفرضها روسيا بقوة السلاح والعدوان العسكري المباشر وأعمال القتل للمدنيين، وإلا لكانت قبلت بفرض بشار لبقائه بالقوة العسكرية.ومن قبل من بعد فالحلول الروسية التي تحاول إنقاذ الأسد من المحاكمة أو إنقاذ نظامه العسكري والأمني والاستخباري والطائفي، لا تعني لثوار سوريا، سوى إعادة إنتاج نظام الأسد محسنا أو مهجنا وليس إعادة تأسيس النظام السياسي وبناء دولة سورية، كما استهدفت الثورة وقدمت التضحيات ولا تزال.لذا، فان تعاملات بوتن مع الدول والأطراف الأخرى، بتصور أنها صاحبة قرار كامل وشامل في سوريا، قد تستهدف أيضا، تحطيم العلاقة بين الثورة والثوار في سوريا والحلفاء، كمقدمة لتغيير توازنات القوى، بأكثر مما يستهدف الوصول إلى حل للأزمة في الوقت الراهن.والحال، إن مواجهة قوات بوتن على الأرض السورية وإمداد الثوار ببعض من السلاح النوعي الآن، هو الخطوة الحقيقية في المواجهة العسكرية وفي المفاوضات الدبلوماسية معا. وإذا كانت خطة بوتن تقوم على إضعاف الثوار وتغيير موازين القوى لفرض حل لمصلحة النظام وإيران وروسيا بطبيعة الحال، فيجب إفشال المحاولة أولا، عبر دعم حركة الثوار عسكريا، بما يمكنهم ليس فقط من منع النظام من التحول من الدفاع إلى الهجوم، بل بالتصدي للطيران الروسي وبإخراج القدرات الجوية لنظام بشار من ساحة المعركة، وهو ما يضع بوتن أمام خيارين كلاهما مر. أما أن يوقف حملته العسكرية العدوانية ويذهب إلى طاولة الحوار لإنقاذ نفسه لا لإنقاذ بشار وإيران وميلشيا نصر الله، أو أن يتحرك بحماقة ويرسل قوات أرضية فتكون هزيمته أقسى، كما كان الحال في أفغانستان. تلك الهزيمة ستغير الأوضاع استراتيجيا في الإقليم كله، إذ إن الانتصار على حلف إيران – روسيا في سوريا، سيكون بمثابة الخطوة التي ستحدث نقلة كبرى في الصراع الجاري في العراق -بلا أفق قريب للحل-، وتدفع بتلك المأساة للوصول إلى خط النهاية.