26 أكتوبر 2025

تسجيل

طيور الأبابيل القطرية

23 سبتمبر 2018

لقد شد انتباهي، في بداية أغسطس 2018، قيام سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشئون الدفاع بزيارة إلى مصنع شركة بوينج الأمريكية وفي خلال الزيارة قام بتدشين مشروع خط الإنتاج لطائرات "إف 15" لصالح القوات الجوية الأميرية القطرية. الخبر حتى الآن هو خبر عادي قصد منه إلقاء الضوء على أهمية تحديث وتطوير قدرات القوات الجوية الأميرية القطرية بتوفير المقاتلات الحديثة لحماية مقدرات الدولة. وذكر الخبر أن المشروع يهدف لإنتاج 36 مقاتلة في صفقة تقدر قيمتها بحوالي 12 مليار دولار. ولكن الغريب في الأمر هو تسمية مشروع الخط الإنتاجي باسم "أبابيل". ورب العالمين ذكر "أبابيل" مرة واحدة في القرآن الكريم وذلك في قوله تعالى "وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ" الفيل: 3. ومعنى الآية هي أن الله بعث عليهم طيراً جماعات وأسراباً متتابعة. وقصة الطير الأبابيل تتلخص في أن أبرهة بن الصباح الحبشي (أبرهة الأشرم) خرج من اليمن بقومه وجيوشه من الفيلة لهدم بيت الله الحرام. ولقوة الجيش وكثرة عدد أفراده وعتاده لم يستطع أحد أن يقف أمامه حتى وصل إلى موقع قريب من مكة المكرمة. ولخوف أهل مكة من جيش أبرهة فقد قاموا بالخروج من مدينتهم وتحصنوا في رؤوس الجبال، وأصبح الوصول إلى مكة بدون أي عقبات أمام جيش أبرهة. واستعد الجيش لتنفيذ مهمته في هدم ".. أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ" آل عمران: 96، ولكن خاب مسعاهم فقد قام رب العالمين بتسليط أصغر أنواع الطيور وهم "الخطاطيف" أو ما يعرف بـ "السنونو"، وكل واحد منها، كما تذكر الروايات، كان يحمل ثلاثة أحجار من الطين المحروق معه، ورمت هذه الطيور الحجارة على جيش أبرهة فأبادته، وسلم بيت الله من مخططات هدمه. إن رب العالمين عندما يورد القصص في القرآن يقصد منها أن تكون عبرة لأصحاب العقول لقوله تعالى "لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَاب" يوسف: 111. وللقصص في القرآن حكم كثيرة من أهمها أن تكون محذرة للكفار، ورادعة لمن تسول له نفسه بإتيان نفس أفعال من سبقوه. إن دولة قطر عندما اختارت تسمية الخط الإنتاجي لمشروع طائراتها الحديثة فهي أطلقت كلمة "أبابيل" وهذا في اعتقادي أبلغ مسمى لمثل هذا المشروع. فدولة قطر هي دولة مستهدفة من قبل جيرانها "الأشقياء" وليسوا "الأشقاء". فلقد حاول هؤلاء الجيران غزو قطر عدة مرات كان آخرها في بداية يونيو 2017. إن ابرهة الأشرم عندما أراد تحطيم الكعبة قام بذلك، وكما يعتقد، بأنه نصرة للدين المسيحي الذي يعتنقه، ولكن "الأشقياء" ليس لهم أي عذر في محاولاتهم القذرة في احتلال قطر سوى الحسد والحقد. فالدين واحد، واللغة واحدة، والأسر متداخلة، والثروات لكل دولة كبيرة (بعضهم ضيع ثروات بلاده في مهاترات غير محسوبة). ومع ذلك وبسبب تسمية قطر بـ "كعبة المضيوم" طلع لنا أربع نسخ من ابرهة الأشرم، مبتغاهم الأسمى هو تحطيم هذه الكعبة التي يلجأ لها كل من ظلم أو تم إذلاله في بلاده الأساسية. والتاريخ يذكر لنا عدة حوادث تبين لنا أن قطر لجأ إليها العديد من الشخصيات بسبب الظلم الذي تعرضوا له في