18 سبتمبر 2025
تسجيلقضية تربوية تعليمية مهمة، ما زالت تطرح وتطرق، دون تجاوب يذكر من الجهات المعنية في مجلس التعليم، القضية باختصار تتمثل في الدوام المدرسي الطويل وتأخر عودة الطلبة إلى منازلهم، مما أوجد لدى الطلبة شعوراً بالنفور وغياب العلاقة الحميمية بينهم وبين مدارسهم والتي يفترض أنها قائمة منطقيا ، لأن كلمة الطالب تشير إلى طلب الشيء حبا فيه، وليس هذا ما يحدث في المدارس، فلم يعد الطلبة راغبين أو محبين للتعليم جراء أيام الدراسة طويلة الساعات ثقيلة الأعباء، ناهيكم عن ممارسات التعليم الراهنة المثيرة للأسى وسخط الأهالي، ولم تعد سلبيات وانعكاسات تأخر رجوع الطلبة إلى منازلهم بحاجة إلى توضيح، بعد عناء يوم دراسي طويل منهك للقوى، لأن تأثيرات هذا الوضع تتحدث عن نفسها واقعا غير مرغوب فيه بطبيعة الحال . وقد اتفق خبراء تربويون ومختصون في علم النفس والاجتماع وأولياء الأمور على ضرورة تعديل توقيت انصراف الطلبة إلى المنازل وما ذلك إلا دعوة نحو تصحيح المسار الذي انحرفنا عنه، ليكون الإجراء السليم : رجوع طلبة الابتدائي من المدارس عند منتصف النهار ( 12 ظهرا) ويتلوهم طلبة الإعدادية بنصف ساعة ( 12.30) والثانوية عند الواحدة ظهرا، وهكذا نضمن فارقا زمنيا يسهل على الآباء ومن يساعدهم الوصول إلى المدارس وتوصيل أولادهم إلى البيوت في وقت مناسب ومريح ونتخلص بذلك من مشكلة تزامن دوام وانصراف الطلبة مع موظفي القطاعين الحكومي والخاص مع التذكير باستخدام كثير من الطلبة للحافلات المدرسية التي لا تكاد تستقر أمام منازلهم إلا قبيل المغرب !! ، كما يحصل حاليا ويفاقم من زحمة المرور الخانقة التي تلازمنا أينما ذهبنا . فهل تجاهل مسؤولو التعليم أن الطالب والمعلم كلاهما بحاجة إلى الراحة والتخلص من الضغوط النفسية والعصبية، وأن حسن استغلال الأوقات بعد عناء الدراسة والتدريس مطلب بالغ الأهمية لتحسين مستوى التحصيل العلمي، ومعلوم أن زمن وكثافة الحصص المدرسية تؤثر على النواحي السلوكية والتعليمية للطلبة سلبا أو إيجابا، ولذلك يجب احتساب أوقات ومقدار الكم الدراسي تبعا للخصائص النفسية والسلوكية لكل منهم في مراحل التعليم الثلاث مع مراعاة الخصائص الاجتماعية والبيئية المحيطة، فلماذا يفرضون على الطلبة واقعا تعليميا يبعث على الملل والنفور وفقدان الدافعية نحو طلب العلم؟! أما ادعاء القدرة على الجمع بين الكم والكيف في ظل الأوضاع التعليمية الراهنة أو ما يسمى بالتمدرس، فليس سوى فرية بعيدة عن الصواب؛ نظرا لأن قدرة الشخص السوي على الاستيعاب بتركيز مستمر لن تتجاوز نصف ساعة في المتوسط، إضافة إلى ما تحويه مقررات المدارس هذه الأيام من معلومات مكدسة وما تمثله الكتب المصقولة الثقيلة من عبء تعليمي ومادي يرهق كاهل الطلبة، والعبرة كما نعلم بالكيف وليست بالكم . ومن هنا فإن تخفيض زمن الحصص المدرسية وتعديل مواعيد انصراف الطلبة من المدارس يغدو ضرورة تربوية تعليمية حتمية لا مناص من تطبيقها وكفانا ما لاقيناه من عناء وعواقب جراء الإصرار على تأخير انصراف الطلبة إلى منازلهم وما يكرسه من حالة الانفصام والخصام المفتعل، بين الطلبة ومدارسهم من ناحية وبين مسؤولي التعليم وأولياء الأمور من ناحية أخرى . فماذا بعد يا ساعات التمدرس !؟. لفتة تربوية: من مفارقات تعليمنا العجيب، عقدت لجنة مكونة من موظفتين تجريان مقابلة مع موجه تربوي من كوادرنا الوطنية (استدعي من جديد ) ، والزميلتان أقل منه خبرة وإنتاجية ، عبر سنين ميدانه الحيوي، إحداهن تسأله: ما هي إنجازاتك؟ !! وهذا السؤال ينم عن سطحية فكرية وسوء تقدير، لأن إنجازات المرء تتحدث عنه وليس هو من يتحدث عنها، وكان الأحرى أن تسأله: كيف يمكن أن نستفيد من خبراتك الثرية.