26 أكتوبر 2025

تسجيل

منهج حياة

23 أكتوبر 2014

لا يمكن لمحزون أن يقرأ سورة يوسف ولا يجد فيها علاجاً روحياً ونفسياً وفكرياً خاصة عندما يتمعن ويتفكر حكمة الله وقدرته ورسائله التي يرسلها لنا من خلال هذه السورة العظيمة. بل لابد أن نعرف انه رغم ما فيها من محن وبلاء إلا أننا نجد أن جميع من فيها من أشخاص نهايتهم كانت سعيدة وهي تشعرنا بأهمية الفأل الحسن الذي أوصانا عليه رسول الله حينما قال (تفاءلوا بالخير تجدوه) وصدق الله العظيم حينما قال (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب) وقال ابن القيم أن في سورة يوسف ألف عبرة وفائدة لذا لابد أن يكون إعجاز هذه السورة وما فيها من فوائد واضح لمن تأمل فيها وقرأها بقلب خاشع متدبر ولا أخفيكم أنني ظللت أسمع هذه السورة ما يقارب الستين يوماً أتفكر فيها كلمة كلمة ومعنى معنى أتوقف عند كل آية وأتخيل القصة وكأني أشاهدها أمام عيني أقيس وقائع الأحداث على ما يمر بنا كل يوم فأجدها متشابهة في شكلها تختلف في مضمونها بل البعض منها يتشابه في نهايتها فالقصص في حياتنا متشابهة كل منها فيها الظالم والمظلوم الجاني والمجني عليه ولكن النهاية واحدة فوالله لن تكون السعادة للظالم ولن تكون للجاني. لذا عندما أقول أن في سورة يوسف نهج حياة فأنا أقولها بعد أن وجدت أنها تعلمنا كيف نعيش حياتنا خلقاً وعملاً فكراً وقولاً وكيف نتكيف مع الأحداث أياً كانت بقلب صابر وراضي ومؤمن أن لله له حكمة في كل أمر وأنه الخير كلة عاجله وآجله. استشعروا معي وأنتم تستمعون لهذه السورة أليس فيها من كلمات اللطف والأنس وتحمل جو الأنس والرحمة فهي صاحبة تعبير فريد تجري في الدم وتستريح لها الروح وتأنس بها بل إن قصة يوسف لم تروى إلا في سورة يوسف فقط بعكس بقية القصص فكانت تأتي في أكثر من سورة وكانت قصة متكاملة في مكان واحد فكانت آيات للسائلين (لقد كان في يوسف وأخوته آيات للسائلين). كما علينا اليوم أن نعرف أن النصر والتمكين في الأرض لن يأتي إلا بالابتلاء وتلك الابتلاءات إنما هي سبب للحكمة والمعرفة فالقائد لا يكون قائداً إلا بخبراته وحكمته وقدرته على قيادة الناس والحكم بينهم بالعدل واستشعار همومهم وحاجاتهم. وعندما نقول النصر والتمكين في الأرض فنحن نتحدث عن كل سيادة ومركز يتولاه أي شخص ولنتتبع قصص العظماء في الحاضر والماضي لنجدهم أصحاب تاريخ فيه من البلاء والعقبات والشدائد وهي علامات نجاحهم وتقدمهم لأنهم أصحاب نفوس وهمم عالية لم تجزع ولم تقنط ولم تستسلم بل كافحت وتحملت فعوضهم الله ولنشاهد من حولنا من الناس ولندرس حياتهم فلن نجد محسناً غير سعيد ولن نجد مؤمناً شقيا ولن نجد صادقاً ظالماً فذلك منهج حياة.