بلادهم. ونذكر هنا بعض الشخصيات السعودية التي لجأت إلى قطر وتمت حمايتها من أمثال عبدالرحمن بن فيصل آل سعود ومعه ابنه عبدالعزيز والد ملوك السعودية الحاليين، والهزازنة (أمراء منطقة الحريق في نجد)، والعرايف (فرع من آل سعود هزمهم عبدالعزيز آل سعود)، وعبدالله بن نادر (أمير السليل من وادي الدواسر الذي لجأ إلى قطر خوفاً من بطش عبدالعزيز آل سعود)، وغيرهم الكثير والكثير. إن الشعب القطري، ومنذ القدم، معروف بأنه مسالم، ولا يمارس مهنة الغزو والسلب، ولكن هذا الشعب الوديع ينقلب إلى وحش كاسر إذا تجرأت أي جهة على المساس بمقدراته أو بأرضه، ويكون رده دائماً قاسيا وقاتلا، وشعوب المنطقة تعلم ذلك. والكثير من تلك الشعوب ندمت أشد الندم بالتعرض للشعب القطري، لدرجة أن بعضهم، لعلمهم بأن القطريين لا يتعرضون للنساء في معارك الثأر، تنكر بالملابس النسائية للهروب من مواقع المعارك خوفاً من بطش القطريين. إن طائرات الأبابيل القطرية "إف 15" هي واحدة من أهم الطائرات المقاتلة التي تعطي تفوقاً جوياً فوق أرض المعركة، ولقد صممت لحمل أحدث الأسلحة المتطورة منها صاروخ ASM — 135، وهو صاروخ مضاد للأقمار الصناعية، وصاروخ Aim 120 C7 AMRAAM، وهو صاروخ بعيد المدى، وصاروخ Aim 9X Sidewinder، وهو صاروخ قصير المدى، وصاروخ AGM 88B، وهو صاروخ مضاد للرادارات، وصاروخAGM — 84 Block II HARPOON، وهو صاروخ مضاد للسفن. ولم تكتف قطر بشراء نوع واحد من هذه الأبابيل، بل قامت بشراء عدد من طائرة "تايفون" البريطانية وهي طائرة مقاتلة حربية متعددة المهام، وأيضاً قامت بشراء مجموعات مقاتلة من نوع "الرافال" الفرنسية وهي طائرة حربية متعددة المهام. وعززت قطر أبابيلها بمئات الصواريخ الموجهة من مصادر متنوعة، أهمها صواريخ SY — 400 الصينية (تمت مشاهدة بعضها في احتفالات اليوم الوطني 2017)، وهذه الصواريخ تعتبر قصيرة المدى يبلغ مداها 500 كم، وهي تتمتع بدقة عالية في ضرب الأهداف. (للعلم فقط أن المسافة بين الدوحة والرياض 470 كم، وبين الدوحة وأبوظبي 340 كم). وطبعاً هناك صواريخ وتقنيات لم تكشف دولة قطر عن حيازتها وهي منظومة متكاملة لدحر أي عدوان محتمل عليها. ويدعم كل ذلك الإعداد الجيد للجيش والشعب القطري. وفي الختام نقول إن رب العالمين قد حمى كعبته بالطير الأبابيل، وأيضاً رب العالمين، إن شاء، سوف يحمي كعبة المضيوم لأنها تسير على طريق الحق والخير، وفيما يرضي رب العباد. ولقد فعلت دولة قطر خيراً في تطوير ترسانتها العسكرية، ولم تعد تكتفي بالأسلحة الدفاعية فقط، بل تجاوزتها لتشمل أسلحة هجومية. وهذه الأسراب أو الأبابيل المدعومة من الشعب القطري، المدرب تدريباً عالي المستوى، مع جيوش الدول الشقيقة والصديقة، قادرة أن تعيد كل من تسول له نفسه بالمساس بمقدرات البلاد والعباد، بل وتستطيع نقل المعارك لقلب تلك الدول المارقة. وفي ختام المقال اعزي الجميع، وبخاصة أبناء وأحفاد الفقيد عبدالرحمن بن عيسى المناعي الذي أحب الناس في الله وأحبوه الناس على قدر تلك المحبة، وأسأل المولى أن يغفر له وأن يرحمه ويكرم نزله ويوسع مدخله، وأن ينقله من ضيق اللحود إلى جنات الخلود، إن ربي لسميع الدعاء. والله من وراء القصد،، [email protected]