20 سبتمبر 2025

تسجيل

المرشح وفخ الهوية

23 سبتمبر 2021

جميع برامج الاخوة المرشحين الذين استمعت لهم طالبوا بأهمية المحافظة على الهوية القطرية، ولم يشرح أحد منهم ما المقصود بالهوية القطرية؟ ولا كيفية المحافظة عليها؟ الحقيقة أن الهوية مابه تكون لا تستطيع أن تثبته ولكن تستطيع أن تكونه فقط، الذين يعتقدون أن الهوية شيء يجب الدفاع عنه مخطئون، وجودك وكينونتك هي هويتك، كيف يمكنني أن أدافع عن كوني قطرياً، الكينونة وجود متحقق ذو بعد انطولوجي زمني؟ ما يفيض عن كينونتي من مظاهر تدل عليها زمنية الطابع وقابلة للتغير والتبدل مع الوقت فهي ليست كذلك موضوعاً للدفاع عنها، لأنها عرضة للزمن وتغيراته كما قلت سواء زي أو تقاليد أو عادات. ولكن قد تكون موضوعاً للمحافظة، ولو لاحظنا أن كثيرا من العادات تغيرت والسلوكيات كذلك بل ان مفهوم الكرم ذاته وهو مفهوم جلل في مجتمعاتنا لم يعد يحمل نفس المعنى الذي كان يحمله في السابق وحتى طريقة اللبس وقديماً لا يخرج الرجل من منزله إلا مرتدياً البشت، وكنا نرى الجميع في سوق واقف يرتدي بشتاً، اليوم نادراً ما ترى ذلك إلا في حفلات الزواج أو مناسبة جداً رسمية. علينا أن نفرق بين الذات وهي موجودة ولا تحتاج إلى حماية إلا في حالة تعرضها للإبادة، وبين الشخصية وهي الإطار رسمي تمنحه الدولة لمواطنيها من خلال قانون الجنسية والامتيازات المتحصلة والمترتبة على ذلك، ما يعتقده الاخوان انه هوية هي أمور متعلقة بالشخصية القطرية وليس بالهوية القطرية وبعضها يخص المجتمع والبعض الآخر أمور سيادية، علم الدولة، شعار الدولة، النشيد الوطني تعني بها الدولة، الهوية هي كينونة الإنسان القطري، ما أراه مهماً ليس الدفاع عن الهوية ولكن ماهي الوسيلة التي تجعل من إمكانية التطابق والاستيعاب بين الهوية والشخصية الرسمية المكتسبة في مجتمعاتنا في أعلى درجاتها. من خلال قوانين وتشريعات متقدمة تضع الأمن والاستقرار في بؤرة الوعي. الإشكالية التي تعاني منها دول الخليج، أن كثيرين ممن يمتلكون الهوية لا يتحصلون على الشخصية الرسمية للدولة الذي أشرت إليه "ظاهرة البدون على مستوى الخليج" مثالاً وكذلك ما حصل مؤخراً عندنا دليلاً على ذلك، فليس هناك خوف على الهوية ماثلاً ولا حتى مستقبلاً، لكن يجب أن يكون هناك سعي وعمل وإدراك على استيعاب الشخصية الرسمية لأكثر محتوى من الهوية بشكل يعزز وجود الدولة ويحمي الإنسان ويكفل له حريته وأمنه ومستقبل أجياله. دولنا ستتجه راضية أو مجبرة لأن تصبح مجتمعات العلاقة فيها وسطية وستختفي جذور التأسيس مع الوقت مثل النبات الذي ينتشر على الأرض بلا جذر. إذا لم نخرج من سجن الهوية إلى أفق الشخصية المدنية سنظل نحتاط من وهَم الغياب ونحن في عين الوجود. [email protected]